كشف مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية أوّل أمس الجمعة أن التحرّيات ما تزال متواصلة للتأكّد من مدى صدق نبأ إعدام الطاهر تواتي نائب القنصل الجزائري بمدينة غاو المالية من طرف الجماعة المسلّحة المعروفة باسم حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا. ويأتي هذا التصريح من وزير الخارجية وسط مخاوف من تنفيذ الحركة لتهديداتها بتصفية بقّية الدبلوماسيين المحتجزين منذ ما يقارب 5 أشهر. ومن جانب آخر استنكر مدلسي مبادرة إنتاج الفيلم المسيء إلى النبي الكريم، داعيا إلى ضرورة استصدار قانون عالمي لمكافحة المساس بالديانات. أكّد مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية مساء أوّل أمس الجمعة في حوار له مع الصحيفة الإسبانية (الباييس) على هامش الزيارة القصيرة التي قادته إلى العاصمة الإسبانية مدريد أن التحقيقات ما تزال متواصلة للتأكّد من مدى صحّة الأخبار التي وردت مؤخّرا حول إقدام الجماعة المسلّحة التي تدعو نفسها حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا على تنفيذ تهديداتها بإعدام الطاهر تواتي نائب القنصل الجزائري بمدينة غاو شمال شرق مالي، مضيفا أن التحرّيات ليست (بالسهلة ولا بالبسيطة). ويأتي هذا التصريح من مدلسي وسط مخاوف من تنفيذ الحركة لتهديداتها في تصفية بقّية الدبلوماسيين المحتجزين لديها منذ ما يقارب خمسة أشهر، حيث أعلنت الحركة في الفاتح من شهر سبتمبر الجاري أنها قد أعدمت نائب القنصل الطاهر تواتي وتوعّدت بإعدام الدبلوماسيين الثلاثة الباقين في حال لم يتمّ إطلاق سراح مسلّحين تمّ اعتقالهم مؤخرا قرب مدينة غرداية جنوبا، في حين أكّدت الخارجية الجزائرية بعد يوم من إعدام نائب القنصل عدم تأكّدها بعد من صحّة الخبر، مضيفة أن (التحرّيات جارية للتأكّد من صحّة خبر إعدام الرهينة الجزائري). وأوضح وزير الشؤون الخارجية في ذات الحوار الذي خصّ به الصحيفة الإسبانية أن الجزائر تأتي في طليعة الدول المكافحة للإرهاب، حيث تعتمد على علاقات التعاون مع الشركاء الأوروبيين والأفارقة في مجال محاربة الإرهاب، مؤكّدا أن الجزائر طلبت تعميق التعاون في مجال الاستخبارات والتكوين في مجال مكافحة الإرهاب وتوفير المعدّات الخاصّة. وصرّح مدلسي في هذا الصدد قائلا: (نحن على خطّ الجبهة، لكن لن نكون لوحدنا، لقد طلبنا من شركائنا الأوروبيين والأفارقة تعميق التعاون في ثلاثة مجالات: الاستخبارات، التكوين في مجال مكافحة الإرهاب وتوفير المعدّات الخاصّة). أمّا عن إمكانية وجود علاقة بين المغرب والجماعة التي تسمّي نفسها حركة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا والتي قيل إنها انشقت مؤخّرا عمّا يعرف بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. فقد أكّد مراد مدلسي أنه ليس هناك أيّ فائدة تجنى من مساندة الإرهاب ومساعدته، مضيفا في ذات السياق أن (حركة التوحيد والجهاد في منتصف الطريق بين الإرهاب والاتجار بالمخدرات، ولا فائدة لأي أحد من تطور الإرهاب). ومن جانب آخر، تطرّق وزير الشؤون الخارجية إلى الأحداث الأخيرة التي عرفتها عدة دول إسلامية عقب عرض مقاطع من فيلم (براءة المسلمين) المسيء إلى الإسلام على شبكة الأنترنت، مستنكرا مبادرة منتجي هذا الفيلم، ودعا من جهة أخرى إلى ضرورة تحديد إطار قانوني لمكافحة الإساءة والمساس بالديانات، حيث قال إنه (من غير المقبول أن يستغلّ البعض حرية التعبير، للإساءة للمعتقدات الدينية). وأدان مراد مدلسي في ذات السياق الهجوم الذي استهدف القنصلية الأمريكية بمدينة بنغازي الليبية، والذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي بليبيا رفقة ثلاثة موظفين بالسفارة. يذكر أن الخارجية الجزائرية عبّرت على لسان المتحدّث الرّسمي باسمها عمار بلاني في تصريح سابق له عن استيائها من عرض الفيلم المسيء إلى شخص النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، حيث أكّد أن (الجزائر تعرب عن أسفها الشديد للامسؤولية أصحاب فيلم براءة المسلمين)، مضيفا أن الجزائر و(انطلاقا من تمسّكها العميق بالوئام بين مختلف العقائد واحترام جميع الديانات تعرب عن أسفها الشديد للا مسؤولية أصحاب فيلم براءة المسلمين الذي يسيء إلى الإسلام وإلى رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم). كما وجّه مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية برقية تعزية إلى نظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون إثر الاعتداء الذي استهدف القنصلية الأمريكية في ليبيا وأدّى إلى وفاة السفير الأمريكي رفقة ثلاثة موظفين. وللتذكير، فإن عرض مقاطع من فيلم (براءة المسلمين) المسيء إلى الإسلام على شبكة الأنترنت قد أثار موجة عارمة من الاحتجاجات في عدّة دول عربية، حيث شهدت الكثير من العواصم العربية مسيرات احتجاجية حاشدة ردّا على الإساءة إلى النبي الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم.