استقال رئيس وزراء مالي شيخ ماديبو ديارا الثلاثاء بعد ساعات من اعتقاله أثناء محاولته مغادرة البلاد من قبل عسكريين انقلابيين سابقين كانوا اطاحوا الرئيس امادو توماني توري في 22 مارس الماضي. من شأن اعتقال ديارا واستقالته أن يزيدا من تعقيد مساعي تحقيق الاستقرار في مالي، حيث ما زال أفراد الجيش والساسة منقسمين منذ انقلاب مارس، وحيث يسيطر على الشمال مقاتلون إسلاميون مرتبطون بتنظيم القاعدة. وقال ديارا الذي بدا عليه التوتر في بيان نقله التلفزيون الرسمي في وقت مبكّر من صباح أمس الثلاثاء: (أعلن أنا شيخ ماديبو ديارا بموجب هذه الوثيقة استقالة حكومتي بالكامل الثلاثاء الموافق 11 ديسمبر 2012). وجاءت أنباء استقالة ديارا بعد ساعات من اعتقاله أثناء محاولته مغادرة البلاد والاتجاه إلى فرنسا. وقال بكاري ماريكو وهو متحدّث باسم مجموعة من الجنود استولت على السلطة في انقلاب مارس وما زالت قوية رغم إعادة السلطة رسميا إلى المدنيين في الشهر التالي إن ديارا اعتقل لعدم العمل بشكل كامل لمعالجة مشكلات البلاد. وأضاف ماريكو: (البلد يمرّ بأزمة لكنه يعرقل عمل المؤسسات، هذا ليس انقلابا، الرئيس ما زال في منصبه لكن رئيس الوزراء لم يعد يعمل لمصلحة البلاد). وذكر ماريكو أن ديارا نقل بعد اعتقاله إلى مقرّ المجلس العسكري السابق في كاتي وهي بلدة بها ثكنات عسكرية خارج باماكو. واتّهم زعيم الانقلاب الكابتن أمادو سانوجو مرارا بالتدخّل في السياسة منذ تنحّيه وتكليفه رسميا بالإشراف على إصلاح جيش مالي. وقال سكان في مالي إن الهدوء ساد المدينة في الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء. وهناك انقساماتٌ منذ شهور بين المجلس العسكري السابق والرئيس المؤقت ديونكوندا تراوري ورئيس الوزراء المستقيل ديارا. وديارا عالمٌ سابق في إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) ومسؤول مايكروسوفت في إفريقيا، وقد تولّى منصب رئيس الوزراء في أفريل بعد أن أعاد الجيش السلطة رسميا إلى المدنيين، وهو زوج ابنة الرئيس السابق موسى تراوري وكان يبدو أن هناك علاقات طيبة تربطه بالجيش. لكن التوترات أصبحت حادة إلى درجة خطيرة في الأسابيع القليلة الماضية، وقال محلّلون إن ديارا وهو وافدٌ جديد نسبيا على السياسة في مالي بعد أن قضى سنوات في الخارج، بدا راغبا في إقامة قاعدة سياسية خاصّة به قبل أيّ انتخابات تجرى في المستقبل. وحذّر زعماء غرب إفريقيا ودول غربية من أن شمال مالي أصبح ملاذا آمنا للإرهاب والجريمة المنظمة، لكنهم وجدوا صعوبة في وضع الخطط اللاّزمة لمساعدة البلاد بسبب الانقسامات العميقة في العاصمة. ويؤيّد بعض ساسة مالي فكرة القيام بعملية عسكرية مدعومة من الخارج لاستعادة السيطرة على الشمال، في حين يقول آخرون إنهم في حاجة إلى دعم مالي ولوجستي فقط ويؤكّدون أن البلاد قادرة على تنفيذ العملية بنفسها.