السؤال: كنت أخشي بعد وفاتي من أن يتنازع أولادي علي ما أتركه لهم فقمت بتقسيم أموالي بينهم بما شرع الله. ثم تزوجت من امرأة أخرى وأنجبت منها ثلاثة أولاد. وأردت أن أرجع في هذا التقسيم ولكن رفض أولادي ذلك فما حكم الدين؟ يجيب عن هذا السؤال الدكتور أحمد يوسف سليمان يقول: لقد اخطأت في توزيع مالك علي أولادك أثناء حياتك ولم تحسب حسابك لاحتمال تزوجك من زوجة أخرى وانجاب بعض الأولاد ولو أنك توقفت ما حدث ما أقدمت عليه وأنت بذلك تعطي نموذجا لغيرك من الآباء الذين يتسرعون فيعطون أولادهم كل ما يملكون ولا يبقون لأنفسهم شيئا من مالهم ثم يحتاجون بعد ذلك شيئا من المال ويطلبونه من أولادهم فيبخل الأولاد عليهم وكثيرا ما يلجأون إلى المحاكم يطالبون أولادهم بشيء من حقوقهم عليهم. وكان الأجدر بهم ان يستبقوا أموالهم فيستمتعون بحقهم فيها ويساعدون منها أولادهم ويخرجون منها حق الله تعالى وحق ذوي القربى. أما هؤلاء الأولاد الذين انتقل اليهم ما كان في يد أبيهم من مال فإن البر به والاحسان اليه يقتضي ان يعيدوا اليه ماله، أو ما يحتاج اليه منه حتى ينفق منه على نفسه وعلى زوجته الجديدة وأولاده وان يسوي بينهم وبين اخوتهم من الزوجة الجديدة لكن رفضهم هذا الطلب لوالدهم يُعتبر عقوقا له وعدم مقابلة إحسانه اليهم بالاحسان اليه. قال الله تعالى: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان". وهل يرضيهم ان يكونوا اغنياء واخوتهم من الأب فقراء يتكففون الناس؟ ولو أو والدهم لم يتسرع في توزيع المال عليهم ان يصير هذا المال ميراثا لهم جميعا بعد وفاته. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك فما بالنا اذا كان هذا المال مال الأب في الأصل وهو يريد الآن ان يصحح وضعا أخطأ فيه فعلى الأولاد ان يساعدوه في تصحيحه حتى ينالوا رضاه عليهم ودعاءه لهم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "البر لا يبلى والذنب لا يُنسى والديان لا يموت أفعل ما شئت فكما تدين تدان". وهذا ما يقتضيه حسن الخلق وعمق المشاعر الطيبة بين الأب وأولاده. أما من الناحية الفقهية فمادام الأب قد وهب أبناءه هبة وهو في كامل قواه العقلية وباختياره الكامل وقد تسلم الموهوب له الهبة وتصرفوا فيها فقد أصبحت الهبة ملكا لهم وليس من حق الواهب ان يرجع في هبته على الراجح من أقوال الفقهاء. وبناء على هذا، فان تصرف هذا الأب مع أولاده هو من قبيل الهبة وليس من قبيل الميراث؛ اذ الميراث لا يكون الا بعد موت المورث.