يحاول كل مواطن، خاصة قبل اقتراب موعد الإفطار بقليل، أن يجد شيئا يجعله يشغل وقته، خاصة بالنسبة للأشخاص المتقاعدين والذين عادة ما يمر عليهم نهارهم طويلا، فيتجهون مباشرة إلى هوايتهم المفضلة وهي وجلسات الدومينو، التي ورغم أنها تنسيهم في الوقت، إلاّ أنها قد تنسيهم في الصيام كذلك. لا تمر من طاولة دومينو يلتف حولها عدد من الشيوخ إلا وسمعت صراخا وشجارا، بل وقد يتطور الأمر ليتحول إلى معارك بين المتنافسين، لان في لعبة الدومينو الكثير من الثغرات التي قد يستغلها البعض في محاولة إلغاء اللعبة او فوز الآخر، او أشياء أخرى، وهو ما ينتج عنه عادة شجار وعدم تفاهم قد يؤدي إلى كل الشرور، ولعل الكثير من الأشخاص يتفادون لعب الدومينو في نهار رمضان، لأنه قد يبطل صيامهم، خاصّة إن كان الغضب والنرفزة من طباعهم، فتجدهم لا يتوانون عن الشتم والصراخ بل وقد يشعل احدهم سيجارة ويتناولها أمام الملأ معبرا عن سخطه. لكن أشخاصا آخرين لا ينتهون عن لعب الدومينو، لكنهم يختارون من يلاعبون، فتجدهم يتفادون الأشخاص الذين يغضبون بسرعة، حتى لا تتحول جلسة اللعب إلى معارك طاحنة، مثل جماعة من الشيوخ المتقاعدين التقيناهم في غابة بينام، والذين وصفوا لنا يومياتهم التي قضوها كلها في لعب الدومينو في الغابة، مثل عمي الحسين وهو شيخ متقاعد منذ أكثر من خمس سنوات، ولقد أصبح الدومينو في حياته شيئا من الأساسيات، لا يستطيع أن يستغني عنه، يقول: "إننا نأتي يوميا إلى هنا، نجلب معنا طاولة الدومينو، ونجلس حولها فنلعب إلى أن يحين موعد الإفطار او يقترب فنعود إلى بيوتنا، فلا نضطر لا إلى الاصطدام ببعض الأشخاص الذي يعكرون صفوك، ولا إلى ارتكاب المعاصي في الحي من نميمة وحديث في الغير، وغيرها من الأشياء التي تنقص اجر الصيام، او تذهبه كله، فهنا ليس هناك إلا الغابة والبحر ونحن"، ويضيف عمي الربيع على حديث صديقه يقول: "نجلس إلى هذه الطاولة التي ترون منذ الصباح إلى المساء ولا نسئم من اللعب وقد يتخلف احدنا وقد يذهب آخر لمشاغله فيعوضه شخص آخر وهكذا، لكننا في كل الأحوال لا نقبل أن يرافقنا أبناء الحي الذين يغضبون بسرعة والذين لا يتحكمون في أعصابهم، لأنهم سيفسدون علينا حتما متعة اللعب والصيام معا، وقد حدث مرة أن رافقنا صديق لنا من الحي افسد علينا يوم رمضان كله بصراخه واحتجاجاته المتكررة التي لا تنتهي، ما جعلنا لا نلتقيه إلا ليلا في السهرة، والتي نلعب فيها أيضا الدومينو، أما إن نحضره معنا لكي يتفوه بكل الكلام الذي من شانه أن ينتهك به حرمة رمضان أو يقلل من أجره وثوابه فهذا ما نتفادى أن نفعله دائما".