في هذه الليالي الأخيرة من شهر رمضان يتهافت المواطنون والعائلات على المتاجر والمحلات والأسواق بغرض شراء ملابس العيد، ويتسابقون على السلع ذات النوعية الجيدة والتي تكون في متناول قدرتهم الشرائية، لكن نوعا آخر من المواطنين اتجه إلى نوع آخر من المتاجر او التجار. هم هؤلاء المغتربون الذين يقدمون إلى البلاد خصيصا للمتاجرة ببعض الملابس والسلع والتي يجلبونها بغرض بيعها قبل العيد إلى المواطنين الراغبين في ارتداء ملابس أصلية او "حرة" تكون بأسعار مقبولة، ولان ثمنها هناك يختلف عن ثمن تلك التي تباع في المحلات هنا، فان الاتجاه إلى هؤلاء التجار عادة ما يكون كبيرا، ورغم أنهم عادة لا يفتحون محلات للبيع ويكتفون بالعمل مع أصدقائهم ومعارفهم إلا أن ذلك لم يمنعهم من الحصول على زبائن كثر، كما أن هناك منهم من يأتي إلى الجزائر بغرض زيارة الأقارب والأسرة إلا أن ذلك لا يمنعه من الدخول في ميدان التجارة واستغلال الأمر لكي يجلب معه بعض القطع التي يبيعها بأضعاف سعرها وقد يعوض بها كل ما يخسره مجيئا وذهابا. السعيد، 28 سنة، شاب متزوج يعيش بفرنسا، يأتي في الأيام الأخيرة من شهر رمضان ويمضي العيد في الجزائر رفقة أسرته الصغيرة، لكنه وخلال إقامته هنا يقوم بالاتجار في مختلف السلع ومنها الملابس التي يبيعها لأبناء الحين وحتى أبناء الأحياء المجاورة الذين صاروا يعرفونه بتجارته تلك، بل إن بعضهم ينتظر قدومه كل سنة لكي يقتني منه بعض القطع التي يمضي بها العيد، أما آخرون وخاصة من أفراد عائلته فإنهم يوصونه قبل مجيئه ببعض الأشياء التي يجلبها ويبيعها لهم، يقول لنا السعيد عن تجارته: "في فرنسا اعمل في إحدى المطاعم، ولا املك الحق في عطلة إلاّ شهرا في السنة، والذي أحب أن اقضيه في الجزائر، حيث أقدم في منتصف شهر رمضان وأمضيه مع الأسرة ثم اقضي العيد كذلك، قبل أن أعود إلى فرنسا، والتحق بعملي مجددا، لكنني خلال الفترة التي أبقى فيها هنا بالجزائر لا أبقى مكتوف الأيدي بل إنني أحب أن اعمل، فانا احضر معي بعض السلع من فرنسا وأوروبا لأبيعها هنا، خاصة وان الجميع يحب المنتوجات الأصلية ليرتديها في العيد، وافعل هذا منذ عودتي لأول مرة إلى الجزائر بعد اغترابي، أي منذ أكثر من خمس سنوات، وفي الحقيقة فإنني بحاجة إلى بعض الأموال، لكي أعيل بها أسرتي هنا، كما أنني أتسلى بهذا النوع من العمل، والذي يجعلني اشغل وقتي، وازور الأصحاب وأبيع في نفس الوقت، كما أن هذا يجعلني في اتصال دائم مع العائلة، فبعض الأصدقاء يتصلون بي أياماً قبل موعد عودتي ليوصوني ببعض الأغراض التي اجلبها لهم، ورغم أنني غير قادر على أن احضر كمية كبيرة من الملابس إلاّ أن تلك القطع تكفيني". وعلى غرار الشباب فان بعض النسوة المغتربات أيضا يتاجرن بالملابس، والتي عادة ما تكون ملابس أطفال خاصة بالعيد، وهو ما تفعله رقية منذ أزيد من ست سنوات، وهي التي انتقلت إلى العيش رفقة زوجها في كندا، ثم صارت تأتي كل سنة لتشارك أسرتها شهر رمضان والعيد كذلك، تقول: "أحب أن اجلب معي في كل مرة بعض الملابس التي يحتاجها الأطفال للعيد، ولان الأسر عادة لا تهتم إن كانت ملابس أبنائهم آتية من أوروبا أم لان او أصلية او غير أصلية، لهذا احرص على جلب القطع الجميلة والتي لا تتواجد في الجزائر، حتى أتمكن من بيعها بسهولة، كما أنني احضر معي الملابس النسوية بحكم أنني اعرف ما تحب الفتيات ارتداءه، فان طيلة فترة إقامتي هنا مشغولة إما بالزيارات العائلية، وإما بالبيع".