بات من المؤكد أن أية قضية في زماننا هذا؛ ومهما بلغت عدالتها هي بحاجة إلى قوة وتأثير الإعلام بأشكاله المتعددة مرئية ومسموعة ومقروءة، وأنها بحاجة إلى دوره في تشكيل الرأي العام والتأثير عليه وتوجيهه. والأسرى.. قضية عادلة، بحاجة دائماً إلى إعلام قوي يُوظف لمساندها، ويساهم في تفعيلها، ويُسلط الضوء على مجمل ملفاتها المتعددة والثقيلة، وما يتعرض له الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات فظة وجرائم إنسانية. ولا شك بأن هناك تجارب إعلامية كثيرة يمكن وصفها بالناجحة في هذا المجال، ويمكن أن تشكل كذلك نماذج تُحتذى، للاستفادة منها والبناء عليها وتطويرها واستنساخها ونقلها لمناطق وبلدان عربية أخرى، ولعل التجربة الإعلامية بالجزائر الشقيقة بشكل عام، وتجربة صوت الأسير الذي يصدر كملحق أسبوعي مع صحيفة الشعب الجزائرية بشكل خاص، تُعتبر واحدة من التجارب الإعلامية الناجحة التي يجب رعايتها والاستفادة منها ودعمها بهدف تطويرها والارتقاء بمستواها. صوت الأسير... ملحق مطبوع يختص بقضايا الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يصدر يوم الخميس من كل أسبوع، بعدما كان يصدر بالماضي يوم الأحد من كل أسبوع، وينشر ويوزع بانتظام مع صحيفة الشعب الجزائرية بمعدل 120 ألف نسخة أسبوعيا، وذلك منذ الأول من جانفي من العام الماضي، ومنح مساحة ثابتة على الموقع الإلكتروني الرسمي للصحيفة. (صوت الأسير).. ملحق ينشر على نطاق واسع في كافة أنحاء الجزائر الشقيقة وأصبح يتصفحه عشرات الآلاف من المواطنين والإعلاميين والمثقفين والمناضلين الجزائريين والعرب المقيمين بالجزائر، وأضحى النافذة التي يبث من خلالها أخبار الأسرى. صوت الأسير.. يشرف عليه نخبة من الإعلاميين الجزائريينوالفلسطينيين المتميزين، وبتعاون عدد من المختصين بشؤون الأسرى في فلسطين وعدد من الكتاب الأوفياء، وهؤلاء جميعا وبجهودهم الحثيثة تمكنوا من تطويره والحفاظ على ديمومة صدوره. واليوم ونحن نقرأ هذه التجربة الإعلامية الرائدة التي أسست لها سفارة فلسطين في الجزائر ولجنة الحرية لأسرى الحرية هناك، نشعر بالفخر بنجاحها وديمومتها في دولة عربية شقيقة. نعم.. هي تجربة إعلامية بارزة أثارت إعجابي، وتُثير اهتمامي، وتجذبني لمتابعتها، بحكم اختصاصي بقضايا الأسرى، وصدقاً كلما تحدثت وأينما أثرت أهمية ودور الإعلام الخارجي في دعم وإسناد قضية لأسرى أجد نفسي مضطراً لاستحضار التجربة الإعلامية بالجزائر لما سجلته من نجاحات. كما وأجد لزاماً علىّ إنصاف تجربة صحيفة الشعب الجزائرية لما تميزت به، كما لا يمكن الإشادة بدورها دون التطرق وبإسهاب إلى المكانة المتميزة لتجربة الملحق الخاص ب (الأسرى) كنموذج إعلامي ناجح في تناول قضية الأسرى. ولا يمكن الحديث عن نجاحات التجربة الإعلامية الناجحة بالجزائر الشقيقة، دون العودة إلى جذور العلاقة التاريخية ما بين الشعبين الجزائريوالفلسطيني بشكل عام، ودون الإشادة بجهود مجموعة كبيرة من الإعلاميين الجزائريين العاملين في الصحف الجزائرية الأخرى، ودون الإشادة بالدور المتميز لصحيفة الشعب الجزائرية، والجهود المبذولة والرائعة من قبل سفارة دولة فلسطين في الجزائر ولجنة الحرية لأسرى الحرية هناك لا سيما من قبل الأستاذ عز الدين خالد، والإعلامي سري القدوة والإخوة علي شكشك وتآمر المصري. وكثيرة هي المناسبات التي ناشدنا فيها الصحف الفلسطينية والعربية للاقتداء بتجربة صحيفة صوت الشعب الجزائرية وإصدار ملحق أسبوعي أو حتى شهري، لما لذلك من أهمية فائقة في دعم ومساندة حق الأسرى والقدس في الحرية والتحرر، إلا أن هذه التجربة وللأسف بقيت ماركة مسجلة حصرياً باسم (الشعب الجزائرية) مع تقديرنا للصحف المختلفة التي تفرد مساحات كبيرة لقضية الأسرى. وآمل أن يشكل ملحق صوت الأسير بالجزائر نموذجاً يُحتذى، وتجربة يُستفاد منها ويُبنى عليها نحو تطوير الإعلام العربي الداعم والمساند للأسرى، وهذا يستدعي جهودا فلسطينية من قبل السفارات والدبلوماسيين والجاليات الفلسطينية في الدول العربية الشقيقة للتأثير على أصحاب القرار والنفوذ في الصحف العربية المختلفة كي تحذو حذو صحيفة الشعب الجزائرية، وهذا من شأنه أن يساهم في التأثير على الرأي العام في الوطن العربي ويزيد من مساحة التضامن مع الأسرى وقضاياهم العادلة. ومن الأهمية بمكان التأكيد على أننا حينما نسلط الضوء على تجربة ملحق صوت الأسير وصحيفة الشعب، فإننا لا نقلل من شأن ودور باقي الصحف الجزائرية التي تخصص مساحات كبيرة لقضية الأسرى وهي بالمناسبة كثيرة ونذكر منها صحيفة صوت الأحرار، جريدة الحوار، الجزائر نيوز، جريدة الأمة، جريدة المحور الجزائرية، جريدة الجمهورية.. ولكن يبقى من واجبنا إبراز التجربة الأكثر إشراقا في هذا الصدد. وفي الختام نجدد شكرنا وتقديرنا لإدارة وطواقم صحيفة الشعب الجزائرية وعلى رأسهم المدير العام السابق السيد عز الدين بوكردوس والمدير العام الحالي السيدة (أمينة دباش) رئيس التحرير مختار سعيدي والمخرج الفني عبد الملك العلوي، ونؤكد احترامنا وتقديرنا للجزائر الشقيقة وشعبها العظيم ومواقفها التاريخية تجاه فلسطين وشعبها، وستبقى صرخة رئيسها السابق (هواري بومدين (نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة) تصدح في آذاننا، لأنها ليست مجرد صرخة من رئيس غادر سدة الحكم وفارق الحياة، بل لأنها صرخة توارثتها الأجيال، كما ستبقى مقولة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (استقلال الجزائر لن يكتمل إلا باستقلال فلسطين) بمعانيها العميقة وساماً على صدورنا ودَيناً في رقابنا.