تعاني مقبرة العالية بالعاصمة، التي ترقد بها أهم الشخصيات الثورية من شهدائنا ومجاهدينا، من حالة إهمال، يل وتدنيس غير مسبوقة، فقد تحول المكان إلى ملجأ للمشعوذين، والسحرة، والمشردين الذين عاثوا فيه فاسدا، الشيء الذي أزعج أهالي الموتى، خاصة وأن قنوات من المياه القذرة باتت تصب مباشرة في قبور موتانا. أخبار اليوم" التي تنقلت إلى المكان وغير بعيد عن مرقد الكثير من عظماء الجزائر بمقبرة العالية بالعاصمة، وقفت على انتشار ظواهر غريبة تمس بقدسية المكان وبحرمة الأموات وتجعل الصورة سوداء عن مكان كان من المفروض ان يحظى باهتمام خاص، مثلما كان عليه من قبل، فبين الأموات بات ينتشر المتسولون والمتشردون وحتى المعاقين، وبينهم تمارس الشعوذة والسحر وقراءة الطالع وسط ديكور من القاذورات التي دنست القبور ونسفت بمظهرها الذي كان إلى سنوات قريبة لا غبار عليه.. بمجرد دخولنا إلى مقبرة العالية وجدنا أنفسنا أمام جمع من الأطفال وحتى الكبار الذين اختاروا الاسترزاق، من الصدقات التي توضع على القبور من زهور وماء، وحتى مأكولات، وغير بعيد عن هؤلاء تقابلك نساء وعجائز وأطفال ومعاقين يفترشون الأرض بحثا عن صدقات يجود بها أهل الأموات، الشيء الذي أعطى ديكورا مشوها للمكان، ، وقد طالب من تحدثنا إليهم السلطات بالتدخل خاصة فيما يخص تحويل المقبرة إلى مكان للتخلص من القاذورات، لأن المتشردين يقومون بتنجيس القبور ويرمون بقايا الأكل والألبسة القذرة عليها وينامون فوقها بلا خوف. المواطنون الذين تحدثنا إليهم، استنكروا أيضا تحول المكان إلى حلبات للمصارعة، المشاجرات التي تنشب من حين إلى آخر بين المتشردين و المتسولين والتي يسمع أثناءها كل أنواع الشتم والسب دون مراعاة حرمة الأموات، و قال البعض خاصة النسوة منهن، ممن تعودن على زيارة موتاهم كل أسبوع، أنهم باتوا يخافون أحيانا من المتشردات المنحرفات والمتسولات اللواتي شكلن عصابات قد تقتل المرء من أجل الحصول على ما يحمل في يده، ناهيك عن الشعوذة التي لها نصيب أكبر إذ تقول السيدة عائشةّ " أنا ازور المقبرة كل يوم جمعه و أصادف كل يوم نساء يأتين من أجل دس السحر أو الأخذ من ماء الميت أو تراب القبور من أجل توظيف كل هذه المواد في الشعوذة والسحر"، فيما قالت أخرى أنها رأت بأم عينيها مشعوذات تنصبن فخاخا وقد ارجع المواطنون تفشي الظاهرة إلى غياب الرقابة والأمن عند وصولنا إلى المقبرة كان أهم شيء لفت انتباهنا هو انتشار البيوت الفوضوية على جنبات المقبرة، وبالموازاة معها إلقاء القاذورات في المكان والتي تصل أحيانا إلى القبور، فتجعل من المقبرة تبدو كأنها مزبلة مترامية الأطراف، وقد أعرب لنا احد الذين جاء لزيارة قبر والدته، عن تذمره لما آلت إليه المقبرة، التي تحولت أيضا إلى مصب للمياه القذرة المنحدرة من البيوت القصديرية، وما سببته من رائحة كريهة ألقت بظلالها على رائحة الورود التي كانت تعبق المقبرة وتعطيها خصوصيتها، وقد اجمع من تحدثنا إليهم على ضرورة تحرك السلطات من أجل إعادة الاعتبار إلى مقبرة العالية، التي ينام بها من صنعوا مجد الجزائر.