عالجت المحكمة الابتدائية بالحرّاش، في الجزائر العاصمة، خلال شهر رمضان عشرات قضايا التزوير، لكن الجديد فيها هو أن بعض المتّهمين رعايا سوريون فرّوا من دمار الحرب الدائرة في بلادهم ليقعوا فريسة أطماع شبكات دولية مختصّة في التزوير سلبتهم الملايين مقابل تأمين لهم طريقة للخروج من سوريا باتجاه إحدى الدول المجاورة، لكن لسوء الحظّ ألقي عليهم القبض بمجرّد أن وطأت أقدامهم مطار هواري بومدين الدولي بتهمة التزوير في محرّرات رسمية. هوّ واقع عاشه العديد من الأزواج السوريين خلال فترة هروبهم من المناطق التي عرفت انزلاقات أمنية خطيرة همّهم الوحيد كان حماية عائلاتهم من الموت الذي كان يحذق بها، ما جعل عصابات التزوير توقعهم في شباكها، حيث نصبت على 05 أزواج دخلوا الجزائر رفقة أطفالهم ولحسن حظّهم وقف القضاء الجزائري إلى جانبهم، حيث برّأ البعض منهم فيما أدان البعض الآخر بغرامة مالية موقوفة التنفيذ، كما منحهم حقّ اللّجوء على الأراضي الجزائرية. حيث مثل نهاية الأسبوع الماضي أمام محكمة الجنح بالحرّاش الرّعية السوري (ش. محمد حسين) 57 سنة، لمواجهة تهمة استعمال التزوير في محرّرات إدارية، حيث أكّد أنه ينحدر من منطقة أدلب التي شهدت مواجهات شرسة بين ما يسمّى بالجيش الحرّ والجيش النّظامي. وقد تعرّضت معظم بيوت سكان المنطقة للدمار، ما جعله يفكّر في الهروب حيث التقى بشخص في مدينة دمشق وعرض عليه مساعدته مقابل دفع مبلغ 500 ألف ليرة سورية عن كلّ فرد من أفراد عائلته والبالغ عددهم 08 أطفال وزوجته وما يعادل 100 مليون سنتيم، وأنه لم يتوقّع أن هناك أشخاصا يستغلّون الحرب للرّبح السريع، حيث تفاجأ عند وصوله إلى مطار هواري بومدين باحتجازه رفقة أطفاله وزوجته بتهمة التزوير، حيث تبيّن أن جوازات السفر التي أمّنها له الرّعية السوري مزوّرة. ومن جهته، دفاع المتّهم ركّز على الحرب الدائرة رحاها في سوريا، مشيرا إلى أن موكّله دفع كلّ ما يملك لإنقاذ حياته، وأنه اختار الجزائر لعدم وجود تأشيرة واقتناعه بأنه لن يكون هناك تضييق عليه، مؤكّدا أنه وقع ضحّية عصابات تزوير،وأمام هذه الوقائع برّأته هيئة المحكمة. نفس الوقائع سردتها مواطنة سورية تدعى (نسرين) وجّهت لها نفس التهمة، حيث صرّحت بأنها تنقّلت في بادئ الأمر إلى تركيا ومنها إلى أزمير، ومنها إلى إسطنبول لتحطّ رحالها في آخر المطاف بالجزائر التي اختارتها لأن دخولها يتمّ بدون تأشيرة قائلة: (الجزائر الوحيدة التي يمكن أن تحمل معاناة الشعب السوري)، وأضافت أنها دفعت 6 آلاف أورو من أجل النجاة من الموت، أي ما يعادل 80 مليون سنتيم بالعملة الوطنية، ليتمّ ضبطها على مستوى المطار الدولي هواري بومدين بعد اكتشاف أن البطاقة البلجيكية والختم الموجود عليها مزوّران فتمّ تحويلها إلى المحكمة رفقة طليقها بتهمة استعمال المزوّر، حي طالب ممثّل الحقّ العام تطبيق القانون في حقّهما، غير أن المحكمة برّأتهما ومنحتهما حقّ اللّجوء على الأراضي الجزائرية بعد أن أسهب الدفاع في تعداد المجازر اليومية التي تحصد أرواح المئات من السوريين يوميا والهجرة الجماعية لهم إلى البلدان المجاورة الشقيقة على اعتبار أن الجزائر استقبلت 12 ألف سوري منذ بداية الأزمة. كما تابعت ذات المحكمة أيضا 4 أزواج تتراوح أعمارهم بين 35 و26 سنة، بتهمة استعمال المزوّر في جوازات سفر سورية تنقّلوا بها من سوريا إلى الجزائر هروبا أيضا من جحيم الحرب التي اندلعت في أرض سوريا منذ أشهر واحتدمت في الأيّام الماضية، والتي طالب بموجبها وكيل الجمهوري بتسليط عقوبة 20 ألف دج غرامة مالية نافذة، فيما نطقت المحكمة بتسليط عقوبة 20 ألف دج غرامة مالية مع وقف التنفيذ، كما لم توجّه لهم هيئة المحكمة تهمة الإقامة غير الشرعية مراعاة للأزمة التي تمرّ بها سوريا.