المنتدى البرلماني العالمي 2024: إبراز جهود الجزائر لتنويع اقتصادها    أساتذة وممثلو الطلبة يثمنون التدابير منحة الطلبة والأساتذة    رابطة دول جنوب شرق آسيا..بودن يتحادث بفيان تيان مع الأمينة العامة للجمعية البرلمانية الدولية    اتفاقية تعاون بين جامعة الجزائر1 وجامعة تشجيانغ الصينية    بوغالي يترأس اجتماعا لمكتب المجلس الشعبي الوطني    السوق الجزائرية للتأمينات تحقق نموا يفوق 8,8 %    لعزيز فايد : "بورصة الجزائر لم يتم استغلال إمكاناتها بالشكل المناسب"    مختار ديدوش : الدولة تراهن على السياحة كبديل للمحروقات ومكمل للاقتصاد    الأحكام الجمركية في قانون المالية 2025 هدفها رفع مداخيل الخزينة    العدوان على لبنان: أبو الغيط يطالب الكيان الصهيوني بوقف فوري لإطلاق النار    بلمهدي يعلن انطلاق الدورات عبر تقنية التحاضر عن بعد    المنتدى النقابي الدولي للتضامن مع الشعب الصحراوي: المشاركون يطالبون بحل عاجل لقضية الشعب الصحراوي العادلة    ألم يكفيكم عامٌ من الدم والألم يا حُكَام الكَلام..!!    وزارة السكن تكشف عن نتائج التحقيقات الأولية    تجارة: اعتماد نظام تسقيف الأسعار يكرس الأولوية القصوى الممنوحة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين    تجسيدا لأوامر رئيس الجمهورية.. الشروع في تسليم الإعانات المالية للمتضررين في فيضانات النعامة    بعيدا عن هموم مهنة المتاعب..!؟    اهتراء شبكة الطرق يؤرق سكان مدينة باتنة    الازدحام المروري يخنق مدينة باتنة    رئيس الجمهورية يستقبل السفير المنسق المقيم لمنظمة الأمم المتحدة بالجزائر    وزارة الصناعة والانتاج الصيدلاني: اتخاذ عدة اجراءات لضمان وفرة أدوية مرضى السرطان    ميلة: إنتاج ما يزيد عن 492 ألف قنطار من البطاطس الموسمية    سرطان الثدي: برنامج تحسيسي بالمركز الاستشفائي الجامعي بني مسوس    مسؤول أممي: الكيان الصهيوني يواصل منع إيصال المساعدات إلى شمال غزة    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تشرع في معالجة طلبات تحويل الامتياز الى تنازل    عنابة: توقيع اتفاقية تفاهم بين جامعة باجي مختار وشركة هواوي للانضمام إلى أكاديمية امتياز تكنولوجيات الإعلام والاتصال    يوم تكويني حول الأحكام الجديدة للقانون العضوي المحدد لتنظيم غرفتي البرلمان    انطلاق الحملة الوطنية للتبرع بالدم على مستوى مصالح الأمن الوطني    فتح باب الترشح أمام الجمعيات للاستفادة من دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    عميد جامع الجزائر يشرف على انطلاق حلقات تحفيظ القرآن لطلبة المدرسة الوطنية العليا للعلوم الإسلامية    شرطة غرداية توقف امرأة بحوزتها 3600 كبسولة    شبيبة القبائل تمر بفترة عصيبة    هذه توجيهات عون ل آغروديف    إرادتنا مشتركة لبناء مستقبل قوامه المنفعة المتبادلة    انطلاق التصفيات المحلية    وقفة جزائرية ترحماً على السنوار    انطلاق التصفيات المحلية الخاصة بجائزة الجزائر للقرآن الكريم    اتحاد الشغل يدعو العمال إلى وقفة احتجاجية الأحد القادم    التشكيلية يمينة بورحلة تعرض ذاكرتها الإبداعية بالجزائر العاصمة    دراجات: تتويج الدراج حمزة ياسين بطلا للدورة الوطنية للدراجات الهوائية بتلمسان    العرض الأول بالعالم العربي : فيلم 196 ينافس في مهرجان الجونة السينمائي    "كانكس ويكاند 2024" : ضرورة وضع آليات مشتركة لتمويل الإنتاجات السينمائية والسمعية البصرية    الرئيس الصحراوي يشارك في احتفالات تأسيس إتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب    ملاكمة: ايمان خليف تستعرض مشوارها الرياضي وتكشف عن آفاقها المستقبلية    مولودية الجزائر ترتقي إلى الصدارة    رقم مميّز للخضر    كرة الطاولة/بطولة إفريقيا: الثنائي بوهني-ناصري يحرز الميدالية الفضية    وزير الصحة يؤكّد ضرورة إنشاء أقطاب خاصّة    وزير الصحة يشرف على افتتاح أشغال المؤتمر الدولي لأمراض القلب    الابتلاء من الله تعالى    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    المنتخب الجزائري لتنس الطاولة في مواجه ساخنة مع النيجيري    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديموكتاتوريّون
نشر في أخبار اليوم يوم 19 - 12 - 2012


بقلم: محمود صالح عودة
لماذا يصرّ معظم قادة التيّار العلمانيّ في مصر على عرض أنفسهم وكأنّهم ضدّ الديمقراطيّة التي نادوا بها منذ قرن من الزمن؟ فلقد أشبعونا كلامًا وشعارات ومحاضرات في الديمقراطيّة وحاجتنا إليها، لكنها عندما أتت واختار الشعب من يريد انقلبوا عليها، ووضعوا أيديهم بأيدي بقايا الديكتاتوريّة، وصبّوا كلّ طاقتهم في محاولات إفشال التجربة الديمقراطيّة لأنّها أتت بخصومهم السيّاسيّين.
في حدود علمي إنّه من حقك أن تخالف النظام الحاكم وتعارضه سلميًا في الدولة الديمقراطيّة، أمّا أن تسعى لإسقاطه ولو باستخدام العنف والبلطجة وتشويه الحقائق فهذا من مظاهر الديكتاتوريّة، لأنّك حينئذ تسعى لفرض رأيك ومشروعك بالقوّة على خيار أغلبيّة الشعب، وإن كانت أغلبيّة مؤقّتة.
لم تقف القوى العلمانيّة المصريّة - المتستّرة خلف شعار (المدنيّة)- عند محاربة الديمقراطيّة الوليدة، بل ذهبت إلى حدّ فرض الوصاية على المجتمع، فقد أعلن قادتها وعلى رأسهم حمدين صباحي أنهم (لن يسمحوا بإجراء استفتاء شعبي على الدستور)، أو بلغة أبسط: نحن ضدّ قرار الشعب وحكم الشعب ورأي الشعب طالما لن يسير على أهوائنا. بعد الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس والذي سبب في انقسام أعضاء (جبهة الإنقاذ الوطني) خفت حدّة الخطاب لا سيما بعد الانقسامات داخل (الجبهة) واتخذ القرار بالمشاركة في التصويت على الدستور بشروط معيّنة والتصويت ب(لا).
لم يكتف قادة التيّار العلماني بمحاولات عرقلة مشروع الدستور، فقد طالب علاء الأسواني بمنع تصويت (الأميّين) لأنّ الإسلاميّين يستغلّون أصواتهم وفق ادّعائه، في طعن وإهانة مخزيين للشعب المصري وللمسلمين عامّة، كأنّ نقابات الأطباء والمعلمين والمحامين في مصر لا يشكل أغلبيتها التيّار الإسلاميّ (الأمّي)، وكأنّ العلمانيّين لا يتاجرون بشعارات التقدميّة والحداثة وهي منهم براء. إلّا أنّ ضعف الحجّة وانعدام الشعبيّة في الشارع تجعل هؤلاء القوم يلجأون إلى ترويج الأكاذيب والشائعات، وتزييف الحقائق وغسل الدماغ بدعم من إعلام فاسد ينتمي إلى العصر الاستبداديّ البائد.
الملفت للنظر في المشهد المصريّ الحالي أنّ الذين نادوا بالديمقراطيّة والحداثة والتقدميّة من العلمانيّين أثبتوا أنّهم لا يفقهون منها شيئًا، أو على أقلّ تقدير لا يحسنون ممارستها ولا حتى القبول بها وبنتائجها. على الجهة الأخرى، أثبت التيّار الإسلامي أنّه يمارسها على أرض الواقع وإن لم يُحسن التنظير حولها ولا يتغنّى بها كما يتغنّى الفريق الآخر، وعلى رأس هؤلاء التيّار السلفيّ الذي شارك حديثًا في الانتخابات برغم أنّه كان يعتبرها كفرًا، وأثبت أنّه أكثر مرونه وقابلية للتجديد من التيّار العلمانيّ، بالرغم من التحفظات على ممارسات بعض السلفيّين.
في مقالة نشرتها له صحيفة (فاينانشل تايمز)، كتب المنسق العام لما يسمّى (جبهة الإنقاذ الوطني) محمّد البرادعي إنّه (من المثير للسخرية أن الثوّار الذين أطاحوا بالسيد مبارك يتلقون الآن الدعم من أعضاء حزبه القديم، إذ اتحدوا من أجل مواجهة (مشروع إسلامي) غامض يسعى لتنفيذه السيد مرسي ومؤيدوه)!.وهو اعتراف خطير في الوقت الذي يقوم به الفلول ومن معهم بأعمال عنف وقتل وتخريب، ويسعون بكلّ جهدهم لإدخال البلد في حرب أهليّة، بينما تواصل الجهة الأخرى كظم الغيظ إلى أقصى حدّ. كما أنّ هذا القول يضع البرادعي وجماعته في خانة الاتهام المباشر للجرائم التي قام بها هؤلاء.
لم تكتف (جبهة الإنقاذ) بالوقوف مع الفلول ضد السلطة المنتخبة والشرعيّة الوحيدة في البلاد، بل رفض أعضاؤها الحوار المفتوح الذي دعا إليه الرئيس مرسي، بينما كانوا في السابق يهرولون لمقابلة حسني مبارك وأركان نظامه في ذروة استبدادهم وطغيانهم.
ليست الخلافات السياسيّة حول الإعلان الدستوري هي المشكلة الوحيدة في مصر الآن، إنّما هناك ملفات فساد كبيرة من المرجح أنها سوف تنكشف فيما بعد، بعد خلع النائب العام عبد المجيد محمود الذي عيّنه حسني مبارك، ولهذا (الخلع) صلة مباشرة بالأحداث الدامية التي شهدتها مصر في الأيّام الماضية، كون الذين يدورون في هذا الفلك الفلولي من نفس صنف مبارك.
كما أنّه بعد استدعاء المنسق العام ل"جبهة الإنقاذ" محمد البرادعي لتدخل الجيش بطريقة ملتوية وطلبه الإدانات من أمريكا وأوروبا حول ما يجري في مصر، وتحريضه على الجمعيّة التأسيسيّة للدستور بقوله إنّها (كافرة) بالهولوكوست - وفق الرواية الصهيونيّة - ولا تشمل ضمان حقوق (البوذيين)، يثبت هو ومن معه أنّ مشكلتهم ليست مع مرسي وأنصاره بل مع الشعب المصري (الكافر)، وأنّ مهمّتهم إجهاض التجربة الديمقراطيّة في ظلّ حكم التيّار الإسلاميّ.
بعدما تراجع مرسي عن الإعلان الدستوري المثير للجدل بقيت (الجبهة) على ذات الموقف الرافض، حتى في ظلّ إمكانية انتخاب جمعيّة تأسيسيّة للدستور بشكل مباشر في حال رفض الشعب الدستور الحالي في استفتاء 15 ديسمبر، وهو ما يؤكّد بوضوح خوف هؤلاء بل معارضتهم ولو بالعنف الاحتكام للشعب حول أيّ قضيّة.
إنّ بعض الذين كانوا يبشروننا بالديمقراطيّة طيلة الوقت أثبتوا أنّهم خصومها بل ألدّ أعدائها، على الأقل حينما تكون عندنا وليس في أمريكا أو دول الغرب. وإن كان منهم (الأمريكوقراطيّون) كما سمّيتهم في مقال سابق فإنّ هؤلاء اليوم يستحقّون لقب (الديموكتاتوريّون)، ديمقراطيّون في الظاهر، ودكتاتوريّون فاشيّون في الباطن. وما لم يحترموا إرادة شعوبهم ويسعون إلى توعيتها بدلاً من تضليلها لمصالح أنانيّة، فإنّهم سيبقون كما كان حالهم في عهد الاستبداد، معارضو فنادق يجيدون الظهور على شاشات التلفزيون لكن بلا رصيد شعبي حقيقيّ، ولا قيمة تذكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.