أرقام فلكية تكشف عن مبالغ خيالية دخلت جيوب الفنانين في شهر رمضان نظير مشاركتهم في المسلسلات التي تعرض على الشاشات هذه الأيام، ورغم ضعف الأعمال التي تعرضها الفضائيات العربية هذا الموسم وتراجع مستوى الإبداع الفني إلى حد بعيد، إلا أن هؤلاء النجوم اعتادوا تحطيم الأرقام القياسية في مسلسلات رمضان، حتى أصبح الشهر الفضيل بورصة كبيرة يتبارى فيها المشاهير لجمع المال، ولمَ لا فهو شهر البركة والصدقة التي ضلت طريقها لتذهب إلى أولئك المساكين. * ودون رقيب أو ميزان يضع حدا لهذا الارتفاع الجنوني، تواصل بورصة أجور النجوم تصاعدها، وخصوصا في مسلسلات رمضان، حيث تلتهم تلك الأجور ما يقرب من نصف ميزانيات الأعمال، بصورة أثرت بشكل سلبي كبير على قيمة العمل نفسه، وعلى بقية أفراد فريق العمل، فضلا عن أنه يؤدي إلى ارتفاع سعر المسلسلات المصرية التي أصبحت الأغلى تكلفة في العالم بعد المسلسلات الأمريكية، وهذه التكلفة لا ترجع بالطبع إلى الإنتاج الجيد والاتفاق على التصوير والمواقع وما شابه، وإنما تذهب معظم النفقات إلى النجم الذي أصبح يرى نفسه فوق العمل. * ويرجع الكثير من النقاد المصريين سبب هذه الأزمة إلى طريقة التعامل التي تفرضها المحطات الخليجية على شركات الإنتاج المصرية، حيث تركز تلك المحطات على النجم الذي سيقوم ببطولة العمل، بل إنها تطلبه بالاسم قبل القصة والسيناريو أو المضمون عموما، فمثلا يقولون: »نريد مسلسلا ليسرا أو يحي الفخراني أو نور الشريف« وهكذا... حتى انخرط المنتجون في حلبة صراع للفوز بإبرام عقد مع نجم يسوق مسلسله، وفي المقابل فإن النقاد يدقون ناقوس الخطر أمام هذا الوضع الذي يصفونه بالخطير والذي قالوا إنه يهدد بانهيار الدراما المصرية في مواجهة نظيرتها السورية ويزداد الأمر سوءاً مع دخول منافس ثالث وهو الدراما التركية. * * نجوم يبررون وآخرون يحذرون * وفي تعليقه على الارتفاع الجنوني في أسعار الفنانين المصريين مقارنة بغيرهم من النجوم العرب وبالأخص السوريين، أكد المخرج السوري »نذير عواد« ل»الشروق« أن الدراما المصرية عانت خلال السنوات القليلة الماضية من مرحلة تراجع خطيرة كادت تهدد مستقبلها، نظرا لارتفاع أجور الفنانين لدرجة أنه في بعض الأعمال يتجاوز أجر النجم نصف ميزانية العمل، وأضاف أن ذلك الأمر يثير نوعا من الأحقاد داخل الوسط الفني العربي، ويؤثر بالسلب على طريقة أداء النجوم العرب الآخرين الذين تتعلق عيونهم بالعمل في مصر من أجل الربح، ويؤثر أيضا على باقي الممثلين المصريين وباقي أدوات الإنتاج، فيخرج العمل ضعيفا وهزيلا، لافتا في هذا الصدد إلى أن هذا الارتفاع الجنوني إذا لم يتم إيقافه فإنه كارثة تهدد الدراما العربية كلها. * بدوره، رأى المخرج المصري »أحمد صقر« أن عملية التسويق ترتبط في المقام الأول باسم النجم، وليس بمضمون العمل، وهو فكر تسويقي عقيم كان متبعا في مصر خلال السنوات الماضية، وساهم بقدر كبير في تراجعها أمام الدراما السورية والتركية التي يتم إنفاق ميزانياتها على العمل ككل، وليس على نجم واحد فقط، كما يحدث في الدراما المصرية. * ومن جهته رفض الفنان »خالد زكي« ما يتردد حول أجور النجوم، وأن تلك الأجور تطغى على ميزانية العمل وتخرج أعمالا ضعيفة، وقال: »إن الفنان الحقيقي لن يقبل أن يقدم عملا ضعيفا أو دون المستوى مهما كان أجره، والنجم لا يجبر المنتج على التعاقد معه، فالعملية عرض وطلب«. * في حين تقول الممثلة »فيفي عبده« إن المنتجين والموزعين يدركون جيدا أن اعتمادهم على اسم النجم وتقديم عمل جيد كفيل بأن يسوق أعمالهم، ويحقق لهم أرباحا كثيرة، والفنان الذي يرفع أجره هو فنان موهوب له جمهوره الذي ينتظره في رمضان من كل عام، ولذلك فمن حقه أن يحدد الأجر الذي يتقاضاه. * وتضيف »فيفي«: برغم ارتفاع الأجور والمنافسة الشديدة التي دخلت هذا العام بين الدراما المصرية والسورية وأخيرا التركية؛ إلا أن شركات الإنتاج تجني أرباحا كبيرة قد تصل إلى ضعفين أو 3 أضعاف ما تنفقه، لأنها تقوم بتسويق المسلسل قبل الإنفاق عليه. * * يحي الفخراني ونور الشريف الأعلى أجرا * الغريب في الأمر أن النجوم الذين ارتفعت أسعارهم في الدراما الرمضانية هم النجوم أنفسهم الذين تراجعت أسهمهم في السينما المصرية، وذلك بعد تألق جيل الشباب الذي خطف البساط من تحت العمالقة، ومن مفاجآت بورصة النجوم هذا العام أن الارتفاع لم يقتصر على النجوم الرجال، بل تصدرت بعض النجمات قائمة أعلى الأجور، لدرجة أن الزيادات بلغت أحيانا 50٪ مقارنة بأسعار موسم رمضان 2007. * وتصدر قائمة النجوم هذا العام الفنان يحي الفخراني الذي وصل أجره في مسلسل »شرف فتح الباب« إلى 5 ملايين جنيه »أي مليون دولار«، فيما بلغت تكلفة إنتاج المسلسل 19 مليون جنيه. * وتلاه في الأجر الفنان نور الشريف الذي حصل على أجر قدره 4 ملايين جنيه عن دوره في الجزء الثاني من مسلسل »الدالي«. * وجاءت »يسرا« في المرتبة الأولى بالنسبة للنجمات، وفي المرتبة الثانية بالنسبة للنجوم الرجال، حيث حصلت على 3 ملايين جنيه عن دورها في مسلسل »في أيدٍ أمينة«، وتلتها في الترتيب إلهام شاهين بأجر بلغ نحو مليوني جنيه عن دورها في مسلسل »قصة الأمس«. * ولحقت فيفي عبده بقطار النجوم الأعلى أجرا لتحصل على مليون ونصف المليون جنيه مقابل دورها في مسلسل »قمر«، ولم تتخلف الفنانة عبلة كامل عن السباق، فجاءت في المركز الرابع لتحصل على أجر مليون جنيه عن دورها في مسلسل »هيمة«. * * الهروب من السينما إلى خزائن التليفزيون * وارتفعت أيضا أجور نجوم سينمائيين آخرين مثل الفنان حسين فهمي الذي قارب أجره 3 ملايين جنيه عن دوره في مسلسل »وكالة عطية«، وبانخفاض قليل عن فهمي وصل أجر الفنان فاروق الفيشاوي إلى ما يقرب المليونين ونصف المليون جنيه، وذلك نظير أي دور يقوم به. * كما وصل أجر خالد صالح إلى 5. 1 مليون مقابل قيامه ببطولة مسلسل »بعد الفراق« مع التونسية »هند صبري«، هذه الأخيرة التي تقاضت مليوني جنيه عن دورها في مسلسل »بعد الفراق«، وهو الأجر ذاته الذي تلقته سميرة أحمد عن دورها في مسلسل »جدار القلب«، بينما تقاضى أحمد رزق 850 ألف جنيه عن دوره في مسلسل »هيما«، وحصلت تيسير فهمي على مبلغ مليون جنيه عن دورها في مسلسل »الهاربة«. * بينما تقاضى صلاح السعدني مليوني جنيه عن دوره في مسلسل »عدى النهار«، فيما بلغ أجر مصطفى شعبان مليونين و200 ألف جنيه عن دوره في مسلسل »نسيم الروح« وحصلت نيللي كريم على 800 ألف جنيه عن مشاركتها هي الأخرى في المسلسل ذاته. * * أسعار المسلسلات المصرية تحطم الأرقام القياسية * ومع تلك الزيادات في أجور النجوم، وصل سعر ساعة الإنتاج الدرامي في مصر إلى 150 ألف جنيه، في حين أن الدراما السورية والتركية تصل ساعة الإنتاج الدرامي إلى أقل من 50٪ من السعر السابق، وهو ما يهدد بتقليص الإنتاج الدرامي المصري العام القادم إلى النصف حسب بحوث أجرتها نقابة الفنانين المصريين. البحوث ذاتها قالت إن المسلسل الذي كان يباع إلى 15 قناة، قد لا يصل إلى 7 قنوات في العام القادم، هذا مع الزيادة الكبيرة التي حدثت في ميزانية الإنتاج المصري التي تجاوزت 750 مليون جنيه، أي ما يعادل 150 مليون دولار.