شهر رمضان الفضيل يقترب من نهايته الحتمية، ومع ذلك مازال بعض الفقراء في بلادنا ينتظرون الحصول على قفة رمضان التي ينبغي أن تتحول إلى قفة العيد، ويتغير مضمونها من منتجات غذائية إلى ألبسة عسى أن يخفف ذلك بعض الآلام عن المتألمين، وينسي البؤساء شيئا من بؤسهم! وإذا كان بعض الفقراء سيحصلون على قفة رمضان عشية العيد، فإن بعضهم لن يحصلوا عليها قبل شهر رمضان القادم رغم كل الحرص الذي تُظهره السلطات العليا في البلاد للعناية والاهتمام بالفئات الهشة في المجتمع، حيث يبدو أن تمكين البؤساء والمحتاجين من حصتهم من الأموال المخصصة للتضامن الوطني يحتاج لما هو أكثر من حرص السلطات العليا، ولما هو أكبر من الإرادة السياسية التي أبانت عنها رئاسة الجمهورية والجهاز الحكومي أيضا.. لا شك أن الإرادة الحكومية والحرص الرئاسي على العناية بالفقراء والمطحونين أمران يستحقان كل الإشادة والتنويه، وهما ليسا مزية من هذه الجهة أو تلك بقدر ما هما واجب على مؤسستي الرئاسة والحكومة، ولكن إرادة الحكومة وحرص الرئاسة لا يكفيان وحدهما لتغيير واقع الفقراء في بلادنا، حيث يجب أن ينسجم فكر وتخطيط وتنفيذ الجماعات المحلية بمختلف أجهزتها ومؤسساتها والسلطات البلدية والولائية مع الفكر الرئاسي والإرادة الحكومية، وقد كشفت عملية توزيع قفة رمضان في العديد من بلديات القطر الوطني عن عجز الجماعات المحلية عن التجاوب مع التعليمات التي أصدرها رئيس الجمهورية بغرض ضمان أفضل تكفل ممكن بالفئات المعوزة في المجتمع، حيث لم يتردد بعض الأميار ومن معهم في الإبقاء على قفة رمضان في مخازن البلدية دون توزيع حتى الآن بدعوى تأخر ضبط قوائم المحتاجين أو بدواع أخرى، بينما ذهب عدد غير قليل من القفف الرمضانية لغير مستحقيها، وهو ما أثار غضب المعوزين الحقيقيين وأضر بسمعة العملية برمتها. وبالتأكيد فإن الخلل هنا ليس على المستوى المركزي، فالسلطات العليا تقدم الإمكانيات المطلوبة والتوجيهات اللازمة وتلقي بالكرة في مرمى المسؤولين المحليين الذين يؤدي بعضهم دوره على أكمل وجه ويقدم القفف لمستحقيها بينما يقدم آخرون قفة رمضان لأشخاص تقدر قيمة ما يرمونه من طعام في المزابل قيمة مئات القفف الرمضانية!..