أثّرت المرحلة السياسية التي مرت بها مصر خلال الفترة الماضية على الفن، حيث تأثر على المستوى السينمائي والدرامي والغنائي بشكل كبير، ورغم شكوى المنتجين من أن الفن تأثر سلباً وأصبح عبئا عليهم نتيجة عدم تحصيلهم لأي إيرادات تناسب ما أنفقوه على أعمالهم، لكن الغريب ورغم تلك الشكاوي نرى أن أجور النجوم مازالت كما هي، بل زادت عن الأعوام الماضية بشكل كبير. ونفاجأ هذا العام بأجور فلكية تعاقد عليها الفنانون على مسلسلاتهم خاصة نجوم السينما الذين يعودون إلى الدراما بعد غياب سنوات طويلة، منهم من رفض تخفيض أجره وطالب بأن يتحمل المنتج وباقي فريق العمل فارق التكاليف، ومنهم من دخل بنسبة فى الإنتاج من أجره ليحصل على نسبة في التسويق، وهو ما فعله النجوم الكبار أمثال عادل إمام ومحمود عبد العزيز، حيث تردد أن الفنان عادل إمام وصل أجره إلى 12 مليون جنيه نظير مشاركته في مسلسل (فرقة ناجي عطا الله) وحصل على جزء معين ويدخل بنسبة فى التسويق، وهو نفس ما حدث مع الفنان محمود عبد العزيز عن مسلسله (باب الخلق). أما نجوم السينما فمنهم محمد سعد الذي يتقاضى عن مسلسل (شمس الأنصاري) 7 ملايين جنيه، وهو نفس الأجر الذي يحصل عليه كريم عبد العزيز عن مسلسله (الهروب)، ويتقاضاه أحمد السقا أيضاً عن مسلسله (الخطوط الحمراء). ومازال مجموعة من الفنانين يحافظون على أجورهم من بينهم الفنانات إلهام شاهين ويسرا وليلى علوى، والتي تتراوح أجورهم ما بين 5 إلى 7 ملايين. وتعود الفنانة نبيلة عبيد بعد غياب خمس سنوات بأجر 6 ملايين جنيه عن مشاركتها في مسلسل (كيد النسا 2)، وهو نفس الأجر الذي اشترطته فيفي عبده ليزيد على أجرها في الجزء الأول من المسلسل، وتحصل هيفاء وهبي مقابل مسلسلها (مولد وصاحبه غائب) على 7 ملايين جنيه في أول تجربة درامية لها. أيضاً مازال الفنانان نور الشريف ويحيى الفخراني يحافظان على سقف أجور الصف الأول منذ 5 سنوات، وتتراوح أجورهما ما بين 7 إلى 8 ملايين، ويترواح أجر الفنانين شريف منير وهند صبري ونيلي كريم ما بين 4 إلى 6 ملايين جنيه عن مسلسلات (الصفعة) و(فيرتيجو) و(ذات)، ورغم احتفاظ بعض الفنانين بأجورهم إلا أن نجوم الصف الثاني خفضوا في أجورهم بشكل كبير للحاق بالعرض في رمضان. البعض فسر هذه الظاهرة بأنها مسألة عرض وطلب والسوق هو ما يحدد الأجور التي يحصل عليها الفنانون، خاصة في ظل الزيادة الضخمة في القنوات الفضائية الجديدة، والتي يتزايد طلبها على المسلسلات حتى لو بأسعار أقل. فبدلاً من عرض المسلسل على قناتين أصبح المسلسل يعرض على 10 قنوات، اثنتان منهما مصرية وترفعان شعار (الحصري) والباقى قنوات خليجية، أو عربية. وبعض الآراء فسرت الأمر بأنه نتيجة ظهور العديد من شركات الإنتاج الجديدة التي تدخل في عالم الإنتاج لأول مرة وأسماء مُلاكها غير معروفين، وهو ما يُفسر دخول رأس مال جديد في سوق الدراما المصرية، منها شركة (بلاك هورس) التي تنتج هذا العام مسلسل شمس الأنصاري لمحمد سعد، وهي شركة من أصل إماراتي مختصة بالسياحة. أيضاً شركة (كونكت) التى تنتج هذا العام مسلسل (جامعة الدول العربية) الذي يقوم ببطولته خالد صالح وأصحابها مها سليم ومصطفى البحيرى. وهي شركة كان لها محاولة للإنتاج العام الماضي لكنها فشلت، أيضاً شركة (ريك برودكشن) التي تشارك لأول مرة في الإنتاج بميزانية كبيرة لمسلسل (في غمضة عين) بطولة أنغام وداليا البحيرى؛ حيث تردد أن أجر أنغام وصل في المسلسل إلى 8 ملايين جنيه، أيضاً شركة (كان) للإنتاج الفنى لصاحبها عمرو قورة والتي ظهرت منذ عامين بإنتاج مسلسلات لنجوم الصف الثاني، وتشارك هذا العام بإنتاج مسلسلين الأول (على كف عفريت) لخالد الصاوي وأيضاً مسلسل (طرف ثالث) بطولة عمرو يوسف وأمير كرارة ومحمود عبد المغني. أيضاً تدخل القنوات الجديدة في مجال الإنتاج للعام الثاني، ومنها قناة (سي بي سي) لصاحبها محمد الأمين التي تنتج هذا العام مسلسل (مع سبق الإصرار) لغادة عبد الرازق والتي تذيعه حصرياً أيضا قناة النهار التي تنتج هذا العام مسلسل (البلطجي) لآسر ياسين وتعرضه حصرياً. وأكد حسن حامد رئيس الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي أن أجور النجوم هذا العام زادت بشكل فج والنجوم يتقاضون أجوراً فلكية أكثر من الأعوام السابقة، والغريب أن النجوم حصلوا على ملايين كثيرة جداً لاتتناسب مع الظروف ولا مع الوضع الحالي للبلاد؛ وهو ما يفسر ابتعاد مدينة الإنتاج الإعلامي عن إنتاج مسلسلات كثيرة مثل كل عام لتنتج مسلسلين فقط. وأضاف حامد: (من المتوقع أن يكون ذلك طريق الهلاك للدراما وسيؤدى إلى نفس المشكلات التى عانت منها السينما حتى أوشكت على الإفلاس، ونحن الآن ندخل في نفس الأطوار الضارة التي ستؤثر على الدراما المصرية نتيجة للمغالاة في أجور النجوم، وإذا كان بعض الممثلين مشاركين بالإنتاج المشارك فهم يتقاضون مبلغاً كبيراً وهذا مضر لأن الأرقام المبالغ فيها تجعل الكل يقارن نفسه بالأجور التي يسمعها، والنتيجة تكون المغالاة في الأجور وبالطبع هذا سيؤثر بالسلب على كل صناع الدراما، خاصاً شركات الإنتاج الحكومية التى لن تتمكن من مجاراة السوق بهذا الشكل، بالاضافة إلى الزيادة الكبيرة فى عدد المسلسلات والتى يفسرها ظهور شركات إنتاج بأسماء جديدة ولا أحمد يعلم مصدرها وهو ما جعل الموسم الدرامي هذا العام ساخناً للغاية بعدد كبير من المسلسلات). وقال المنتج محمد فوزي إن الأجور هذا العام هي نفس أجور الأعوام الماضية، والبعض منها زاد، وما تردد أن الأجور تقلصت للنصف فهذا لم يحدث مع نجوم الصف الأول، على عكس ممثلي الصف الثاني الذين اضطروا للتنازل عن جزء من أجورهم لمجرد التواجد والمنافسة في ظل هذا المارثون المزدحم، فمازال نجوم الصف الأول أمثال نور الشريف ويحيى الفخراني يتقاضون نفس المبلغ، في حين ظهر نجوم جدد على الدراما لأول مرة أمثال عادل إمام وأحمد السقا وكريم عبد العزيز وهيفاء ومحمود عبد العزيز ومحمد سعد كلهم نجوم مطلوبون في السوق والعرض والطلب من جانب القنوات الكثيرة التي فتحت هذا العام هو السبب فى مغالاة أجورهم، وبجانب ذلك نرى أن كل الفنانين المكررين في الدراما كل عام تقل أجورهم لأن عدد المسلسلات كبير جداً وأسماؤهم في التسويق مقارنة بنجوم السينما المشاركين هذا العام ستكون عادية، وأضاف فوزى: (أن المنافسة هذا العام صعبة جداً ووصلت لأكثر من 70 مسلسلاً وشراسة المنافسة ترجع لأن كل النجوم كبار، فقاعدة المنافسة زادت وأعتقد أن المعيار الوحيد للنجاح هذا العام هو العمل الأكثر جودة، فالنجم أياً كان عليه أن يجذب الجمهور منذ بداية حلقات المسلسل حتى يتابعه، ويمكن أن يعرض مسلسل لأبطال جدد ويحقق نجاحاً مثلما حدث العام الماضي).