في البداية، صدم العالم بصور تحطيم الأضرحة التاريخية والمساجد في تمبوكتو شمال مالي، على يد الإسلاميين الأصوليين، وهؤلاء أنفسهم يهدّدون بإتلاف مخطوطات عتيقة نادرة بمكتبات المدينة التي يبدو أنها تنتظر نفس المصير. حين تفاقمت الأزمة في مالي قال شميل جيبي من جامعة (كيب تاون) إن معظم الباحثين والمعنيين بالحفاظ على مخطوطات تمبوكتو فرّوا إلى العاصمة باماكو، (الآن وقد غادروا المدينة لا يعرف إلاّ القليل جدّا عن مصير المخطوطات). تعود المخطوطات إلى ما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر، وهي مخطوطات تتعلّق بالأمور الدينية ومواضيع مثل العلمانية، الرياضيات، علم الفلك، المنطق والعلوم الطبيعية. جيبي الذي يترأس المشروع المشترك بين جنوب إفريقيا ومالي لدراسة المخطوطات والحفاظ عليها، يؤكّد أهمّيتها لإفريقيا: (إن الفكرة السائدة عن تاريخ إفريقيا هي أنه لم يكن لدينا اهتمام أدبي في الحقبة ما قبل الاستعمار. تمبوكتو تبيّن الآن أنه كان هناك بالعكس، تقليد متطوّر جدّا في الكتابة قبل مجيء الكتابة اللاّتينية). الآن وقد غادر الباحثون والمعنيون بالاحتفاظ على المخطوطات تمبوكتو فإن المخطوطات في خطر كبير، والخطورة الأكبر بمعهد أحمد بابا، أكبر مكتبة على الإطلاق، وتضمّ 20 ألف من المخطوطات. (استولى المتمرّدون على البناية ويعيشون بها) يقول جيبي، (ولديهم حرّية الوصول إلى المخطوطات، كما أنهم سرقوا أجهزة الكمبيوتر). تتبع حركة (أنصار الدين) المذهب الوهابي السلفي وتعادي فكريا التيار الصوفي وهو التيّار الإسلامي المهيمن تاريخيا في غرب إفريقيا، وهذا ما يضع المخطوطات الثمينة في خطر حقيقي، حسب الأستاذ جيبي: (كثير من المخطوطات تحتوي نصوصا صوفية، أتمنّى أن يكون المتمرّدون أميين، لا يتمكّنون من قراءة النصوص لأنهم ربما سيدمّرونها لو اكتشفوا محتواها). لكن حتى لو نجت المخطوطات من نيران المتمرّدين، فإن جيبي يحذّر من خطر آخر: (لا يمكنك أن تحافظ على شيء بواسطة تركه في مكانه فقط، الرمال والوحول في منطقة تمبوكتو يمكن أن تدمّر كل شيء، يجب أن تُحفظ المخطوطات في قاعات مكيّفة ويتمّ الاعتناء بها).