لم يعد للسكان في أغلب القرى الواقعة بإقليم بلدية بغلية شرق بومرداس سببا واحدا يتذرّعون به للبقاء في المنطقة التي ترعرع فيها أجدادهم وتحمّلوا قساوة الطبيعة ومرارة الإرهاب الأعمى الذي أتى على الأخضر واليابس، وزادها إهمال المجالس المنتخبة التي تعاقبت على رأس البلدية، والتي أقصتها من أبسط المشاريع التنموية كوسائل النّقل، تهيئة الطرقات، السكن وغيرها، الأمر الذي جعل أغلب سكانها يعيشون على وقع الفقر، البطالة والعزلة لأكثر من عقدين من الزمن. فهذه القرى التي يزيد عددها عن العشرة تفتقر كلّها إلى أدنى شروط العيش الكريم منذ أكثر من عشرين سنة، لا شيء تغيّر فيها سوى المزيد من المعاناة بالرغم من الوعود التي قطعتها المجالس المنتخبة التي تعاقبت على رأس البلدية في كلّ مرّة بإدراج مشاريع تنموية لصالحهم إلاّ أنه لا حياة لمن تنادي، فالعزلة أصبحت الشبح الذي يطارد يومياتهم بسبب انعدام وسائل النّقل في معظم هذه القرى، ممّا زاد من معاناة سكانها وجعلهم في عزلة قاسية. حيث أن معظم القرى ذات طابع جبلي وتبعد كلّها عن مركز البلدية بحوالي 9 و10 كلم، الأمر الذي جعل التنقّل إلى مقرّ البلدية لقضاء حاجاتهم أو الالتحاق بأعمالهم شبه مستحيلة، إضافة إلى مشكل الطرقات، حيث أن معظم هذه القرى العشر تعاني مسالكها من عدم التهيئة إن لم نقل إنها لم تشملها أيّ عملية تهيئة. وحسب تصريح سكان هذه القرى ل (أخبار اليوم) فإنهم سئموا من هذا الوضع وهذه المعاناة الطويلة وسياسة التجاهل والإقصاء من طرف سلطاتهم المحلّية رغم نداءاتهم المتكرّرة إلاّ أنه لا حياة لمن تنادي، ويضيف هؤلاء السكان (وكأننا لسنا تابعين لبلدية بغلية، وأن السلطات المحلّية المتعاقبة تخدم مصالحها فقط ولم يصلنا من التنمية أيّ شيء). فالبطالة والفقر هما القاسم المشترك بين سكان القرى العشر، خاصّة الشباب منهم الذين سئموا العيش وسط هذه الظروف المعدمة، ممّا جعل العديد منهم ينحرفون أو يهجرون قراهم إلى مناطق أخرى بحثا عن مصادر الرّزق والعيش الكريم. ويضيف هؤلاء أنهم محرومون من خدمات الهاتف ومقاهي الأنترنت، ممّا جعلهم منقطعين عن العالم الخارجي ولا تتوفّر هذه القرى العشر على غرار شرابة، أولاد احميدة، سباو، تازروت وغيرها على أيّ مرفق ترفيهي أو ملاعب جوارية، أمّا قاعات أخرى أو دور الشباب فحدّث ولا حرج. ولا تتوقّف معاناة سكان القرى عند هذا الحدّ، بل تمتدّ إلى نقائص أخرى لا تقلّ أهمّية عن سابقاتها. حيث أضحى مشكل السكن هاجس السكان، إذ أن معظمهم يقطنون في بنايات هشّة آيلة للسقوط في أيّ لحظة ولم تستفد من السكنات الريفية رغم الإحصائيات التي قامت بها السلطات المحلّية مؤخّرا للبنايات الهشّة، إلاّ أن لا أحد منهم استفاد من السكن الرّيفي رغم إيداع العشرات منهم لملفات الاستفادة من هذه السكنات بحجّة يضيف السكان أن معظمهم إن لم نقل كلّهم لا يملكون عقود الملكية، وهو الشرط الذي يجب أن يتوفّر من أجل الاستفادة من السكن الرّيفي، الأمر الذي جعلهم يحرمون من هذا الحقّ الذي انتظروه طويلا، خاصّة وأن العديد منهم لا يستطيعون بناء سكنات بسبب الفقر والبطالة، خاصّة الشباب منهم المقبلين على الزّواج، محمّلين السلطات المحلّية مسؤولية التقصير في حقّهم وعدم التدخّل لإيجاد حلّ لهذا المشكل. وفي ظلّ هذه الأوضاع المزرية يأمل هؤلاء السكان أن تتذكّرهم سلطاتهم المحلّية يوما ما وتربطهم بإقليمها تنمويا وتنفض غبار الفقر عنهم الذي جعل حياتهم أكثر من بدائية.