المناوئون لنظام الإخوان غاضبون رقابة مشددة على الأفلام الأجنبية في مصر قرر رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في مصر عبد الستار فتحي (خلفاً للدكتور سيد خطاب) تشديد الرقابة على الأفلام سواء العربية أو الأجنبية، فمنع أفلاماً وحذف مشاهد من أخرى، ما يثير علامات استفهام حول ممارسات الرقابة على المصنفات الفنية من حذف يصل حسب "العلمانيين"إلى حد التشويه، وهل هو مخطط لمحاصرة الفن والتضييق عليه لإرضاء النظام الحاكم مثلما يقول بعض المناوئين لنظام الإخوان؟ رفض عبد الستار فتحي أخيراً عرض الفيلمين الأمريكيين: «جامع العظام» إخراج ماركوس دنستن و{نموذج لولا» إخراج أريل وين، وكانت الرقابة حذفت مشاهد من فيلم «جانغو» للمخرج تارانتينو، منها مشهد حواري كامل لمدة خمس دقائق، إضافة إلى مشهد قبلة طويلة ومشهد قتل مهم في سياق الأحداث. وفي مشهد يدور في بيت إقطاعي ثري في منتصف القرن التاسع عشر وفي خلفيته تمثال رخامي عار، أجرت الرقابة تأثيرات على صورة التمثال العاري لمدة عشر دقائق. كذلك تبدو العلاقات في الفيلم مَبتورة لأن الرقيب حذف مشاهد منها، فتعذر على المشاهدين معرفة القصة أصلا. يؤكد الناقد يعقوب وهبي أن المشهد الحواري الطويل المحذوف لا يتضمن عرياً أو سبباً للحذف، «كذلك نجد قطعاً حاداً وغريباً وغير مبرر مع نهاية الأحداث، فالبطل المُحاصر في داخل قصر والذي يُفترض قتله يبدو، من خلال قطع مونتاجي، عنيفاً في طريقه إلى أحد الجبال لاستخراج المعادن، من دون أن نفهم الأحداث... كذلك حُذف مشهد قتل مهم، ما أربك المشاهد الذي يعجز حتماً عن استيعاب تفاصيل كثيرة». يتساءل وهبي: «لماذا تشويه المصنف الفني؟ ولماذا يتجاوز الحذف المحظورات الرقابية التي لطالما طالبنا بإلغائها؟». نجاة «لينكولن» يبرر عبد الستار فتحي إجراءات لجنة الرقابة على المصنفات الفنية بالقول إن المشاهد المحذوفة من فيلم «جانغو» لتارانتينو كانت قاسية ودموية وبعضها جنسي بشكل مبالغ فيه. بالنسبة إلى الأفلام الممنوعة يوضح عبد الستار أن «جامع العظام»، يحتوي على مشاهد قتل وتعذيب وتنكيل بجثث النساء، و{نموذج لولا» يتضمن مشاهد جنس وتدور أحداثه في إطار من الرعب حول محنة لولا التي تبحث عن رجل مناسب ليكون شريكاً لحياتها وقادراً على إشباع رغباتها الجامحة، ومن ثم تلجأ إلى العلاج النفسي للخروج من أزمتها. يضيف عبد الستار أن مقاييس الرقابة لم تتغير بعد توليه رئاستها وأن ثمة مبادئ لا يمكن التغاضي عنها تتعلق بقيم المجتمع وعاداته، لافتاً إلى أنه لا يرفض الأعمال التي تتناسب مع تلك القيم، إذ وافق أخيراً على عرض فيلم «لينكولن» من إخراج ستيفن سبيلبرغ وبطولة دانيال دي لويس، من دون حذف أي مشهد. يرى الناقد صبحي شفيق بدوره أن مقص الرقيب أصبح شديداً في الأشهر الأخيرة، إذ حذف مشهداً حوارياً قصيراً في فيلم «آنا كارينينا» من دون مبرر، كذلك حذف تفاصيل أخرى رغم أن ليس فيها ما يخدش الحياء إنما مجرد قبلات عادية، ما أثار استياء البعض. يضيف شفيق أن التدخل الرقابي في الأفلام الأجنبية بهذا الشكل السافر اعتداء على الفن وعلى استمتاع المشاهد بالفيلم، خصوصاً أن من يطبقون الحذف لا يتمتعون بثقافة سينمائية تخولهم تحديد أهمية المشهد في السياق الدرامي أو تأثيره في شكل الفيلم النهائي، فبعضهم من خريجي كليات تجارة أو لغة عربية ولا يقدرون قيمة الفن، لذا يطالب بتغييرهم. يضيف شفيق أن الرقابة تأثرت بوصول الإخوان إلى السلطة، «حتى لو لم يتدخل النظام بشكل مباشر لفرض رقابة معينة، فإن العاملين في الرقابة وضعوا معايير أكثر تشدداً، تماشياً مع موجة الحكم الحالي في البلاد، إذ يحاول كثر منهم أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك».