في الساعات والأيام التي تلت (قبلة العار) التي طبعها مواطن جزائري على يد رئيس دولة فرنسا فرونسوا هولاند، قامت الدنيا في الجزائر، ولم تقعد.. لا صوت في المقاهي والشوارع والمكاتب، وصفحات الفايسبوك، يعلو على صوت استنكار تلك (الخطيئة الكبرى) و(العار البغيض) و(التبهديلة المدوية).. عاد هولاند إلى قصره، والمواطن السطايفي الذي قال إنه قبّل يدا نظيفة إلى بيته.. وخرج طفل جزائري لعله لم يسمع يوما بهولاند يلعب في إحدى بلديات ولاية تيارت الصغيرة، وهو لا يدري أن قنبلة زرعتها فرنسا قبل أكثر من نصف قرن ستغير مسار حياته لمجرد أنه خرج يلعب.. وبينما كانت الصحافة الفرنسية تحتفل بعيد ميلاد أحد الحصانين اللذين أهدتهما الجزائر لمسيو هولاند، بينما كان السيد حمزة الساسي يدافع عن قبلته (المحترمة)، انفجرت (القنبلة اللغم) على الطفل المسكين، فنُقل إلى المستشفى، ونُقلت أحلامه في أن يعيش حياة سعيدة هانئة وصحية.. إلى عالم آخر.. ولم يكن الطفل التيارتي المسكين أول ضحية لألغام وقنابل (فافا)، ولن يكون الأخير على الأرجح ولو أننا نأمل ونرجو ذلك وقد عثرت مصالح الدرك الوطني في الأيام الأولى لسنة 2013 على تسع (9) قنابل يدوية بحي القصر القديم بولاية البيض تعود إلى العهد الاستدماري البغيض. وإذا كان أبناء البيض قد نجوا من مأساة حقيقية باكتشاف تلك القنابل الفرنساوية التسع، فإن عددا كبيرا من القنابل الأخرى المدفونة في أرض الجزائر، وغير المكتشفة إلى الآن تبقى تتربص بالجزائريين المطالبين بترديد الشهادتين قبل كل خطوة يخطونها، لأن (فافا) لم تساعد جزائر الاستقلال بخرائط زراعة ألغام وقنابل الموت.. ومع ذلك مازالت (فافا) ومن يعشقها تتساءل كيف أن الجزائريين لم ينسوا جرائم فرنسا.. كيف ننسى يا فرنسا.. وخناجرك مازالت تطعننا، وقنابلك مازالت تقتلنا؟..