* نتمنى أن تكون شهية الجزائريين مفتوحة للقراءة.. كما هي مفتوحة للشراء بينما كنا نتجول بين أجنحة المعرض الدولي ال17 للكتاب بالجزائر العاصمة، الذي اختتمت فعالياته يوم السبت، استوقفتنا دار الكتاب الجامعي الحديث المصرية، حيث وجدنا فيها الأستاذ ساعد ساعد يبيع كتبه حول التدريب الإعلامي، وفنيات التحرير الصحفي، والصورة الصحفية بالتوقيع، وهو أستاذ جامعي بجامعة عين تموشنت، ومدير عام لمركز التدريب الإعلامي، (أخبار اليوم) التقته، وكانت لها معه هذه الدردشة.. * ما هو انطباعكم حول الصالون الدولي ال 17 للكتاب؟ - شيء جميل أن يستمر المعرض الدولي للكتاب كثقافة وتقليد في المجتمع الجزائري، ولكم تمنيت أن يكون شعار المعرض شعارا آخر غير (سيلا) ومن الأحسن أن يكون حول رموز جزائرية معروفة في التاريخ القديم والحديث، فالمتتبع للمعارض الدولية الكبرى في الكثير من الدول سواء الأوروبية أو العربية نجدهم يتغنّون برموزهم التاريخية والأدبية والعلمية، فنحن خرجنا عن السياق؛ لأن (سيلا) لم يفهمها الجزائريون ولا الضيوف من الدول الأخرى. * هل للكتاب الرقمي حضور في هذا المعرض؟ - نعم الكتاب الرقمي حاضر في الصالون، لكن ليس بقوة، ويجب أن نتفق جيدا أنه لا يمكن في حال من الأحوال القول بأن التوجهات الرقمية في المجال العلمي تسقط الكتاب في صيغته التقليدية؛ فكبار الكتاب وحتى الشباب لازالوا يتعاملون بشكل أكثر مع الكتاب بصيغته التقليدية لما له من رمزية في المتابعة. * حسبكم، هل المجتمع الجزائري مهتم بالقراءة والمطالعة؟ - الملاحظ من خلال إقبال الشباب والكهول والصغار وحتى الشيوخ، نعم هناك توافد على المعرض واقتناء الكتب، لكن هل يهتمون بمطالعتها؟...الله أعلم، أتمنى أن يستمروا في شهيتهم للقراءة كشهيتهم للشراء. * ماذا تقول عن النشر والتأليف في الجزائر؟ - لا يمكن الحديث عن النشر والتأليف في الجزائر، فهي حالة صعبة جدا، فأنا مثلا ضيعت حقوقي المادية والمعنوية فلم أسترجعها منذ خمس سنوات، وكما أعرف العديد من المؤلفين الجزائريين لم يروا النور في حقوق تأليفهم ونشر كتبهم، فالحديث عن التأليف والنشر في الجزائر شبيه بالحديث عن أسواق الحراش، يوجد نشر في الجزائر لكن حقوق المؤلفين والباحثين وصياغة التعامل تبدو قديمة جدا؛ مما يلجأ الكثير منهم إلى التعامل مع دور النشر للدول الأخرى، ولتحسين مستوى التأليف والنشر في الجزائر يجب فتح صندوق لدعم الكِتاب والمؤلفين والباحثين، ويجب أن يتحرر من سيطرة وزارة الثقافة، ووزارة التعليم العالي مستعدة لدفع الكتاب الجامعي إلى الأمام، وعلينا بفتح صناديق لا صندوق واحد فقط، وعدم الاقتصار على الكتب القديمة كالتي تتناول حياة وفكر كارل ماركس، حتى أن الروسيين صرفوا اهتمامهم منه، فكيف يمكننا أن نطبع كتبا عنه؟، والكتب القديمة التي تتحدث عن الشعر والأدب لا يهتم بها الشعب الجزائري خاصة في وقتنا هذا مع احترامنا للشعراء والأدباء، إننا محتاجون لكتب عن تنمية الذات والمجتمع والحديث عن الظواهر الموجودة في العالم تتعلق بالإعلام مثل الظواهر الاجتماعية، يجب أن ننتهج هذه الطريقة ولا يجب أن تقتصر الكتب عن الماضي الذي ليس له أهمية للمجتمع في وقتنا الراهن. * بحكم تخصصكم، كيف ترون واقع الصحافة الجزائرية سواء المكتوبة أو المرئية؟ - والله الصحافة المكتوبة الجزائرية في مرحلة سابقة تنوعت وتشكلت، أما الآن فهي تعيش مخاضا إن صح التعبير مخاض الاستقلالية عن الداعمين للمال والإشهار، أما الصحافة السمعية البصرية يبدو أنه صعب الحكم عليها بالتجربة القصيرة لها، سواء للتلفزيون الذي لا يمكن التكلم عليه لبرامجه التي أصبحت لا تعكس اهتمامات المجتمع، أما بالنسبة للقنوات الجديدة فأعتقد أنه من السابق لأوانه الحكم على تلك القنوات التي مازالت في مرحلة الرضاعة إن صح التعبير، نحن ننتظر حتى تبلغ الفطام ثم يمكن لنا أن نتكلم حول بعض توجهاتها وبرامجها في هذا المجال. * مع ظهور هذه القنوات التلفزيونية الجديدة، هل يعني هذا أن الجزائر تعيش الانفتاح الإعلامي؟ - لا يمكن القول بأن الجزائر تعيش مرحلة الانفتاح الإعلامي؛ لأن هذه القنوات لم تشكل في الجزائر، بل في خارج الوطن في لبنان، فرنسا، الأردن، وعندما تكون مقراتها هنا بالجزائر حينها سنتحدث عن الانفتاح الإعلامي، هذه القنوات مفتوحة بقوانين نشر أجنبية وتبث على الساتل الجزائري أو النيلسات أعتقد أنه لا يمكن التحدث عن الانفتاح الإعلامي بل نحن نعيش نوعا من الانغلاق. * الحكومة الجديدة غضت الطرف عن إعادة النظر في قانون الإعلام، ما رأيك؟ - الحكومة الآن تعيش حالة تخبط، ومرد ذلك التنوع غير المنتظر في تشكيلتها، وبالتالي أعتقد أن اهتمامات الحكومة في المرحلة الراهنة جلها سياسية اجتماعية فقط، لم نصل إلى درجة الاهتمام بالجوانب الأخرى كالإعلامية والثقافية وهذا تتحمله الأسرة الإعلامية، فهي مدعوة إلى أن تمارس نوعا من الضغط لخلق فرص تنمية الإعلام وأدائه. * تشرفون على مركز التدريب الإعلامي، فهل هناك طاقات شبانية تستطيع دعم الإعلام الجزائري؟ * من خلال تجربتنا بحوالي 30 دورة متخصصة في السمعي البصري والصحافة المكتوبة، أعتقد أنه هناك طاقات هائلة محتاجة إلى الصقل والتوجيه وحتى التنويه، وعلينا الاهتمام أكثر بالطاقات الشابة التي بإمكانها أن تصنع الفارق، في ظرف نرى التراجع لدى بعض الصحفيين. * اهتمام طلبة الإعلام بالفايسبوك ملفت للنظر، فما رأيك؟ - صحيح، الجزائريون عموما مهتمون بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك على عكس الخليجيين المهتمين بموقع تويتر، واتجه الفايسبوك من وسيلة للتعارف والدردشة إلى وسيلة صنع رأي عام، وأعتقد الآن أن الفايسبوك في الجزائر يأخذ صبغة أخرى، وهو نحو تشكيل مجموعات ثقافية وفكرية وكذلك اجتماعية لصنع رأي عام محلي أو رأي عام على مستوى الأهداف المشتركة سواء في الجامعة أو الأحياء، أو حتى على المستوى الوطني، وما يدل على ذلك مناقشة بعض القضايا كالاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين، فيحاول الشباب الجزائري صنع رأي، وهذا أكيد شيء إيجابي. * هل هناك نصيحة تقدمها لطلبة الإعلام؟ - لا تكتفوا بما تتلقونه من المحاضرات في الجامعة، وإنما يجب أن تمارسوا الصحافة وتتعلموا الكتابة، ويجب أن تخضعوا لدورات تدريبية، والاحتكاك بأهل الإعلام، ويجب أن تمرنوا عقولكم وألسنتكم على الدراسة والبحث والتقصي، ومتابعة الجرائد والأخبار، حتى تسقطوا ما تتلقونه نظريا وما تعيشونه واقعيا في مجال الإعلام.