حذّر خبراء ومختصّون من ظاهرة جديدة بدأت تزحف على الجزائر من شأنها تهديد استقرار البلاد وهي ظاهرة (الإرهاب الإلكتروني) الذي يعدّ امتدادا للجريمة الإلكترونية، مشيرين إلى أن التهديد والشتم يشكّلان أكثر من نصف عدد حالات (الاعتداءات الإلكترونية) التي تتطوّر في بعض الأحيان إلى اعتداءات مباشرة تتّخذ طابعا دمويا. أجمع العديد من الخبراء المشاركين في الملتقى حول الجريمة المعلوماتية المنظم يوم الخميس بدائرة فديل (وهران) على أن الجريمة الإلكترونية تحوّلت إلى ظاهرة إرهاب معلوماتي. وذكرت المحامية زرنة فاطمة وهي خبيرة في ميدان الجريمة الإلكترونية، أن هذه الأخيرة تشهد تطوّرات سريعة وتحولت إلى ظاهرة (إرهاب معلوماتي) وصارت (قاعدة تستند إليها الجماعات الإرهابية في القيام بنشاطاتها عن بعد). (وباتت هذه الجماعات تتّخذ من الفضاء الإلكتروني مجالا لزرع الأفكار المتطرّفة ذات الأبعاد السياسية والعقائدية والعنصرية ودفع وتشويق مختلف الفئات، لا سيّما الشباب نحو الأعمال الإجرامية وتكريس ثقافة العنف في المجتمع)، تضيف ذات المتدخّلة التي أشارت إلى أن ظاهرة الإرهاب الإلكتروني والمعلوماتي بشكل عام أصبح يتجلّى في (عمل المجموعات على تدمير المحتويات الإلكترونية للمؤسسات العمومية الاجتماعية والاقتصادية والاستيلاء عليها أو تعطيلها إلى أقصى وقت ممكن من أجل الحاق الضرر والمساس بسير المصالح العمومية). من جانبه، اعتبر رئيس قسم الجنح بمحكمة فديل السيّد غوالم توفيق أن ظاهرة الجريمة الإلكترونية تحوّلت من مجرّد تحريف للمعطيات ثمّ غشّ معلوماتي إلى الجريمة الإلكترونية المنظمة وظاهرة إرهاب معلوماتي في الوقت الحاضر، وأشار إلى أن هذه الظاهرة باتت تستهدف بالدرجة الأولى المؤسسات العمومية والشركات من خلال إدخال وتعديل المعطيات المعلوماتية والإستيلاء عليها من خلال أعمال اختراق التي تستهدف المساس بالأنظمة والبرامج المعلوماتية والمعلومات السرّية للمؤسسات، وذكر أن أن المصالح المعنية بمكافحة جرائم الفضاء الافتراضي الإلكتروني باتت تعالج قضايا المتاجرة غير المشروعة بالمعطيات من خلال الدخول في المعالجة الآلية للمعطيات. وأبرز نفس المتحدّث ثراء المنظومة التشريعية الجزائرية في مجال الوقاية ومكافحة الجريمة المعلوماتية، مشيرا إلى أن النصوص الحالية تضمّ قانون 04 / 09 الذي يقرّ بضرورة استحداث هيئة وطنية لتنشيط وتنسيق عمل السلطات المكلّفة بمكافحة الجريمة المعلوماتية ومدّها بالمساعدة والاستشارة اللاّزمة. تهديدات.. وشتائم تشكّل قضايا السبّ والشتم والتهديد عبر البريد الإلكتروني نسبة 55 بالمائة من القضايا التي عالجتها مصالح الدرك الوطني في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية، حسب ما أفاد به ممثّل لهذا الجهاز الأمني. وأوضح ممثّل مركز الوقاية من جرائم الإعلام الآلي والجرائم المعلوماتية ومكافحتها التابع لقيادة الدرك الوطني لدى تدخّله في الملتقى أن أغلب القضايا التي عالجها هذا السلك الأمني خلال 2012 تتمثّل في قضايا السبّ والشتم والتهديد بالقتل عبر الرسائل البريدية الإلكترونية التي تمكّنت مصالح الدرك من تحديد مصادرها وتحقيق نتائج إيجابية في مكافحتها. وأضاف ذات المصدر أن الدرك الوطني عالج 28 جريمة إلكترونية العام الماضي تتعلّق معظمها بقضايا السبّ والشتم والتهديد، إلى جانب 5 قضايا نصب واحتيال عن طريق الأنترنت من قِبل محتالين من جنسيات إفريقية يعملون على سلب المواطنين أموالهم من خلال نقلها عبر أرصدة متعدّدة أو عن طريق التوظيف المزعوم الذي يستوجب دفع التكاليف. كما عالجت ذات المصالح 3 قضايا خاصّة بتسريب معلومات من مؤسسات عمومية لصالح جهات أخرى نتج عنها إلحاق الضرر بالأولى. المطلوب إنشاء هيئة لمكافحة الإجرام المعلوماتي دعا المشاركون في ملتقى الجريمة الإلكترونية إلى الإسراع في إنشاء الهيئة الوطنية المكلّفة بتنشيط وتنسيق عمل السلطات المكلفة بمكافحة الجريمة المعلوماتية ومدها بالمساعدة والاستشارة اللاّزمة. وحثّ الخبراء في التوصيات التي توّج بها هذا اللّقاء المنظم بمبادرة من نقابة المحامين لولاية وهران على ضرورة الإسراع في إنشاء هذه الهيئة الوطنية التي ينص على استحداثها القانون 04 / 09 الصادر في 5 أوت 2009 والخاص بالوقاية من الجرائم الإلكترونية ومكافحتها. وشكّلت أهمّية تعزيز آليات الوقاية من آفة الجريمة المعلوماتية وتأمين البرامج وحماية المحتويات والمعطيات تحسّبا لتطوير التجارة الإلكترونية بالجزائر أحد أبرز توصيات الملتقى. وتمّت أيضا الدعوة إلى الرّفع من درجة الوعي الاجتماعي حول مخاطر الجرائم الإلكترونية، إلى جانب التوجيه نحو الاستعمال الأحسن لشبكة الأنترنت.