يقال إن الأزمة تولد الهمّة وينطبق المثل على بعض النسوة اللواتي اقتحمن مهنة تصعب حتى على الرجال فما بالنا بالنسوة، بحيث تحوّلن إلى ممارسة حرفة (الكلوندستان) وعرض خدماتهن على المتنقلين من الجنسين بعد أن ضاقت بهن السبل في الحصول على فرصة عمل فاخترن تلك الحرفة التي أضحت شائعة في مجتمعنا ومطلوبة من طرف الكل في ظل الاكتظاظ ومشقة قطع المشاوير بحافلات النقل. نسيمة خباجة لا يتأخرن عن التنقل بين الأزقة والشوارع لعرض خدماتهن على الزبائن والحصول على عائدات من تلك الحرفة المبتدعة والتي لاقت تجاوبا مع بنات جنسهن ووضعن فيهن كامل الثقة كون أن الكثيرات تمتنعن عن التنقل مع رجل غريب، إلا أن اقتحام النسوة الميدان وفر لهن الأمان والثقة وصرن يتنقلن معهن إلى أي مكان ووجدن أن الركوب مع امرأة أحسن بكثير من الركوب مع رجل لا يعرفون أصله من فصله. وعلى الرغم من المخاطر التي تتربص بالمهنة عزمن على تحديها لأجل جلب لقمة العيش والكفاح لمواجهة أعباء الحياة، ويرين أنها مهنة شريفة لا تدعو إلى الخجل أو جلب العار والفضح خاصة وأن المرأة اليوم اقتحمت جل المجالات حتى تلك التي كانت حكرا على الرجال. في هذا الصدد زرنا بعض المقاطعات التي تشهد انتشار الظاهرة على غرار باب الوادي وباش جراح ووقفنا على التجاوب الكبير الذي أبانته النسوة لاسيما في الأيام الأخيرة التي سبقت حلول العيد المبارك وكثرة التنقلات من أجل التحضير للعيد، وكن هؤلاء بمثابة الفرج الذي حل على بعض النسوة، بحيث سهّلن تنقلاتهن بكل راحة بعيدا عن كل الشكوك والوساوس التي تحوم في حال الركوب مع رجل غريب. ما بينته السيدة فريدة التي قالت إنها امتطت في كم من مرة سيارات (كلوندستان) كانت تقودها نسوة تفاعلت معهن كثيرا حتى أنهن خفيفات الظل ويذهبن إلى التحادث مع الزبونات على طول المشوار، وعن رأيها في الظاهرة الجديدة قالت إنها إيجابية وتخدم النسوة أكثر خاصة أن الكثيرات لا يثقن في بعض أصناف الرجال ولا نقول الكل بحكم الوقائع التي سمعن بها وتعرُّض فتيات إلى الخطف بعد وضعهن الثقة في الأغراب، ومن شأن امتهان النسوة للحرفة أن يخدمهن كثيرا، بحيث يسهل التنقل معهن بكل أمان وبعيدا عن كل الشكوك، نفس ما بينته سيدة أخرى التي قالت إنها شخصيا لا تقدم على امتهان الحرفة إلا أن هناك نسوة ألزمتهن الظروف القاسية على تحدي مخاطر المهنة كونها تبقى مهنة شريفة يقتاتون منها حلالا لكن تبقى حالات شاذة في مجتمعنا كون أن هناك من المهن من تناسب الرجال أكثر على غرار (الكلوندستان) خاصة وأنها عالم مشبوه ومليء بالمفاجآت غير السارة بفعل توريط العديد منهم في قضايا المخدرات ومنهم حتى من تعرض إلى القتل، خاصة وأن مجتمعنا طغت عليه جرائم لم نكن نعرفها من قبل مما يؤدي إلى استعصاء تلك المهنة على النسوة. ولم نرد ختم المناقشة إلا بإعطاء الكلمة للرجال وأخذ رأيهم في المرأة (الكلوندستان)، قال حميد إنه ضد الفكرة فتبقى المرأة تستحوذ على مهن معينة تناسبها ولا يحق لها التدحرج إلى مهن صعبة حتى بالنسبة للرجال فما بالنا بالنسوة، ليضيف أن له صديق يزاول الحرفة يذهب دوما إلى انتقاء زبائنه انتقاء جيدا وفي الغالب يكونون من معارفه ومن سكان الحي، ليضيف أنه لا يتبادر إلى ذهنه تقبل فكرة امرأة تقود سيارتها وتتنقل من زقاق لآخر لحمل زبائن متنوعين منهم الصالح ومنهم الطالح. وهي وإن كانت حرفة تجاوبت معها الكثير من النسوة بحيث اكتسبن ثقتهن في لمح البصر وصرن يتعاملن معهن في مشاويرهن إلا أنها تبقى حرفة مشبوهة ومليئة بالمخاطر على الرجال والنسوة معا.