بقلم: كاظم فنجان الحمامي يا سبحان الله، فجأة صار الدفاع عن الوطن جريمة نكراء في منظار جريدة (الوطن) الكويتية، وفجأة سكت رجال الفتوى، فلم يفتوا بقتل شمعون بيريز أو نتنياهو مثلما أفتوا بقتل القذافي وبشار، ولم ير وعاظ السلاطين الملائكة وهي تقاتل الجيش الإسرائيلي مثلما شاهدوها في عالم الرؤيا تقاتل الجيش السوري، وفجأة لم تتحرك دول الخليج لتسليح المقاومة الفلسطينية مثلما تحركت لتسليح (الجيش الحر)، وفجأة لم يطلب أمير قطر إرسال قوات عربية إلى غزة مثلما طلب إرسالها إلى سوريا، وفجأة لم تشارك القوات العربية في الدفاع عن غزة مثلما شاركت في القتال في باب العزيزية في فجر الأوديسا، وفجأة اكتشفنا أن (القاعدة) لا وجود لقواعدها (الجهادية) السرية في غزة، على الرغم من تواجدها في العراق وليبيا واليمن ومصر وسوريا والمغرب وموريتانيا والجزائر وتونس، وفجأة لم تتحرش تركيا بإسرائيل وتستدعي زعماء حركة حماس مثلما فعلت مع المعارضة السورية، وفجأة لم تبادر الدول العربية بطرد سفراء إسرائيل مثلما فعلت بطرد سفراء سوريا في غضون دقائق معدودات، وفجأة انتظرت الجامعة العربية أسبوعا كاملا قبل أن تبدأ بمناقشة القصف العشوائي ضد الأحياء السكانية في غزة، ثم بدأت بمناقشة الموضوع مع الدول العربية التي شنت صحفها حملات وقحة ضد غزة، وتجدر الإشارة أن الجامعة اجتمعت بكامل عواصمها ولوازمها في غضون نصف ساعة قبيل الهجوم الكاسح الذي شنته قوات التحالف على العراق.. لقد خرج علينا كاتبان مسعوران من الكويت ليعلنا، بكل ما عرف عنهما من وقاحة وصفاقة، وقوفهما مع بنيامين نتنياهو في حملته البربرية لإبادة أهلنا في غزة، ويعلنا الهجوم السافر على فصائل المقاومة.. كاتبان كويتيان يصفان ردود أفعال غزة، ودفاعها عن نفسها بأنه (عدوان على إسرائيل)، ويلتمسان المبررات والأعذار لحكومة تل أبيب، ويضعان حركة (حماس) ضمن تصنيفات المنظمات الإرهابية، حتى أن الصحف الصهيونية اعتادت على نشر كتاباتهما اليومية المشبعة باللؤم.. لم نستغرب أن يتطوع فؤاد الهاشم وعبد الله الهدلق لمناصرة أعداء الحق، فنحن نعلم بسيرتهما وتاريخهما الأخلاقي المخجل، فماضيهما معروف، وتاريخهما مكشوف، ورحم الله المتنبي على قصيدته التي يقول في مطلعها: لك يا منازل في القلوب منازل فالكتاب يُعرف من عنوانه، والكاتب يعرف من لسانه، والغاشم وزميله اللقلق يكتبان بما تمليه عليهما أرواحهما الشريرة، فعرفناهما وعرفهما العالم بانحيازهما إلى الباطل كله ضد الحق كله، بل كانا أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم، لكننا نعتب على دولة الكويت التي منحتهما الحرية المطلقة لإفراغ ما بجعتهما من سهام ونبال حاقدة من دون أن يردعهما رادع، أو يتصدى لهما بالحق صادع.. قديما كانت الدول العربية تعدم الجواسيس، وتفكك شبكاتهم السرية، وتطارد العملاء، وكان الخزي والعار مصير كل متواطئ مع الأعداء، أما اليوم فقد صارت عواصمنا مرتعاً للجواسيس والعملاء، وصارت الصحافة الكويتية والقطرية منابرا لأبواق معسكر الأعداء بذريعة إطلاق الحريات الصحفية، وبذريعة السماح للكتاب بطرح أفكارهم وآرائهم على طاولة الصراحة، وشتان بين الصراحة والوقاحة.. فالصراحة تعني التعبير عن الآراء الصادقة المحايدة، من دون المساس بمشاعر الناس، أما الوقاحة فتعني اختلاق الآراء المنحازة مدفوعة الأجر، والانتقاص من الآخرين، وطمس حقوقهم الشرعية، وتشويه صورتهم.. ربما تحمل الصراحة بعض الآلام، لكنها تكون محمولة دائما على أجنحة الحقائق والثوابت، أما الوقاحة فهي سمة أصحاب النفوس الوضيعة، فالفرق بين الصريح والوقح كالفرق بين الشجاع والجبان، وكالفرق بين النبيل والخسيس.. فالكاتب الوقح هو الذي يدعو لنصرة الظالم على المظلوم، ويدعو لنصرة القوي على الضعيف، ويدعو لنصرة المجرم على الضحية، ونصرة الحق على الباطل، ونصرة الجيوش الجرارة على المدافعين عن أرضهم وعرضهم.. كان اللقلق ورفيقه الغاشم، ومن كان على شاكلتهما، من أكثر الكتاب وقاحة في التحريض على إبادة أهلنا في غزة، وماانفكوا يدعون زعماء إسرائيل لسحقهم، ويطالبونهم بالتعامل معهم كمجرمين وقتلة وإرهابيين.. ألم أقل لكم: الله يستر من الجايات..