تزخر إفريقيا بتراث شعبي كبير لطبيعة تشكل شعوبها، وتلعب الحكاية والخرافة دورها في ثقافة هذا الشعب الإفريقي، ومما تحتفظ بها ذاكرة الشعوب الإفريقية هذه الحكاية التي تتحدث عن رجل غني وبخيل في نفس الوقت، حال إفريقيا الغنية بثرواتها وطبيعتها والبخيلة عن شعوبها، حال الكأس الإفريقية الغالية والثمينة لدى كل المنتخبات الإفريقية والمستعصية عن بعضها ومنها فريقنا الوطني، لقد رودناها في الكثير من المرات وماتزال بخيلة، لم تمنحنا فرحة الإمساك بها إلا مرة واحدة، فهذه الحكاية التي تتحدث عن هذا الرجل الغني والبخيل، تقول لنا بأنّ: هذا الرجل كان في كل مرة يستعين بمستخدم (عامل) ويعده بمكافأة قدرها يغري أيّ عامل ينالها في آخر شهر لقاء خدمته، لكن الذي كان يحدث في نهاية كل شهر عندما يقترب موعد صرف المكافآت، أنّ هذا الرجل الغني البخيل كان يستدعي مستخدمه ويطلب منه قائلا: اذهب إلى السوق واشتر لي قليلا من الأوّ والآي وما لم تأت لي بذلك فلن أدفع لك من راتبك شيئا..، لكن لا أحد من مستخدميه عرف ما هو الأوّ والآي، ولا أين يجدوه ليشتروه له، وكانت النتيجة أن لا أحد منهم حصل على دينار أو دولار واحد من المبلغ في آخر الشهر. وهذا هو حال فريقنا الوطني الذي كانت إفريقيا الغنية والبخيلة ترسله في كل مرة للبحث عن هذه (الأوّ والآي) أي الكأس للبحث عنها بالعديد من اللاعبين والعديد من المدربين، اتجه جنوبا وشمالا وشرقا وغربا ووسطا، وبحث في كل أسواق إفريقيا ولم يعثر على مبتغى إفريقيا، ولم يعرف أين يجدها ويعثر عليها، فعاد في كل مرة خائبا، فكان فريقنا الوطني يستعد ويعمل ويجد ويقوم بتربصات استعدادا لهذه "الأوّ والآي) وفي الأخير لن ينال جزاء تعبه وتربصه وعمله.. لم تنته الحكاية اخوتي الكرام، فذات مرة انتهى خبر هذا الرجل الغني مع مستخدميه إلى أحد الشبان الأذكياء وقرر أن يلقنه درسا لا ينساه مدى حياته، ويعرفه فعلا معنى الآيّ والأوّ، وهكذا التحق الشاب الذكي بخدمة الرجل البخيل وكالعادة استدعاه الغني في نهاية الشهر، طالبا منه أن يشتري له الآيّ والأوّ من السوق وإلاّ.... قال الشاب حاضر سيدي على العين والرأس، إنما عليك يا سيدي أن تعطني مبلغا من المال حتى آتيك بمطلوبك لأن الآيّ والأوّ ارتفع سعرهما في السوق لشدة الطلب عليهما في هذه الأيام، نزل الغني عند طلب الشاب وأعطاه المبلغ وهو يفكر بأنه سيسترجعه منه في النهاية عندما يعود وهو ليس معه من الآيّ والأوّ حتى رائحتهما، وهذا هو حال فريقنا الوطني يمتلك عناصر شابة ذكية ومدربا محنكا وذكيا لا تهم لديهم إفريقيا وبخلها وطلبها الغريب، فلهم من الجرأة والحماس والقدرة على رفع التحدي واقتحام الآيّ والأوّ.. ذهب الشاب وأخذ جرتين وضع في واحدة منهما (أم أربعة والأربعين) وفي الأخرى عقربا ورجع بهما إلى حيث ينتظره مخدومه في الدكان. قال الرجل الغني مستغربا: ما هذا الذي أتيت به؟ قال الشاب وهو يشير إلى الجرة التي وضع فيها أم أربعة وأربعين: هذه هي الآيّ ، فقال الغني: تريد أن تقول إن الآيّ في هذه الجرة، ورد عليه الشاب موافقا، أي نعم ضع أصبعك في داخلها وأنت تتأكد، مد الرجل الغني يده ووضع أصبعه في داخل الجرة، فعقصته أمّ أربعة وأربعين عقصة جعلته يصرخ مرعوبا (آيّ آيّ) قال الشاب ضاحكا، تأكدت ورأيت بنفسك هذه هي الآيّ، أما الأوّ فتجده في هذه الجرة الأخرى... وفريقنا الوطني يوجد في جرة تخطيها وتجاوزها تكون فيه الكثير من الآلام فهي مجموعة أم أربعة وأربعين، مجموعة مدججة بالنجوم، وتجاوزهم هو بمثابة امتحان عسير لفريقنا الوطني، فيه من الآلام التي يمكن أن يتخبط فيها ولكنه سيتجاوزها لأنه يملك فريقا شابا ذكيا يستطيع أن يقطع هذه الصعاب رغم صعوبتها، فعند تكسير الجرة الأولى وهي مجموعتنا الصعبة سيكون الطريق مفتوحا للجرة الثانية، ولكن نلاحظ ماذا قال الرجل الغني البخيل لذلك الشاب الذكي: لا بأس..!لا بأس ليأخذك الشيطان، خذ مالك وارحل عني بسلام ولكنه بالتأكيد لم يضع أصبعه مطلقا في الجرة الثانية، وانتهت الحكاية الإفريقية ومعها لن يعود الفريق الوطني خائبا سيعود غانما، فإذا ما استطاعوا هؤلاء الشباب الأذكياء التعامل بذكاء مع إفريقيا وطقوسها، واستطاعوا أن يكسروا الجرة الأولى فإنّ الجرة الثانية رغم صعوبتها إلا أنها في متناول الفريق الوطني... ولإفريقيا طقوسها وسحرها ولفريقنا الوطني سلاحه... بالتوفيق لفريقنا الوطني. * العضو (ابن الصحراء)