السلطة هي التي توزع الصدقة الحكومية على الفقراء والمساكين في رمضان! وتأمل من وراء ذلك أن تحسن صورتها لدى الفقراء! والأحزاب السياسية وغير السياسية تمتعض من احتكار السلطة لفعل الخير.. وتوزيع قفة رمضان عبر الهياكل الإدارية الحكومية وعبر الجمعيات غير السياسية! السلطة كانت قبل قفة رمضان متهمة باحتكارها لفعل الشر! وها هي الآن بفعل قفة رمضان متهمة أيضا باحتكار فعل الخير! الناس في هذا الشهر الفضيل يريدون تحسين صورتهم لدى الفقراء لعل وعسى تكون الانتخابات القادمة جدية ويكون صوت الفقير مهما في صندوق الانتخابات بقدر أهمية قفة رمضان التي توزع الآن! لكن السؤال المحير هو لماذا تتحفظ الأحزاب غير السياسية وشبه السياسية وجمعيات التعايش الطحلبي على خزينة الدولة.. لماذا ينزعج هؤلاء من احتكار السلطة لفعل الخير بدرجة (ربما) أكبر من انزعاجهم من احتكارها لفعل الشر ضد الشعب لسنوات؟! لعل الأمر فيه إنّ.. لعل فعل الخير أصبح هو أيضا صورة من صور غطس الأصبع في زير عسل الخزينة العمومية! وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا هذا الخلاف والتناطح بين جمعيات المجتمع المدني والإدارة على مستوى البلديات والولايات في موضوع قفة رمضان؟! الجمعيات الخيرية والشرية التي تسمى بالمجتمع المدني تريد أن تبقى السلطة محتكرة فقط لفعل الشر وتترك الخير لأهل الخير.. أي أن تجود السلطة بخيرها على هذه الجمعيات الخيرية والخيرون بدورهم يجودون ببعض ما تجود به السلطة عليهم.. بعد أخذ نصيبهم حلالا طيبا! إنه لمؤسف فعلا أن تتحول الجمعيات الخيرية إلى أوكار نصب واحتيال على الحكومة وعلى المحتاجين على السواء.. وتتحول بالمقابل الحكومة إلى جمعية خيرية لمدة شهر فقط توزع خلاله الخير على الناس!