دمّرت مجموعة أنصار الدين المسلّحة المتطرّفة التي تسيطر على شمال مالي أمس الاثنين مدخلا لمسجد في مدينة تمبوكتو بعد سلسلة من الهدم التي طالت أضرحة للأولياء، وبذلك يكون المتطرّفون بصدد تدمير المساجد والأضرحة غير بعيد عن حدود الجزائر وأرضها، وهو ما يستدعي المزيد من التعزيزات الأمنية على حدودنا الجنوبية. قال شهود عيان إن الإسلاميين دمّروا مدخل مسجد (سيدى يحيى) في تمبوكتو في جنوبالمدينة، حيث انتزعوا الباب المقدّس الذي لا يفتح أبدا، وهي معلومة أكّدها سكان في تمبوكتو. وبعد تدمير الأضرحة هدّدت جماعة (أنصار الدين) الأسبوع الماضي بالتعرّض لمساجد المدينة ردّا على قرار اليونيسكو الشهر الماضي إدراج اسم هذه المدينة على لائحة التراث العالمي المعرّض للخطر. واعتبرت اليونيسكو أن وجود هولاء الجماعات المسلّحة يهدّد مدينة تمبوكتو الواقعة عند تخوم الصحراء الكبرى على بعد حوالي ألف كلم شمال باماكو، والتي تسمّى بمدينة ال (333 وليا) أو (جوهرة الصحراء). وللعلم، فإن هذه المدينة الاسترتيجية مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو منذ عام 1988. وتوعّدت فاتو بنسودا مدّعية المحكمة الجنائية الدولية أمس في دكار بملاحقة المسؤولين عن تدمير الأضرحة في تمبوكتو، معتبرة هذه الأعمال (جرائم حرب). في سياق ذي صلة، أدانت الجزائر تدمير أضرحة بتومبوكتو (شمال مالي) مصنّفة كموقع للتراث العالمي. وأكّد النّاطق باسم وزارة الشؤون الخارجية أن (الجزائر تدين تدمير الأضرحة بشمال مالي، والذي يستهدف تراثا ثقافيا وإسلاميا يعتبر جزءا من الذاكرة الجماعية للماليين وتراثا مشتركا تتقاسمه الجزائر ومالي اللذان تجمع شعبيهما علاقات عتيقة تقوم على مبادلات ثقافية وعقائدية مثمرة وثرية). وذكر نفس المصدر في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن (الجزائر تعتبر أن هذه الأضرحة تشكّل تكريما وعرفانا من طرف السكان المحلّيين لأولياء صالحين وعلماء ساهموا في ازدهار ونشر الإسلام بالمنطقة وبثّ قيم التسامح والرّوحانية). وأكّد النّاطق باسم وزارة الشؤون الخارجية أن (الجزائر تدعو بإلحاح كلّ الفاعلين في مالي إلى الحفاظ على هذه الثروة وهذا التراث الذي يندرج في قائمة التراث العالمي للبشرية لفائدة الأجيال الصاعدة واستمرار ترسيخ الرّموز التي ميّزت تاريخ مالي والمنطقة) من جهتها، دعت المنظّمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الأيسيسكو) إلى المحافظة على معالم التراث الإسلامي من مساجد ومباني ومخطوطات في مدينة تمبوكتو بجمهورية مالي، والتي تعدّ ضمن لائحة التراث العالمي وعدم المساس بها. وقالت المنظّمة في بيان نشره موقعها على الأنترنت إن على الجهات التي تسيطر على شمال مالي (مسؤولية حماية هذه المعالم ومنع أيّ أضرار بها وتوعية النّاس بالتي هي أحسن وبالرّفق ولين الخطاب). وفي سياق ذي صلة، قالت مدّعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا يوم الأحد إن التدمير المستمرّ لأضرحة من جانب إسلاميين يسيطرون على مدينة تمبوكتو في شمال مالي يشكّل جريمة حرب. وأوضحت بنسودة في دكار قائلة: (رسالتي إلى الضالعين في هذا العمل الإجرامي واضحة.. أوقفوا تدمير المواقع الدينية الآن، إنها جريمة حرب تستدعي تحقيقا تقوم به الهيئات التابعة لي)، وأضافت أن المادة الثامنة من معاهدة روما تنصّ على أن الهجمات المتعمّدة على مبان مدنية غير محمية ليست أهدافا عسكرية تشكّل جرائم حرب. الجزائر مع الوحدة الترابية لمالي أكّد الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيّد عبد القادر مساهل أن المشاكل التي يواجهها مالي (ينبغي أن تحلّ في إطار الحفاظ على الوحدة الوطنية والوحدة الترابية لهذا البلد). وقال السيّد مساهل عقب جلسة عمل عقدها مع وزير الدولة المالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي السيّد ساديو لامين سو إن هذا الموقف الذي ما انفكّت الجزائر تعبّر عنه دائما وتكرّره (ينصهر مع مواقف الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والأمم المتّحدة وكلّ الشركاء). وأفاد الوزير بأن محادثاته مع المسؤول المالي (أبرزت تطابقا في الرؤى والتحاليل)، وأكّد أن الجزائر التي تؤمن بمزايا الحوار من أجل تسوية الأزمة في مالي تعتبر أن هناك فضاء للتفاوض بين الحكومة المالية والفاعلين الذين يقبلون (الانضمام إلى منطق الحلّ السياسي الذي يحافظ على الوحدة الوطنية والوحدة الترابية لمالي، والذي يراعي المطالب المشروعة لسكان الشمال).