بقلم: فاطمة الزهراء بولعراس مهما كنا جاهلين بأبسط قواعد(اللعبة) السياسية في بلادنا ومهما كانت السياسة عندنا لا تشبه (السياسة) فإننا ندرك على الأقل أن الأحزاب إنما أنشئتْ للنضال وأنها تقوم على مبادئ أو قواعد من واجب مناضليها الالتزام بها والأهم من هذا أن لهذه الأحزاب برامج ورؤى تعمل من أجل تطبيقها متى وصلت إلى السلطة...فما هو حال أحزابنا مع النضال أو الأحرى مع النظام؟؟ كانت الأحزاب في بلادنا (أيام الاستعمار) واضحة الأهداف فمنها من كان يدعو للإدماج ومنها من كان يدعو للمساواة ومنها من أنشئ من أجل تحرير البلاد والعباد...كل هذا في جو من النضال الحقيقي الذي يعرّض صاحبه لأخطار أهونها السجن...فهل هناك أهداف للأحزاب الآن سوى هدف الاستحواذ على السلطة؟؟ إن جل الأحزاب في الجزائر مستميتة في الوصول إلى مائدة النظام فقط لتغمس خبزها في مرق السلطة والذي عادة ما تقوم بطبخه في مواعيد معينة (كالانتخابات مثلا) إن (من يحكموننا) يدركون جيدا أنه لا يوجد نضال حقيقي في أحزابنا ولا توجد أخلاق سياسية عند من يفترض أنهم مناضلون (متحزبون) وليس لأحزابهم من برنامج سوى الوصول إلى السلطة والاستئثار بمزاياها وريعها الذي يوفره الذهب الأسود لذلك فهم وإن كانوا لا يغيّرون الطبخة إلا أنهم يضيفون إليها في كل مرة توابل جديدة قد تجذب نكهتُها آخرين....أما نكهة الانتخابات الأخيرة (التي صدمت الجميع) (أقصد نتائج الانتخابات) فإنها نسبة الثلاثين في المئة التي خُصّصت لما يسميه الساسة عندنا خطأ (العنصر النسوي) وهم يعلمون تماما وأن المرأة المفروضة سياسيا مرفوضة اجتماعيا لأنها فاقدة لمصداقيتها وهي لن تقدم شيئا لأنها لا تملك شيئا..إنما هي حجرة شطرنج يعرف النظام أنها تخدم أهدافه غير البريئة وتعرف الأحزاب ذلك أيضا لكنها تتغاضى عنه في سباقها المحموم للوصول إلى فيئ البرلمان وظلال السلطان، إن أغلبية الرجال في بلادنا (سياسيين أو غير سياسيين) لا يزالون يؤمنون بأن بعض المجالات حكر عليهم وخاصة السياسية وهي قناعات ساعدتهم على اكتسابها المرأة نفسها عندما ابتعدت عنها ولو بأمر منهم، فما عدا بعض الأحزاب الإسلامية التي خلطت أمور الدين بالدنيا والسياسة بالعبادة لا نرى أحزابا (نعتبرها كبيرة) تناضل فيها زوجات رؤساء هذه الأحزاب أو بناتهم أو أخواتهم وهم يفضلون (توريثها) بشحومها ولحومها وما اشتملت عليه الحوايا وما اختلط بعظم خالصة لذكورهم دون إناثهم وإننا لنتساءل ببراءة عن السبب في ذلك ...أما إذا حدث ونجحت امرأة فيما فشل هؤلاء أن يجعلوه عملا شريفا يرفع الهامة ويُتفاخر به فإنهم يكونون أول من يشحذ سكاكين الفتنة ويرفع سيوف النميمة ينحر بها أفكار المحصنات من السياسيات الحقيقيات. إن المرأة في فرنسا مثلا ((التي يشهد بها بعض الجزائريين)) تناضل إلى جانب زوجها في نفس الحزب وإلى جانب ابنها ودون أن يخجل أبوها أو يطلقها زوجها أو ينعتها أهله بأنها (عيشة راجل)...أما عندنا فالمتحزبون يضربون بخمرهم على زوجاتهم وبناتهم بينما يتنافقون مع أخريات (لتحقيق النسبة المفروضة) ومهما يكن من أمر فإن هذه الخالوطة لا توجد إلا عندنا الأحزاب أصبحت بعدد البيوت ولكن المناضلين لا نعرف لهم طريقة؟؟؟ والمنتخَب في (بلدي) (على رأي الرئيس بوتفليقة) لا يعرف برنامج الحزب الذي ترشح فيه وقد لا يعرف اسمه لأنه يترشح على طريقة (شادي بادي) وينجح على طريقة (ندّي هاذي ولا هاذي) والدليل على ذلك تلك الحملة الانتخابية التي أخجلتنا بسطحية من قاموا بها وضحالة أفكارهم تشترك في ذلك جميع الأحزاب بما فيها تلك التي كنا نعتقدها كبيرة فلم تكن كذلك سوى في التحايل والتلاعب بالألفاظ والتراشق بالتهم والتنابز بالألقاب. وباختصار فإن الحملة الأخيرة لم تكن جعجعة بلا طحين فحسب بل أيضا جعجعة ممجوجة وفاضحة وهشة تافهة لا تعبر أبدا عن طموحات شعب قاد ثورة تعد معجزة القرن العشرين. وإننا (هرمنا) في انتظار إرادة حقيقية في التغيير تنبع من أفرد الشعب المناضل حقا من أبناء الجزائر العميقة الذين لا يزالون يتحسرون على ثورتهم التي انتهت بهم إلى زمن الرداءة والرداءة في كل شيء، فلا برامج ولا تنمية ولا تخطيط ولاهم يسألون أويُسألون..... هو الريع.....هو الحاسي يفيض أما النظام فكلما عجز عن إدراك الحلول الحقيقية للمشاكل التي يتخبط أفراد الشعب انغمس في تحضير المرق لأنه على يقين أن الأحزاب عندنا لا تملك سوى الخبز تغمسه فيه وتمتص ذلك المرق(الأسود)؟؟؟ المؤسف في الأمر أن الجزائريين كلهم مدركون أننا على شفا حفرة من الهاوية ولكهم يزيدون خطوة إلى الأمام غير مدركين الهوة السحيقة التي تنتظرهم في أسفلها. إن بعض أفراد النظام وكذلك بعض الأحزاب وجهان لعملة واحدة تخفي في رمزها غرضها الحقيقي وهو اقتسام السلطة وابتلاع خيرات الوطن وأن أهدافهم أدنى من أن تجعل لهذا البلد شأنا كما فعل الأولون ولو لم يكن الأمر كذلك فمال بلدنا الأكبر والأجمل والأغنى يتردى في مشاكل لا توجد إلا في بلدان فقيرة جدا ولا تملك ثروات من أي نوع؟؟؟ إن بلدنا لا يعاني من الفوضى كما كنا نعتقد ولكنه يعاني من اللانظام واللاقانون واللاأخلاق واللامنطق ثم إنه يعاني أيضا من نصف العلم ونصف الدين ونصف العمل وأنصاف كل شيء وهي أمور أخطر من الجهل والكسل والإلحاد...فهل رأيتم في بلدنا شيئا تم واستقام واستوى على الجودي؟؟؟ نحن لا في البداية فنصبر ولا في النهاية فنثور..نحن شبه متعلمين وشبه عاملين وأشباه بشر لا نشبه أنفسنا ولا غيرنا وهذا ما يريده النظام وتستغله الأحزاب، إن بلدا يُسّير ب(اللانظام) ستكون عواقبه وخيمة على البلاد والعباد وإن دروس الأمس القريب لا تزال ماثلة أمام أعين الجميع، وبقايا الخراب لا تزال تحفر في البناء الهش لمجتمعنا الذي يفتقر للعدل والأمان وإذا كان القائمون على أمورنا لا يدركون ذلك فارتقب قارعة لا تصيب الدين أساءوا السوء بل تجرف كل ما كان وما سيكون أيضا النظام والأحزاب في بلدنا متشابهان حد التطابق في الضحك على العباد واستغلال ظروفهم من الجهل والفقر والحاجة والتظاهر بمظهر المعارضة، وهم من أشد الموالين (لمصالحهم وأطماعهم) وحتى المخلصين من أبناء هذا الوطن أجبروا على اتباع قافلة اللانظام خوفا من الوسائل غير الشريفة التي يستعملها هؤلاء في حروبهم القذرة التي لا تشبه الحروب وأما البعض منهم فقد انزوى في النسيان والتهميش وقد خابت أمة لا تستفيد من خبرات أبنائها وتجاربهم في بلادنا، كلما دخلت أمة لعنت أختها وهذا هو الخسران المبين رغم أنني أتمنى أن أكون مبالغة فيما قلته أعلاه إلا أنني أوجه ندائي فأقول يا بقايا النظام؟؟ويا أشباه الأحزاب؟؟ اتقوا الله في بلد تتقلبون في نعيمه وخيراته واشكروه بإخلاص النية في العمل وإلا فلا أحد يدري أي منقلب ننقلب وتنقلبون؟؟؟