خلفت الحوادث الأخيرة لاختطاف الأطفال حالة من الخوف والرعب في قلوب الأولياء الذين باتت عيونهم ساهرة لحفظ سلامة أبنائهم من حوادث الاختطاف والقتل والتنكيل بجثتهم، لاسيما وأن أغلب حالات الخطف تنتهي بإزهاق روح الطفل بأبشع الطرق، لذلك فتح الأولياء أعينهم على فلذات أكبادهم خاصة وأن المسؤولية الكبرى يتحملونها هم في حالة حصول أي مكروه للطفل، بعد أن لحقت تلك الحوادث إلى البيوت وصار الطفل في غير مأمن حتى وهو أمام باب منزله. ما تعيشه أغلب الأمهات الجزائريات في هذه الأيام هو أشبه بكثير بفيلم الرعب، بحيث راحت أغلبهن إلى توصية الأبناء وتزويدهم بالنصائح التي تدور كلها في وعاء عدم وضع الثقة في أي كان على مستوى الشارع حتى ولو كان من المعارف أو حتى من المقربين، بحيث وجب أن تنحصر ثقة الطفل الصغير في الوالدين والإخوة والأخوات كون أن بعض الجرائم التي راح ضحيتها أطفال صغار كان لبعض الأقارب ضلع فيها، لذلك راحت العائلات إلى تلك السبل من أجل حفظ سلامة أبنائها وحمايتهم من التعرض إلى حالات الاختطاف ومن بعدها التنكيل بجثتهم بأبشع الطرق. الحافلات مصدر هلع العائلات ما وقفنا عليه مؤخرا في إحدى الحافلات عبر العاصمة ذكرنا بحكاية (أمنا الغولة) التي تخشى الأم من وحشيتها على أبنائها وتذهب إلى ضمهم إلى صدرها وإخفائهم عنها، بحيث راحت إحدى الأمهات التي كانت برفقة بنتين صغيرتين ورضيع إلى الصراخ بعد أن ابتعدت ابنتها قليلا عنها وراحت تأمر أختها بإعادتها إلى مكانها مرددة (روحي جيبي أختك إلا يسرقوها) مما يؤكد أن رعب الاختطاف صار يلاحق الأمهات في كل مكان وباتت أعينهن ساهرة على فلذات أكبادهن. اغتنمن الفرصة واقتربنا من بعض الأمهات فأجمعن أن الهلع لا يفارقهن بعد العينات التي وقفن عليها مؤخرا على رأسها مأساة أم ياسر التي أبكت الكل واهتزت مشاعر الكل لمصابها، بحيث رددت قصتها المأساوية العديد من الأمهات منهم السيدة سجية التي قالت إنها لا تغفل على أبنائها في كل مكان وهي دائمة النصح لهم كون أن الوحوش الآدمية تتربص بهم في كل مكان من أجل التحرش الجنسي ولغايات أخرى تحدث ضد البراءة ونجهل أسبابها، فلماذا اختيرت البراءة بالذات على الرغم من ضعفها وحاجتها للحماية من طرف الكبار بل صاروا هم من يؤذونها بمختلف الأفعال، لتضيف أنها لم يعد يغمض لها جفن إلا بعد الاطمئنان على أبنائها وجعلهم أمامها في كل مكان. نفس ما راح إليه السيد جمال الذي قال إن الحافلات هي مصدر خطر للأطفال، بحيث هناك من ينتهز فرصة الاكتظاظ والتدافع من أجل الهروب بالطفل، كما أن العديد من الحافلات كانت شاهدة على تلك الحالات، وقال إن ما يحيره كثيرا ولحد الآن هو تسابق البعض على الصعود وترك أطفالهم من ورائهم، فمنذ أيام شاهد الموقف بحيث تسارعت إحدى الأمهات إلى الصعود وتركت أبنائها من ورائها حتى أن السائق أغلق الباب مما جعلها تنتبه أن أحد أبنائها لايزال خارج الحافلة، واحتار الكل من ذلك السلوك خاصة وأننا في وقت لا يرحم ولابد من اليقظة على الأبناء في كل مكان خاصة الأماكن التي يكثر فيها الازدحام أين تتحين الفرصة لهؤلاء المجرمين من أجل تنفيذ مخططاتهم الإجرامية ضد البراءة، وعلى كل حال وجب تنفيذ حكم الشنق عليهم في حال الوصول إليهم ليكونوا عبرة للآخرين ولكي يرتاح مجتمعنا من تلك الظواهر السلبية التي باتت تغزوه من كل جانب في السنوات الأخيرة. عطلة نغصها رعب الاختطاف الاهتمام اللامتناهي الذي يظهره بعض الأولياء أزعج أطفالهم وعكر عليهم الاستمتاع بعطلتهم على خلاف ما عرفته السنوات السابقة، بحيث أضحى الصعود من الحي إلى البيت يتم في وقت مبكر، لا خروج ولا قطع لمسافات طويلة إلا بإذن الأولياء، حتى أن بعض الرجال والشبان تكفلوا برقابة الأطفال على مستوى أحيائهم وألقوا على عاتقهم مهمة ترصد الأغراب الذين يدخلون إلى الحي خوفا من تعرض أطفال الحي إلى حالات الاختطاف أثناء لعبهم وسط المساحات الخضراء بالحي. ما قاله السيد مدني من بئر خادم الذي رأى أن رعب الاختطاف يطارد الكل حتى أنه عادة ما يتحدثون عنه بينهم في الحي ويتخذون تدابير وقاية الحي من تلك المخططات التي تكون صوب الأطفال، ليضيف (لدي ولدان لا ينزلان من البيت طوال اليوم حتى في آخر ساعات اليوم أين يرافقونني إلى الحي ويلعبون بمحاذاتي ولا أتوانى على إدخالهم المنزل في وقت مبكر خاصة وأن سدول الظلام يسهل تنفيذ تلك الجرائم في الأحياء). لكن وعلى الرغم من تلك الحوادث المتكررة هنا وهناك لاحظنا عبر بعض الأحياء تهاون الأولياء في حفظ سلامة أبنائهم عن طريق إطلاق العنان لهم بالبقاء في الشارع الذي لا يبرحونه إلا في ساعات متأخرة فيعرضون أنفسهم إلى مخاطر الاختطاف، إلى جانب الإزعاج الذي يلحق سكان الحي من شغبهم المتواصل ما بينه السيد مراد من الجزائر الوسطى الذي قال إنه على الرغم من حوادث الاختطاف إلا أن بعض الأولياء لا يعون خطورة الوضع وواصلوا لامبالاتهم بأطفالهم حتى يقع الفأس في الرأس ومن ثمة لا ينفعهم الندم ذلك ما يظهر من تركهم لساعات متأخرة على مستوى الشارع إلى جانب عدم الاهتمام بهم على مستوى الشواطئ التي من الممكن جدا أن تكون من بين الأماكن التي يتردد عليها هؤلاء المجرمون اللاهثون وراء البراءة لتحقيق غايات وأهداف دنيئة لا تمت للأخلاق بصلة. المنع من المخيمات الصيفية ألفت العائلات إرسال أطفالها في بعثات تبرمجها بعض الجمعيات والإدارات في إطار المخيمات الصيفية التي كان يتجاوب معها أغلب الأطفال، خاصة وأنهم يلتقون بأقرانهم على مستوى المخيمات فيلعبون ويمرحون ويقضون ساعات جميلة وفق ما يسطره الناشطون على المخيم الصيفي، إلا أن تلك العادة ألغتها العائلات بالنظر إلى الظروف التي تحيط بها بحيث لم تعد تأمن على الطفل في أي مكان ولا يهنأ لها بال إلا بعد ضمان مبيته في المنزل أمام أعين الأولياء مما أدى إلى إلغاء فكرة ذهاب الأطفال إلى المخيم الصيفي الذي يفرض مبيت الطفل في الناحية أو الولاية المقصودة لأيام بعيدا عن أعين الأهل، ما رفضته العديد من الأمهات منهم السيدة فاتن من المدنية التي قالت إن ابنها ينضم إلى الكشافة الإسلامية التي ستسطر خرجة إلى ولايات الشرق قريبا إلا أنها ترفض الفكرة، خاصة وأنه لا يتعدى سن 10 سنوات وتخاف من أن يتعرض إلى أي مكروه خاصة مع حالات الاختطاف التي يسمع بها هنا وهناك ومست أغلب ولايات الوطن في الآونة الأخيرة ولم يعد يسلم منها حتى الصبيان الصغار وأطفال من مختلف الأعمار. وعلى الرغم من أنها كانت عادة لدى العائلات الجزائرية، إلا أن الأوضاع الأخيرة التي بات يتخبط فيها المجتمع وتفشي جرائم الاختطاف أدت بالعائلات إلى الامتناع عن عادة إدراج الأطفال بالمخيمات الصيفية التي تنظمها في العادة الجمعيات الخيرية وغيرها من المؤسسات خوفا من تعرض الأطفال إلى أي مكروه.