بعد ولوجهن جميع المجالات التي كانت حكرا على الرجال في وقت مضى، هاهي اليوم تقتحم المرأة عالم قيادة سيارة (الكلوندستان)، حيث فرضت بعض النسوة وجودهن في شوارع العاصمة وضواحيها، وأصبحن ينافسن الرجال ذوي الخبرة في هذا المجال، غير أن النساء يتعاملن مع الزبائن من الجنس اللطيف، أما البعض من الفضوليين الرجال أرادوا تجربة الركوب مع سائقة سيارة (الكلوندستان) إلا أن الرفض كان بالمرصاد. وهنا لقي بعض الرجال استحسان الفكرة وأنها تساعد العديد من العائلات المحافظة، في حين أبدى بعض العاملين في الميدان بأن السائقات قد نجحن في خطف الزبائن خاصة النساء اللواتي يفضلن في معظم الأحيان الركوب مع السائقة من أجل أخذ راحتهم معها، ولأن نسبة كبيرة من العمال الجزائريين هم من النساء فإن أرباح السائقات تتضاعف يوما بعد آخر خاصة إذا أحسنت المرأة اختيار المنطقة التي تنشط فيها كالشوارع الرئيسة والمناطق التي تشهد حركية ونشاطاً كبيرين، على غرار ساحة أودان وأول ماي. والملاحظ أن أغلب النساء اللواتي اقتحمن هذا الميدان ينتمين إلى العقد الثالث فما فوق وهذا أما أكسبهن احتراما لدى الزبائن المتعاملين معهن، كما سهل الكثير من المصاعب عليهن، إلا أن الأمر لا يخلو أحيانا من بعض التصرفات غير المسؤولة تصدر من شباب طائش، وهذا ما عبَّرت لنا عنه إحدى السائقات وتدعى نبيلة ذات خبرة ومهارة في هذا المجال التي أكدت ل(أخبار اليوم) بأنها اقتحمت هذا الميدان المحفوف بالمتاعب منذ التسعينيات، حيث خلفت والدها الذي اغتالته أيادي الإرهاب فأصرت أن ترفع المشعل لإعالة والدتها وإخوتها الصغار رغم كل المخاطر التي كانت تتربص في تلك الفترة بالمواطنين و الجزائر ككل. ورغم الحقبة الدامية، إلا أن هذه السيدة نبيلة واصلت دربها على الرغم من التهديدات والمضايقات المتواصلة من طرف بعض الأطراف التي قامت بتهديدها في العديد من المرات، إلا أنها لم تستسلم على حد قولها، فرضا والدها المرحوم التي كانت بالنسبة له بمثابة الابن البار والسند وكذا دعاء والدتها أنقذها من أيادي هؤلاء المغتصبين، وبعد استتباب الأمن في الجزائر بعد المصالحة والسلم، زالت مخاوفها ولم تتعرض لأي مكروه. وتضيف نبيلة أن في بادى الأمر لم يتقبل البعض الفكرة وكانت تتعامل مع أشخاص معينين نظرا لانعدام الثقة بين المواطنين آنذاك إلا أن بعد الانفراج الأمني عادت للعمل بقوة خصوصا بالمنطقتين المذكورتين، ولا ينحصر عملها بالعاصمة فقط بل يزداد نشالطها في فصل الصيف، حيث تتصل بها العائلات لنقلها إلى ضواحي العاصمة كزرالدة وماتاراس وغيرها من المناطق الساحلية المجاورة، وتقول عن عملها كسائقة (كلوندستان) ليس عيبا بل هو عمل شريف وفي نفس الوقت هي إنسانة محافظة على كرامتها وسمعتها بين أفراد المجتمع الجزائري، وتضيف رغم ذلك تتعرض في العديد من المناسبات للمضايقات والتصرفات الطائشة من قبل هؤلاء إلا أن شخصيتها القوية تمنحها الحماية الكافية لردعهم وصدهم. هذه السيدة ليست الوحيد التي تعاني من هذا المشاكل والممارسات اللاأخلاقية من طرف هؤلاء الشباب، فالسيدة نبيلة تؤكد أن زميلاتها العاملات في هذا المجال والمقدر عددهن 06 نساء ينشطن على مستوى العاصمة ويواجهن نفس المشاكل وهي المضايقات من طرف هؤلاء الشباب المراهق، كما يتعرضن في بعض الأحيان للإهانة والكلام الخادش للحياء من طرف السائقين الرجال الذين لا يحترمون دور المرأة التي تقود معهم في وتنشط عبر نفس الخطوط ونفس الوضع تتعرض له باقي النساء اللاتي يمتلكن سيارات عادية ويقمن بقيادتها ليس في شوارع العاصمة فقط بل في مختلف المناطق والولايات، فهي تتعرض على مدار فترة قيادتها إلى العديد من المناوشات والكلام الجارح الموجه لها من طرف الرجال سواء السائقين أو حتى المارة. ورغم هذا وذاك والإهانة التي تتلقاها سائقة (الكلوندستان) إلا أنها فرضت وجودها بقوة.