يعيش سكان الصفصاف التابع لبلدية تاجنة في عزلة تامة بإحدى المناطق النائية بولاية الشلف، إنه فعلا وضع قاس وعصيب ومعاناة تعيشها أكثر من 400 عائلة يجمعها قاسم واحد وهو التعود على المعاناة حد الألفة، ويتخبط كل هؤلاء في مشاكل يومية صعبة نظرا لعدم توفر أبسط ضروريات الحياة الكريمة. وأكد السكان الذين حاورتهم (أخبار اليوم) أنهم يفتقدون لأبسط مرافق الحياة، الشيء الوحيد الذي تم تزويدهم به هي الكهرباء فقط، أما باقي الضروريات فلا حياة لمن تنادي، فالماء يتم استخراجه من أحد المنابع بإحدى المنحدرات بالدلاء والبراميل والوسيلة الوحيدة هو جلبه على ظهور الدواب كون المنطقة تشهد منحدرات وطرق وعرة يصعب حتى على الراجلين اجتيازها، وما زاد من تفاقم الوضع استيقاظهم المبكر، حيث يقول السيد معمر إنه منذ الساعة السادسة صباحا يتشكل طابور طويل من الرجال والشباب والأطفال مضطرين جميعا للبقاء تحت الشمس حتى يأتي دور كل واحد منا وسيكون محظوظا من يصل إلى (العين) المنبع والحصول على برميل أو دلو من الماء، والمؤلم في الأمر أن الواحد منهم لا يستطيع نقل أوعية الماء أو غيرها إلا على ظهر الحمار نظرا لطبيعة الطرق الترابية الوعرة والمليئة بالحصى والحجارة الكثيرة، ولهذا فإن الدواب هي الحل الأمثل خصوصا في الصيف بحرارته الحارقة أو الشتاء بأمطاره الغزيرة والأوحال. إضافة إلى ذلك فإن المواطنين بمنطقة الصفصاف لا يحق لهم المرض نظرا لعدم وجود قاعة علاج أو مركز صحي أو عيادة طبية في المنطقة ككل، ويؤكد السكان أنه في حال ما إذا حدث مكروه لأي شخص أو ألم به مرض أو أي طارئ صحي فليس عليه سوى الاستنجاد بالدواب للوصول إلى الطريق الرئيسي للبحث عن سيارة كلوندستان لنقله إلى العيادة متعددة الخدمات ببلدية تاجنة التابعة لها أو التنقل إلى مستشفى الشرفة بسعر مرتفع جدا يقدر غالبا ب 3000 دينار جزائري، أما عن النساء الحوامل فمصيرهن دائما وضع مواليدهن على قارعة الطريق حسب السكان قبل الوصول إلى مستشفى الشرفة، وفي الأخير أكد جل سكان المنطقة بقولهم (كما ترون إننا أموات ونحن أحياء لا نساير عصر التكنولوجيا على الإطلاق فلم نستفد من حقنا الشرعي في الحياة سوى الكهرباء، أما باقي الضروريات والمرافق فلا توجد في قاموس الصفصاف المعزول والمنسي، كما أننا لا ننتمي لخريطة الجزائر، فلا ماء ولا طرقات ولا مراكز صحية ولا مرافق رياضية أو ثقافية ولا مساجد، وأضاف بصريح العبارة نحن نعيش حياة بدائية مائة بالمائة، فالعزلة قدرنا والحرمان من أبسط متطلبات الحياة عنواننا. وأردف محدثنا قائلا (واجهنا كل النكبات والمصائب ودفعنا الغالي والنفيس إبان العشرية السوداء، حيث مكثنا في وجه الإرهاب ودافعنا بوسائل جد تقليدية دون أن نترك ديارنا لكن في الأخير بقينا في خانة المقصيين والمهمشين كما لو أننا عراة من الدستور الوطني ولا ننتمي إلى خريطة الجزائر ختم معمر صفصاف حديثه بهذه العبارة، وفي الأخير حملنا نداء السكان للسلطات المحلية لإنعاش المنطقة بمشاريع تنموية من شأنها أن تفك العزلة والغبن عنهم.