أكد وزير الشؤون الخارجية، السيد مراد مدلسي، أن الجزائر لا تزال تواصل التحريات من أجل معرفة إن تم إعدام نائب القنصل الجزائري ب«غاو" بشمال شرقي مالي، الطاهر تواتي، من طرف ما يسمى ب«الحركة من اجل الجهاد والتوحيد في غرب إفريقيا". وقال السيد مدلسي في حوار للصحيفة الإسبانية "الباييس" مساء أول أمس، على هامش الزيارة القصيرة التي قادته إلى مدريد، أن هذه التحريات ليست "بالسهلة والبسيطة". وكانت الحركة، قد أعلنت في الفاتح من شهر سبتمبر الجاري إعدامها لنائب القنصل الجزائري، الطاهر تواتي، المحتجز رفقة ثلاثة دبلوماسيين آخرين لديها منذ بداية أفريل الماضي، إلا أن وزارة الشؤون الخارجية، اكدت بانه يجري حاليا التأكد من صحة الخبر. من جهة أخرى، اكد السيد مدلسي أن الجزائر في الطليعة في مجال مكافحة الإرهاب، قائلا في هذا الصدد "نحن على خط الجبهة، ولكن لن نكون لوحدنا. لقد طلبنا من شركائنا الأوروبيين والأفارقة تعميق التعاون في ثلاث مجالات: الاستخبارات، التكوين في مجال مكافحة الإرهاب وتوفير المعدات الخاصة". وفي رده على سؤال حول وجود علاقة محتملة بين الحركة من أجل الجهاد والتوحيد بغرب إفريقيا والمغرب، أوضح الوزير "أن حركة الجهاد والتوحيد في منتصف الطريق بين الإرهاب والاتجار بالمخدرات، ولا فائدة لأي أحد من تطور الإرهاب". وفيما يتعلق بالتداعيات الاخيرة التي افرزها الفيلم المسيئ للرسول محمد (ص) وللمسلمين على شبكة الانترنت، استنكر الوزير مبادرة منتجي هذا الفيلم، كما أدان الهجوم على القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي في ليبيا والذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي. ودعا السيد مدلسي في هذا السياق إلى وضع إطار قانوني عالمي لمكافحة الإساءة للديانات، قائلا "من غير المقبول أن يستغل البعض حرية التعبير للإساءة للمعتقدات الدينية". وكان السيد مدلسي قد اختتم أول أمس الجمعة زيارته الرسمية لمدريد والتي دامت يومين، استقبل خلالها من طرف الملك خوان كارلوس الاول الذي سلمه رسالة صداقة وتقدير من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة حسبما علم لدى وزارة الشؤون الخارجية. وتأتي هذه الزيارة التي تندرج في اطار الحوار السياسي المستمر بين الجزائرواسبانيا، بعد تلك التي قام بها في فيفري الماضي السيد غارسيا مارغالو وزير الخارجية والتعاون الاسباني ووزير الصناعة والطاقة والسياحة السيد جوزي مانويل سوريا. كما استقبل السيد مدلسي خلال هذه الزيارة من طرف رئيس الحكومة الاسبانية السيد ماريانوراخوي الذي نقل له تحيات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وتم خلال اللقاء بحث علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، كما عبر الجانبان عن ارتياحهما للحوار والتعاون بين الجزائرواسبانيا وفق ما اعلنه المصدر. وكان الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عمار بلاني قد اشار في وقت سابق الى أن "هذه الزيارة ستسمح للوزيرين بتبادل وجهات النظر حول حالة العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وكذا القضايا الاقليمية والدولية الراهنة". واوضح ان زيارة السيد مدلسي إلى مدريد "التي تندرج في اطار التشاور وتعزيز علاقات الصداقة والتعاون وحسن الجوار التي تربط الجزائرواسبانيا، ستسمح لرئيس الدبلوماسية الجزائرية باجراء محادثات مع عدد من المسؤولين الاسبان". ويعتبر الملاحظون أن العلاقات الجزائرية-الاسبانية تتسم بالاستقرار وتقوم على التعاون المتبادل رغم بعض حالات سوء التفاهم الاقتصادية البحتة من الناحية التقنية، على غرار اللجوء إلى التحكيم في قضية سوناطراك وبعض الشركات الاسبانية. وخلال لقائه الأخير (شهر فيفري من السنة الجارية) برئيس الدبلوماسية الإسبانية مانوال غارسيا مارغايو، أكد السيد مدلسي أنه "منذ التوقيع على معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار عرفت العلاقات العريقة التي تربط بلدينا تقدما ملحوظا". وتناول الطرفان وقتها الشروط التي من شأنها السماح بوضع "آليات أكثر" و«طاقات أكثر" من أجل بلوغ الأهداف المنشودة. ويرى المراقبون أن الجزائر تسعى إلى تطوير الانتاج والتصدير خارج المحروقات في حين تسعى اسبانيا إلى تطوير الصادرات من السلع والخدمات في ظرف اقتصادي صعب. وهو ما أكده مراد مدلسي قائلا "قررنا أولا تعزيز ما هو موجود وهو معتبر لأن اسبانيا تحظى بمكانة هامة في مجال الطاقة وكذا في القطاعات الحساسة خارج المحروقات على غرار الصناعات الغذائية والصيدلة وتحلية مياه البحر"، مشيرا في هذا الصدد إلى الحضور الهام للمؤسسات الاسبانية في الجزائر.