يعتبر العزوف عن الزواج من الظواهر التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بالمجتمع الجزائري بالنسبة للجنسين على حد سواء، فبعدما كانت ظاهرة العنوسة ملتصقة بفئة الفتيات باتت اليوم تمس حتى الرجال، حيث أصبحنا نجد شبّانا تجازوا الأربعين ولم يتزوجوا بعد. وتعد الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها الكثير من الشباب الجزائري من الأسباب الرئيسية في انتشار ظاهرة العزوف عن الزواج، حيث أن البطالة والسكن وغلاء المعيشة مشاكل تحول دون زواج الكثيرين، إذ أن أغلبيتهم عاطلون عن العمل أو ذو دخل ضئيل في ظل الارتفاع المتزايد للأسعار في حين أن العامل المادي يعدُّ من أهم متطلبات الزواج، كما تعد المهور الغالية والشروط الخيالية لبعض العائلات كطلب مسكن مستقل وأثاث رفيع، من بين الأمور التي يصطدم بها المقبلون على الزواج ما يجعل الكثيرين يعزفون عن الفكرة. ومن بين الشبان الذين حالت وضعيتهم الاجتماعية القاسية دون قيامهم بإتمام نصف دينهم نذكر حالة (حسام)، وهو شاب يبلغ من العمر 43 سنة ولم يتزوج بعد، وحين سألناه عن سبب تأخره عن الزواج؟ أجابنا بأن ظروفه الصعبة المتمثلة في عدم حصوله على منصب شغل بالإضافة إلى ضيق مسكن العائلة وعدم امتلاكه حتى غرفة مستقلة، كلها أسباب، إضافة إلى عدة أمور أخرى منعته من الزواج. ويضيف محدثنا، أنه هو وفي هذا السن ولم يتزوج بعد فإنه لا يرى لنفسه أي مستقبل كون من هم في سنه يجب أن يكونوا قد تزوجوا وكونوا عائلات واستقروا على عكسه هو الذي لم يتمكن حتى من الحصول على عمل. أما (أسامة) والبالغ من العمر 37 سنة، فهو موظف وله راتب شهري ومع هذا فهو في كل مرة يتقدم لخطبة فتاة إلا وكان شرطها أن يوفر لها مسكنا مستقلا عن عائلته، في حين أنه يرفض فكرة استقلاليته عن أسرته، فهو يرى أنه من الواجب عليه السكن مع والديه ورعايتهما كونه ابنهما الوحيد ويجب عيه رد ولو القليل من جميلهما عليه، ليضيف أنه حتى ولو تقبل الفكرة فإنه لن يستطيع توفير مسكن خاص لا بشرائه ولا حتى بكرائه. وفي المقابل، هنالك من يملك كل متطلبات الزواج من مسكن وعمل ومع هذا فهو ضد فكرة الزواج، كون أن هناك من له فكرة سيئة عنه بسبب ما يسمعونه عن النهايات المأساوية لبعض الزيجات والتي كونت أفكارا خاطئة لدى البعض، إضافة إلى الخوف من المسؤولية، وكذا من فقد الحرية في حالة الارتباط. ومن الفتيات اللائي يعتبرن من بين 05 ملايين عانس المتواجدات بالجزائر حدثتنا (حنان) والتي تبلغ من العمر 38 سنة، عن السبب وراء عزوفها عن الزواج، ففاجأتنا بأنها لم تجد الشخص المناسب الذي يمكنها أن تعيش معه حياة كريمة، فهي تقول أن أغلب من تقدموا لخطبتها بطالون، وإن كانوا عاملين فهم لا يملكون مسكنا ما جعلها ترفض الزواج، لتضيف أن القدر أو(المكتوب) كما نقول بالعامية، هو من يقرر من ومتى نتزوج. وبما أن البطالة والسكن يعتبران من بين أهم مشكلتين في عزوف الشباب عن الزواج، يجب على السلطات المعنية توفير مناصب شغل ومساكن للشباب، فالزواج رابط مقدس يجمع بين الرجل والمرأة أوصانا وحثنا عليه ديننا الحنيف، لهذا من الواجب على الشباب إكمال نصف دينهم، كما يجب على العائلات التخفيف من شروطها وتسهيل الأمور للخُطّاب، فكما يُقال (لَهنا يغلب لَغنا).