تتدعّم منظومة محاربة الفساد قريبا بأداة جديدة، حيث يُنتظر أن تكون مصلحة التحقيق الجبائي التي تمّ الإعلان عن إنشائها الأسبوع الفارط من قِبل وزارة المالية عملياتية السنة المقبلة، حسب ما أكّدته مصادر مقرّبة من الوزارة. المصلحة الجديدة التي يُنتظر أن تكون بمثابة أداة جديدة لمكافحة الفساد والمفسدين ستقوم (بمباشرة -بطلب من وزارة المالية- تحقيقات خاصّة ومعمّقة بالتعاون مع قطاعات المالية خاصّة المديرية العامّة للضرائب والمديرية العامّة للجمارك). كما ستكلّف هذه الهيئة ب (التدخّل كجهاز للمساعدة المباشرة للتحضير للتنفيذ الجيّد لبرامج المراقبة الجبائية) وإقامة (علاقات عمل مع هيئات وهياكل الدولة المختصّة التابعة لوزارات أخرى). وحسب مصادر مطّلعة فإن هذه المصلحة التي هي بصدد الإنشاء ليست لها صلاحية مكافحة الفساد بشكل مباشر لوجود الديوان الوطني لقمع الفساد الذي يعمل تحت إشراف وزارة المالية، غير أن متتبّعين يرون أن هذه المصلحة من شأنها تقديم يد المساعدة للديوان وفضح المفسدين وكشف بعض ألاعيبهم، لا سيّما ما تعلّق بالتهرّب الضريبي وبعض الجرائم الاقتصادية. وعقب المصادقة على مشروع المالية لسنة 2013 من قِبل المجلس الشعبي الوطني يوم الاثنين الفارط أعلن وزير المالية السيّد كريم جودي في تصريح للصحافة عن إنشاء قريبا لمصلحة التحقيق الجبائي ستضطلع بدور (المبادر) بمراقبة أفضل للثروات في الجزائر. في هذا الصدد قال الوزير إن هذه المنظومة الجديدة ستسمح (بمراقبة المظاهر الخارجية للثراء)، موضّحا أن النصّ المتعلّق بإنشاء هذه المصلحة يوجد في طور الموافقة على مستوى الأمانة العامّة للحكومة. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد أشهر قبل مدّة سيفا جديدا في وجه الفاسدين والمفسدين حين أقرّ تعديلات جوهرية على قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهي التعديلات التي ترسم معالم قانون جديد صارم جدّا ضد الفساد جاء بعد أسابيع قليلة من استحداث ديوان مركزي لقمع الفساد، ليكرّس الرئيس بذلك حربا ضارية معلنة على الفساد بكل أشكاله. واعتبر متتبّعون أن إقرار أمر يعدل ويتمّم القانون المتعلّق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومحاربتهما يعدّ بمثابة خطوة إضافية في مسار مكافحة ومحاربة كلّ أشكال الفساد والجريمة المنظمة، لا سيّما وأن رئيس الجمهورية السيّد عبد العزيز بوتفليقة دعا القضاة إلى تطبيق القانون ب (حذافيره) في هذا المجال. وحرصا من الجزائر التي عبّرت عن إرادتها في عدّة مناسبات لوضع حدّ لظاهرة الفساد لما لها من أثار سلبية على تنمية البلاد، فقد اتّخدت عدّة إجراءات للتقليل من مخاطر جرائم الفساد بما فيها تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والرشوة. في هذا السياق، فإن مجلس الوزراء لم يتوان في الموافقة على مشروع أمر يعدل ويتمّم القانون المتعلّق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. ويرمي هذا المشروع إلى (مساوقة التشريع الجزائري مع التقنيات الجديدة التي بها يخترق المجرمون الأنظمة المصرفية ومع تكنولوجيا الإعلام والاتّصال)، كما يعزّز إلتزامات سلطات الضبط المالي فيما يخص الإجراءات التنظيمية ذات الصلة التي ينبغي لها اعتمادها ومتابعة مراعاتها من قِبل المؤسسات المالية لهذه الإجراءات، فضلا عن تعاونها مع الهيئات الوطنية المختصة بما في ذلك مجالي التقصي والمتابعة. ويمنح المشروع الصلاحيات للقضاة بتجميد أو مصادرة الأموال المملوكة للمنظمات الإرهابية لمدّة شهر قابل للتجديد ويرفع أيضا من قيمة الغرامات ويوسّع مجال تطبيق بعض حالات التجريم على انتهاك السرّ المهني فيما يخص التصريحات بالشك. وفي هذا الشأن أمر الرئيس بوتفليقة رئيس الحكومة وبنك الجزائر وجميع سلطات الضبط المعنية ب (السهر على توخي الاحترام الدقيق للإجراءات التنظيمية المتعلّقة بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتقديم كلّ المساعدة للخلية الوطنية المكلّفة بالاستعلام المالي التابعة لوزارة المالية). كما دعا رئيس الجمهورية القضاة إلى تطبيق القانون ب (حذافيره) في مجال محاربة الفساد وكافّة أشكال الجريمة والجنح المالية الأخرى. ويعدّ التزام الجزائر بمحاربة الإرهاب حسب ما صرّح به الرئيس بوتفليقة (واقعا ملموسا)، وأن ذلك يجب أن يكون أيضا بالنّسبة للوقاية من تبييض الأموال في إطار محاربة الفساد والجريمة المنظمة. وضمن الإجراءات التي اتّخذتها السلطات العمومية لمكافحة كلّ أشكال الفساد وقّع الرئيس بوتفليقة في شهر ديسمبر الفارط على مرسوم رئاسي يتضمّن تشكيل وتنظيم وكيفيات عمل الديوان المركزي لقمع الفساد. ويشكّل هذا النصّ (لبنة جديدة) في إنشاء وتعزيز أدوات مكافحة مختلف أشكال المساس بالثروة الاقتصادية للأمّة بما في ذلك الرّشوة. وتتمثّل المهام الأساسية لهذا الديوان الذي يترأسه السيّد سايح عبد الملك في جمع واستغلال كلّ المعلومات في نطاق اختصاص المركز وإجراء التحقيقات والبحث عن الدلائل المتعلّقة بجرائم الفساد وعرض مرتكبيها على النيابة العامّة، وكذا تطوير التعاون مع الهيئات المماثلة.