شغل مشكل استشراء الفساد في الإدارة الجزائرية وفي أعلى مستويات الدولة أغلب أعضاء مجلس الأمّة معتبرين ذلك أمرا خطيرا لابد من مواجهته ميدانيا عن طريق آليات عملية وفعّالة من شأنها القضاء على الظاهرة نهائيا، ومن جانب آخر ثمّن بعض الأعضاء الإنجازات التي حقّقتها الحكومة في إطار تجسيد برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة منتقدين بعض جوانب مخطط عمل الحكومة كتغييب الشباب وعدم ربط الأهداف بآجال محدّدة. ما يزال الحديث عن مشكل استشراء الفساد في مختلف أشكاله وفي كافّة القطاعات يشغل الحيّز الأكبر، لا سيّما بعد الاهتمام الذي أولاه مخطط عمل الحكومة لمكافحة الفساد واسترجاع ثقة المواطن في الإدارة. وفي هذا الصدد أعرب بعض أعضاء مجلس الأمّة في حديثهم ل (أخبار اليوم) عن أملهم في تطبيق آليات فعّالة للقضاء على هذه الظاهرة التي تعرف انتشارا واسعا وخطيرا سنة بعد سنة، منتقدين مخطط عمل الحكومة الذي لم يضبط تحقيق الأهداف المسطّرة بمواعيد محدّدة. بن عروس: "القوانين لا تكفي.." في هذا الصدد رأت زهية بن عروس العضو في مجلس الأمّة في تصريح ل (أخبار اليوم) أن الفساد في الجزائر أخذ عدّة أشكال (كالفساد المالي والبيروقراطية وسوء استقبال المواطن على مستوى الإدارة) وطغى على الإدارة العامّة متّخذا شكلا أفقيا شمل جميع القطاعات دون استثناء، معتبرة ذلك أمرا خطيرا. كما حذّرت العضو في مجلس الأمّة من استشراء الفساد في الإدارة العامّة باعتبارها هيئة تضمّ أكبر عدد من العمّال والموظّفين، وأضافت أن قوانين مكافحة الغشّ والفساد متواجدة منذ حوالي أربع سنوات وليس هناك حاجة إلى إضافة قوانين في هذا الإطار، مؤكّدة أن المشكل الحقيقي لا يكمن في النصوص القانونية ولا في التشريعات ودعت في هذا الإطار إلى ضرورة التركيز على العمل الميداني للقضاء على الفساد في كافّة المجالات والعمل على (أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية) التي أكّدت بن عروس أنها لا تتمّ إلاّ بتعميم سلوك مدني وحضاري انطلاقا من الأسرة الصغيرة عن طريق التنشئة الجيّدة مرورا بالمدرسة الابتدائية ووصولا إلى أعلى المستويات. وأوضحت زهية بن عروس في ذات السياق أن النصوص القانونية وحدها لا تكفي كونها موجودة منذ سنة 2008، لكنها لم تستطع لوحدها القضاء على الظاهرة التي تزداد انتشارا وتوسّعا. من جانب آخر، سجّلت السيناتورة عددا من الملاحظات على مخطط عمل الحكومة الذي عرضه الوزير الأوّل نهاية الأسبوع أمام أعضاء مجلس الأمّة، والذي لم يعط آجالا محدّدة للأهداف التي يصبو إلى تحقيقها، منتقدة ما وصفته ب (غياب الطابع الاستعجالي للمخطط). وأوضحت بن عروس في هذا الشأن أن برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مرتبط بأجل محدّد لا يتجاوز سنة 2014، وهو ما لم يراعه مخطط عمل الحكومة الذي لم يحدّد آجالا لتحقيق الأهداف المسطّرة التي يحتاج أغلبها إلى حلول عاجلة، لا سيّما أمام الأزمة الاقتصادية العالمية والأوضاع الداخلية التي يسودها الاستياء والتذمّر، داعية إلى ضرورة ضبط الأهداف بآجال محدّدة. كما انتقدت العضو في مجلس الأمّة تغييب الشباب في عملية تحسين المعيشة وتحقيق التنمية، داعية إلى ضرورة الاعتماد على عنصر الشباب وإشراكه في هذا المجال. وثمّنت بن عروس من جهة أخرى تشجيع المخطط على العودة إلى التصنيع وتطوير الفلاحة وقطاع الخدمات، الأمر الذي سيخفّض حسب محدّثتنا من معدل البطالة. وردّت زهية بن عروس في السياق نفسه على متّهميها بالخروج عن الصفّ وتغيير مواقفها بعد أن سجّلت ملاحظاتها في مخطط عمل الحكومة وهي التي تنتمي إلى ما يعرف بالثلث الرئاسي في مجلس الأمّة وهم الأعضاء المعيّنون من طرف رئيس الجمهورية، مؤكّدة أنها ما تزال متمسّكة بمواقفها المعتادة ومن واجبها إظهار (العيوب والنقائص). الواد: "مكافحة الفساد ليس مسؤولية الحكومة وحدها" من جهته، أكّد محمد الواد عضو مجلس الأمّة في حديث ل (أخبار اليوم) أن هناك عدّة مؤسسات لمكافحة الفساد، حيث تخصّص كلّ إدارة مجموعة من الخبراء للإشراف على المراقبة وكشف أيّ شكل من أشكال الفساد، إلى جانب المرصد الوطني لمكافحة الفساد والذي أعلن عنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 2010، بالإضافة إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تلعب دور الوقاية ومرصد المراقبة والتحرّيات الذي وفّرت له السلطة كافّة الإمكانيات من إدارة ومختصّين، زيادة عن مجهودات العدالة في هذا الإطار. ورأى الواد في هذا الصدد أن الفساد ليس مشكلة الحكومة وحدها محمّلا المواطن الجزائري جزءا من مسؤولية انتشار الفساد وتفشيه في الإدارة، إلى جانب دور الجمعيات ووزارة الشؤون الدينية التي رأى عضو مجلس الأمّة أنها تتحمّل مسؤولية التوعية في المساجد، داعيا الجميع إلى تحمّل مسؤولياتهم ولعب أدوارهم كلّ في مكانه. وأشار محمد الواد في ذات السياق إلى مبادرة منظمة برلمانيين عرب لمحاربة الفساد وهي منظمة غير حكومية تسعى للقضاء على ظاهرة الفساد على كافّة المستويات، مؤكّدا أن هناك فرعا لها في الجزائر قيد التأسيس ويضمّ مجموعة من البرلمانيين القدامى، داعيا إلى دعم هذه المبادرة التي من شأنها أن تعزّز جهود مكافحة الفساد على كافّة الأصعدة، كما طالب السيناتور بتوفير المعلومة في هذا المجال حتى تتمكّن العدالة من أداء واجبها في معاقبة المذنبين. ومن جانب آخر، أبدى العضو في مجلس الأمّة رضاه عمّا حقّق في مجال مكافحة الفساد، مستشهدا ببعض القضايا التي تتداول في المحاكم وتتناقلها وسائل الإعلام، مؤكّدا أن ذلك دليل على قيام الهيئات المعنية بدورها في هذا الإطار، مبرزا أن الفساد في الجزائر اختلفت أشكاله وصوره. وثمّن محمد الواد في سياق آخر سعي الحكومة إلى إصلاح المجتمع من خلال تجسيد برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، معتبرا انتقاد مخطط عمل الحكومة أنه كان عامّا ولم يحدّد أهدافه جحودا وإنكارا لما حقّقه برنامج الرئيس الذي كان (كاملا وشاملا) وأعطى حسب الواد أولوية للمواطن البسيط وأكّد في هذا الصدد أن هناك عدّة إنجازات حقّقت، معربا عن أمله في إتمام تحقيق كافّة الأهداف.