أجواء من الفرحة والإبتسامة صنعتها شابتان متطوعتان محملتان بأكياس مملوءة بمنتوجات مختلفة في ثاني أيام العيد بمصلحة أمراض السرطان "بيار وماري كوري" بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة. وقد استطاعت الفتاتان بابتسامة عريضة من ادخال الفرحة لدى المرضى في المدة القصيرة التي حلتا فيها على غرف المرضى بغرض تقديم ما تيسر من هدايا. وفي هذا الإطار أكدت الشقيقتان بالرغم من صغر سنهما أن "هذا العمل التطوعي ليس بالجديد عليهما فقد تعودتا على ذلك لسنوات". وأشارت احداهما إلى أن "البداية كانت بقرية الاطفال بدرارية حيث كن في كل مناسبة يفضلن زيارة الأطفال اليتامى لادخال الفرحة في نفوسهم". وأضافت أن هذا العمل الخيري لم يكن بتأطير عائلي وانما هي مبادرة خاصة تدخل من باب البر والإحسان لاعطاء نكهة خاصة للعيد بالنسبة للاطفال المرضى. وفي هذا الإطار أوضحت المتطوعتان أن "لا شيء يعادل تقاسم الفرحة مع المرضى وإعادة البسمة إلى شفاههم". من جهتها أبرزت السيدة خالدي زبيدة (76سنة) التي أجرت عملية جراحية على مستوى الجهاز الهضمي أن "العائلات الجزائرية من المحسنين والمحسنات قاموا بزيارات للمرضى منذ بداية شهر رمضان ليتقاسموا معنا فرحة العيد بوجوههم النيرة وابتساماتهم العريضة التي تبقى الشيء الوحيد المتميز في نفوسنا". وتعد هذه المبارة --كما قالت-- "عادة حميدة تسر المريض ومن شأنها اعادة التآزر والتلاحم بين العائلات الجزائرية". كما ذكرت السيدة آيت قايد فاطمة (65 سنة) التي كانت ملقاة على سريرها مرتدية جبة قبائلية الصنع وعلامات الألم بادية على محياها أنه "من الصعب جدا قضاء العيد في المستشفى بعيدا عن الأهل والأبناء". حين تكون الإعاقة دافعا لإسعاد الآخرين.. وبمستشفى نفيسة حمود بحسين داي (بارني سابقا) التقت وكالة الأنباء الجزائرية بالشاب عبد الله طوبيلي (30 سنة) المتطوع الذي كان يحمل معه أوراقا تحتوى على قائمة بأسماء المرضى بالمستشفى. وتتمثل وظيفته في التنسيق بين المتطوعين والجمعيات في مثل هذه المناسبات الدينية. وفي هذا الصدد أكد عبد الله أنه "ولد باعاقة ذهنية أدت إلى مكوثه في المستشفى لمدة سنوات الأمر الذي دفعه بعد امتثاله للشفاء جزئيا إلى القيام بالعمل التطوعي بغرض تقديم الدعم المعنوي للمرضى لا سيما الأطفال منهم". وبقسم طب الاطفال تبين أن الجميع يعرف عبد الله سواء من أولياء المرضى أو عمال وموظفي المستشفى. وفي حديثه عن الزيارات التي قامت بها الجمعيات إلى المستشفى ذكر عبد الله أن وفودا من المتطوعين ومن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكذا أفواج من الكشافة الإسلامية الجزائرية قاموا بزيارات في اليوم الأول من العيد. وأفاد نفس المتحدث أن هؤلاء المتطوعين قاموا بجلب الألبسة والهدايا والألعاب للمرضى ولا لاسيما الأطفال وتمكنوا من خلالها من ادخال البهجة والفرحة على قلوبهم. وفي هذا اليوم ظهر الاطفال المرضى بحلة جميلة على غرار الطفلتين البريئتين نهى وحياة المصابتين بمرض السكري اللتين كانتا بصدد ارتداء نعليهما في انتظار قدوم والديهما والرحيل عن المستشفى. وأكدت الطفلتان انهما بالرغم من الهدايا الكثيرة والالعاب التي تلقوها في العيد الا أنهما اشتاقتا لوالديهما وكذا اخوتهم الذين عادة ما يقضون معهم أيام العيد في اللعب والمرح وزيارة الأقارب. من جهتها تحدثت أمهات قادمات من مختلف ولايات الوطن قضين أيام رمضان وعيد الفطر مع أبنائهن المصاب غالبيتهم بداء السرطان عن أجواء العيد التي صنعتها الجمعيات والمحسنين. وفي ذات السياق ذكرت سيدة قادمة من الاغواط التي تقيم مع ابنتها البالغة من العمر حوالي سنتين أنه "من الصعب قضاء العيد بعيدا عن العائلة غير أن القدر أراد ذلك". نفس الإنطباع تقاسمته معها سيدات أخريات من الشلف والعاصمة وجيجل اللواتي تمنين الشفاء لابنائهن ولغيرهم من المرضى.