بعد أن غصنا في الحلقة الأولى في أعماق الألعاب الأولمبية القديمة وعرفنا سويا كيف كان يمارسها شعب الإغريق وبعدهم شعب اليونان، كما تعرّفنا في الحلقة الثانية على مؤسّس الأولمبياد الحديثة، تاريخه ومنشأها وأمور أخرى، في حلقة اليوم سنتعرّف على الكثير من النقاط المهمّة، ليس عن تاريخ الألعاب بل عن تسيير المنافسة وأمور أخرى نترككم تكتشفونها حاليا في حلقة هذا العدد. المجلس التنفيذي يضمّ المجلس التنفيذي، المؤسّس العام 1921، الرئيس وأربعة رؤساء سابقين للمجلس وعشرة أعضاء يتمّ انتخابهم في الاجتماع السنوي للّجنة الدولية باقتراع سرّي ولمدّة أربع سنوات، من أبرز مهامه السّهر على تطبيق الشريعة الأولمبية، الإشراف على السياسة العامّة المالية للّجنة الأولمبية الدولية وإدارة أعمالها، تقديم اقتراحات للّجنة الدولية لتعديل القوانين، التصديق على مقرّرات التعديلات الداخلية المتعلّقة بالقوانين أو بالشريعة الصادرة عن اللّجنة الأولمبية ووضع رزنامة أعمال الاجتماع السنوي للّجنة الأولمبية الدولية. اللّجنة الأولمبية الدولية.. 115 عضو حاليا تضمّ اللّجنة الأولمبية الدولية 115 عضو حاليا، علما أن أوّل لجنة كان أعضاؤها 14 عضوا فقط. ويلاحظ أن عدد الأعضاء يتغيّر دوما وفقا لتعديل القوانين، إذ وبناء على تعديل جرى العام 1999 يمكن أن يصل عدد الأعضاء إلى 130 عضو، يتمّ انتخاب أيّ وافد جديد من الأعضاء الحاليين ولا يجوز أن تتمثّل الدولة الواحدة بأكثر من عضو. إلاّ أن هنالك بعض الاستثناءات على سبيل الذّكر أحقّية أيّ دولة سبق وأن استضافت الألعاب الأولمبية في ممثّل آخر، لذا نرى بعض الدول تتمتّع بأكثر من ممثّل وأحيانا ثلاثة أو أربعة. ويعتبر عضو اللّجنة الأولمبية الدولية ممثّلاً للّجنة في بلاده، وعليه أن يلتزم بعدد من القوانين وألا يخرقها أبدا، وهو مسؤول أمام اللّجنة الأولمبية الدولية، ومن أبرز المهام التي يضطلع بها: - تطوير الحركة الأولمبية في بلده من جميع جوانبها. - الامتثال لأيّ طلب أو مهمّة يوكل بها من اللّجنة الأولمبية الدولية، مثل تمثيل اللّجنة على الصعيد المحلي أو الدولي. - حضور الاجتماع السنوي للّجنة الأولمبية الدولية والمشاركة الفعّالة في أعمال اللّجنة. - السّهر على متابعة البرامج التي تقرّرها اللّجنة الأولمبية الدولية في بلده. الرّموز الأولمبية كان البارون كوبرتان بطروحاته التدويلية سبّاقا دائما وخلاّقا فأتت جميع الرّموز الأولمبية المختلفة مستمدّة من أفكاره وطروحاته، مثل العلم الأولمبي الذي صمّمه عام 1913 وصادق عليه العام 1914، وأوّل اعتماد رسمي له كان في دورة أنتوريب بلجيكا 1920، وهو عبارة عن راية ذي أرضية بيضاء مرسوم بداخلها خمس دوائر ملوّنة متداخلة بشكل ثلاث للأعلى واثنتين للأسفل، كل منها تمثّل قارّة من القارّات المأهولة وترمز إلى التآخي بين قارّات العالم. والألوان هي اللّون الأزرق ويرمز إلى قارّة أوروبا، اللّون الأسود ويرمز إلى قارّة إفريقيا واللّون الأحمر ويرمز إلى أمريكا (اعتبرت قارّة واحدة)، أمّا المستوى الثاني فالحلقة ذات اللّون الأصفر ترمز إلى قارّة آسيا والحلقة الثانية لونها أخضر وترمز إلى قارّة أستراليا. أمّا الشعار الأولمبي أو العقيدة فكان حاضرا بشكل غير رسمي منذ الدورة الأولى 1896، وهو (أسرع أعلى أقوى) يعبّر عن تطلّعات الرياضي نحو أداء جيّد، وتعود فكرته لكوبرتان الذي أخذه من صديقه الرّاهب الدومينيكاني هنري ديدون الشغوف بألعاب القوى، وقد دخل رسميا منذ دورة باريس 1924. وهنالك شعارات أخرى تدخل في الرّوح الأولمبية وغير رسمية مثل الذي قاله أسقف بنسيلفينيا على هامش الألعاب الرّابعة في لندن العام 1908: (ليس المهمّ أن تربح بل أن تشارك)، قد أثّر هذا الكلام في كوبرتان واعتبره فكرة فلسفية عظيمة واستلهم منه (أهمّ شيء في الحياة ليس النّصر، بل الكفاح.. الهدف الأساسي ليس أن تربح، بل المهمّ أن تقاتل جيّدا). التعويذة الأولمبية في العام 1968 في دورة جينوبيل الشتوية في فرنسا اعتمدت لأوّل مرّة التعويذة الأولمبية، وهي عبارة عن رسم في الغالب لحيوان له دلالات متعلّقة بتراث البلد المستضيف، وأشهرها كان شعار أولمبياد موسكو، الدبّ (ميشا) الذي لقي رواجا كبيرا استثمر تجاريا فيما بعد. كما تشهد الدورات الأولمبية عزف ما يعرف بالنّشيد الأولمبي افتتاحا وختاما، وقد اعتمد منذ الدورة الأولى 1896 في اليونان. وسرى هذا النشيد على سائر الدورات حتى أولمبياد 1960 في روما حين شرعت كلّ دولة مستضيفة منذ ذلك الحين في وضع نشيد خاص لدورتها. وتبرز الشعلة الأولمبية كواحدة من أبرز الرّموز الأولمبية، وهي كانت معتمدة في الأولمبياد الإغريقي القديم وبعثت من جديد بدءا من أولمبياد أمستردام 1928، في حين أن فكرة المداورة فيها قبل انطلاق البطولة من بلد وصولاً إلى البلد المستضيف، أطلقت للمرّة الأولى في دورة برلين الأولمبية العام 1936، ويعود الفضل لرئيس اللّجنة المنظّمة وقتها كارل ديام. وتعبّر الشعلة في مسارها قبل الأولمبياد أراض كثيرة انطلاقا من أولمبيا اليونانية، ويقوم العديد من العدّائين بتبادل حمل الشعلة حتى تصل إلى الصرح الأولمبي مستضيف الحدث وذلك على مدار أشهر. القوانين المتّفق عليها أولمبيا شأن الألعاب القديمة يجب على الرياضي المشارك في الألعاب الأولمبية أن يذعن أو يحترم بعض القوانين المتّفق عليها أولمبيا، وهي: - احترام روح اللّعب النّزيه والابتعاد عن العنف والتصرّف على أساس ذلك في الملاعب. - الامتناع عن استخدام مواد أو اللّجوء إلى أساليب تحرّمها اللّجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي للرياضة واللّجان الأولمبية الوطنية. - الاحترام والإذعان لأوجه الحركة الأولمبية المناهضة للمنشّطات. - أيّ مشارك في الألعاب الأولمبية يجب أن يكون تحت إشراف اللّجنة الأولمبية الوطنية لبلاده، والتي يشارك عبرها في المهرجان العالمي. اللّجنة الأولمبية الدولية تدار الألعاب الأولمبية الدولية بواسطة اللّجنة الأولمبية الدولية (International Olympic Committee) اختصارا (IOC)، والتي يوجد مقرّها الرئيسي في لوزان بسويسرا. أنشئت اللّجنة الأولمبية الدولية سنة 1894 في باريس، فرنسا، ويعتبر أعضاء اللّجنة الأولمبية الدولية مندوبين من اللّجنة إلى دولهم وليسوا مندوبين من دولهم إلى اللّجنة. ينتخب معظم أعضاء اللّجنة الأولمبية الدولية بعد خدمتهم في اللّجان الأولمبية الوطنية في دولهم. كان كلّ أعضاء اللّجنة الأولمبية الدولية الأولى من أوروبا والأمريكيتين مع استثناء لعضو واحد من نيوزيلندا، انتخب أوّل عضو آسيوي في اللّجنة عام 1908 وأوّل عضو إفريقي سنة 1910. وحاليا، ما يزال معظم أعضاء اللّجنة من بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية. يجب على أعضاء اللّجنة التقاعد في نهاية السنة التي يبلغون فيها الثمانين وذلك ما لم يتمّ انتخابهم قبل سنة 1966، حيث يستطيعون في هذه الحالة البقاء في اللّجنة مدى الحياة. تشرف اللّجنة الدولية على العديد من الأعمال منها تحديد موقع الألعاب الأولمبية والمفاوضة من أجل الحقوق النّقل التلفزيوني للألعاب الأولمبية. ينتخب رئيس اللّجنة الأولمبية من قبل أعضاء اللّجنة الأولمبية الدولية وتتمّ مساعدته من قِبل مكتب تنفيذي وعدد من نوابه. استضافة الألعاب الأولمبية لاستضافة الألعاب الأولمبية يجب أن تتقدّم المدينة بطلب إلى اللّجنة الأولمبية الدولية، وبعد أن تسلّم جميع الطلبات تقوم اللّجنة بالتصويت. إذا لم تنجح أيّ مدينة في الحصول على غالبية الأصوات تقوم اللّجنة باستبعاد المدينة التي نالت أقلّ أصوات، ويستمرّ التصويت في مراحل متعاقبة حتى تنجح إحدى المدن في نيل الأكثرية. وتمنح المدينة الفائزة عدد من السنوات قبل الاستضافة للتحضير للألعاب الأولمبية. يدخل عدد من العوامل في اختيار مكان الألعاب الأولمبية، ومن أهمّ هذه العوامل احتواء المدينة (أو وعود بالبناء) على المرافق والتسهيلات وقدرة اللّجان التنظيمية على إنجاح الألعاب الأولمبية. ويضاف إلى هذه العوامل المدن التي تقع في مناطق من العالم لم تستضف الألعاب الأولمبية من قبل مثل طوكيو اليابان 1964 ومكسيكو المكسيك 1968، حالما تمنح الاستضافة لمدينة معيّنة تصبح مهمّة التنظيم تابعة للّجنة المنظّمة وليس للّجنة الأولمبية الدولية. العلم الأولمبي العلم الأولمبي هو علم أبيض متموّج دلالة على خفقانه في الهواء بالأعالي، وفيه خمس دوائر مترابطة تمثّل قارّات العالم الخمس (أوروبا، آسيا، إفريقيا، أوقيانوسيا وأمريكا) في إطار أهداف الألعاب الأولمبية النبيلة التي تدعو إلى توحّد العالم وتناسي الضغائن والأحقاد. وهذا العلم كان قد اختير من فكرة الفرنسي بيير دي كوبرتان العام 1913، وهو مؤسّس الألعاب الأولمبية الحديثة وبقى على حاله إلى يومنا هذا. القسم الأولمبي يقرأ هذا القسم في يوم الافتتاح من قبل أشهر رياضيين البلد المضيف للأولمبياد، وقد وضعه (بيير دي كوبرتان) مؤسّس الألعاب الأولمبية الحديثة ونص القسم: (نقسم أننا نقبل على الألعاب كمثابرين شرفاء، نحترم قوانينها، ونسعى للاشتراك منها بشهامة، لشرف بلادنا ولمجد الرياضة). النّشيد الأولمبي اعتمدت اللّجنة الأولمبية الدولية نشيدها الأولمبي في جلستها رقم (55) في مدينة طوكيو عام 1958م. وأودعت اللّجنة موسيقى هذا النّشيد في المقرّ الرئيسي للّجنة الأولمبية الدولية. وكان أوّل نشيد ألقي في الدورة الأولمبية الأولى (دورة أثينا عام 1896م) اقتبس عن أنشودة رياضية إغريقية قديمة، ودشّنت به الألعاب الأولمبية الأولى في العصر الحديث، وكتبه الشاعر (كوستيس بالاماس): (يا عبقري القدم الأزلي، والد الصحيح والجميل والخير، انزل إلى هذه الأرض وتحت هذه السّماء، الشاهدتين على مجدك، أنرنا بشعاعك). وكان البارون الفرنسي (كوبرتان) يفكّر في أن يرافق المسابقات الرياضية وإلقاء مقاطع شعرية في رؤية توحيدية لطاقات الإنسان. الشعار الأولمبي مكتوب باللّغة اللاّتينية عند مدخل الملاعب التي تجري فيها المباريات وهو (CTTUS ALTIUS FORTIUS)، أي (أسرع، أعلى، أقوى) وتشير إلى روح المنافسة التي تلهب المتبارين المشاركين في الألعاب الأولمبية. الميثاق الأولمبي هو دستور عمل الحركة الأولمبية وتنظيم الدورات الأولمبية، وهو الجامع للأحكام والقوانين التي تقرّها اللّجنة الأولمبية الدولية. وفي حال وجود نزاع أو خلاف حول تفسير أو تطبيق هذه القرارات يتمّ الفصل فيها عن طريق المكتب التنفيذي للّجنة الأولمبية الدولية، وفي بعض الحالات عن طريق التحكيم أمام هيئة التحكيم الرياضي (CAS) التي أٌنشئت عام 1993م. وتتشكّل المحكمة من عشرين قاضيا، وتعتبر هيئة عليا مستقلّة عن اللّجنة الأولمبية الدولية. المراسم ... حفل الافتتاح يوجد في الألعاب الأولمبية العديد من المراسم تؤكّد معظمها على الصداقة العالمية والتعاون السلمي. في حفل الافتتاح يتمّ استعراض الدول المشاركة، حيث تدخل الفرق من كلّ دولة الملعب الرئيسي كجزء من الموكب، يدخل دائما الفريق اليوناني أوّلاً لإحياء الأصل التاريخي للألعاب الحديثة وفريق الدولة المضيفة يكون دائما آخر الفرق الداخلة. تطوّر حفل الافتتاح عبر السنوات ليحتوي على أعمال فنّية وموسيقى وخطابات ومهرجان. يعبّر تبادل الشعلة الأولمبية عن انتقال المبادئ الأولمبية من اليونان القديمة إلى العالم الحديث، وتقدّم الشعلة الأولمبية في حفل الافتتاح منذ سنة 1936 في الألعاب الأولمبية في برلين. خلال التبادل يتمّ إشعال المشعل في أولمبيا، اليونان وتحمل خلال عدد من الأسابيع أو الشهور إلى المدينة المستضيفة عبر سلسلة من العدّائين. وبعد أن يشعل آخر العدّائين الشعلة الأولمبية في الاستاد الرئيسي يقوم رئيس البلد المضيف بإعلان بدء الألعاب الأولمبية ويطلق سربا من الحمام لتمثيل الأمل في السلام العالمي، وهناك عنصران هامّان ظهرا خلال ألعاب أنتويرب، بلجيكا سنة 1920 وهما: 1- العلم الأولمبي مع خمس حلقات متداخلة بألوان مختلفة لتمثّل دول إفريقيا، أمريكا الشمالية والجنوبية، أوقيانوسيا، آسيا وأوروبا. 2- قراءة القسم الأولمبي من طرف أحد رياضيي البلد المضيف باسم جميع الرياضيين المشاركين. يؤكّد القسم على التزام الرياضيين بمبادئ الرّوح الرياضية في المنافسة. تعتبر الميداليات من العناصر الهامّة في الألعاب، حيث توزّع الميداليات على أصحاب المراكز الثلاثة الأولى عقب انتهاء المنافسات في كلّ لعبة، حيث تقام مراسم التتويج فيصعد أصحاب هذه المراكز على المنصّة ليتقلّدوا الميداليات الذهبية والفضّية والبرونزية وترفع الأعلام الوطنية للمتسابقين الثلاثة بينما يعزف النّشيد الوطني للمتسابق الفائز. تطالعون في الحلقة الرّابعة حكاية أوّل دورة أولمبية.. ترى ما هو البلد الذي احتضنها؟ في أيّ سنة جرت؟ وما هي الدول التي شاركت فيها؟ وحكايات أغرب من الخيال، ستجدونها في الحلقة المقبلة، وإلى ذلكم الحين دمتم في رعاية اللّه وحفظه.