يروي فيلم ''لينكولن'' للمخرج ستيفن سبيلبرغ، الذي فاز بواسطته الممثل دانييل داي لويس بجائزة أفضل ممثل دراما، خلال حفل ''غولدن غلوب'' الذي أقيم في ''بيفرلي هيلز'' بالولاياتالمتحدةالأمريكية، أول أمس، الأشهر الأخيرة من حياة الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن، ونضاله من أجل إلغاء العبودية. تبدأ أحداث الفيلم المرشح، حاليا، لنيل اثني عشرة جائزة أوسكار، بمشاهد لإحدى معارك الحرب الأهلية الأمريكية التي دارت بين شمال متحرر وديمقراطي، وجنوب محافظ وتقليدي ما بين 1860و1865، والصراع الذي دار بينهما بخصوص ''عبودية الزنوج''. ويتمحور الفيلم حول محاولات الرئيس أبراهام لينكولن، خلال عهدته الرئاسية الثانية، تمرير تعديل دستوري للمادة الثالثة عشر للسماح بمنح الحرية للأمريكان ''الزنوج''، من خلال مجلس النواب الذي يمتلك حزبه فيه الأغلبية غير المطلقة. فيقرر الرئيس لينكولن البحث عن عشرين صوتا إضافيا من الحزب الديمقراطي المعارض لتمرير التعديل الدستور الذي يريده، بغرض تحرير العبيد، ووضع حد للحرب الأهلية، تزامنا مع حماية عائلته من خسارة ابن آخر. ولم يتحرّج سبيلبرغ من إظهار الدور المحوري الذي أدّته زوجته ماري تود لينكولن (تمثيل سالي فيلد)، ومساعيها المختلفة لإنجاح التعديل الدستوري المنشود. كما ركّز على لحظات تمزّق لينكولن بين كواليس السياسة وحياة عائلته، حيث يبدو رجلا عطوفا، يعاني من فقدان أحد أبنائه خلال الحرب، ليتحول الفيلم بذلك إلى ما يشبه ''السيرة الحميمية'' التي كتبها إلى جانب سبيلبرغ، الكاتب المسرحي توني كوشنر. والغريب أن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة، والأكثر إثارة للجدل، لم يثر اهتمام السينمائيين في هوليوود منذ العام 1939، بفيلم ''يونغ مستر لينكولن'' للمخرج الشهير جون فورد، الذي مثّل فيه هنري فوندا دور البطولة. وقد صوّر سبيلبرغ الفيلم في غالبيته في الداخل من دون مشاهد ضخمة، وهو يرتكز على الحوار وعلى أداء ثلاثة من كبار الممثلين هم تومي لي جونز، المرشح لأوسكار أحسن دور ثانوي لتجسيده شخصية ''ثادوس ستيفنس'' السيناتور الذي ساند أبراهام لينكولن في مهمته، والذي ساند لينكولن لتحقيق رغبة زوجته التي من أصل ''زنجي''، إضافة إلى سالي فيلد، وجوزف غوردون ليفيت. أما دور البطولة، فقد أسند للممثل البريطاني دانييل داي-لويس. هذا الأخير أدى دور لينكولن بطريقة ملفتة، مما أوصله إلى لائحة المرشحين لجوائز الأوسكار المقبلة، بعدما فاز بجائزتين، في الماضي، عن دوره في فيلمي ''ماي لفت فوت'' (1989) و''ذير ويل بي بلود'' (2008). وبهذا الفيلم، نلاحظ أن سبيلبرغ فضل العودة إلى درامياته الاجتماعية التي اعتاد عليها، كما برزت في فيلمين سابقين، هما ''اللون القرمزي'' و''أميستاد''. وكلاهما التفت إلى معاناة شخصيات زنجية، أو أفرو- أمريكية تسعى إلى التحرر. ففي الأول، التحرر من طغمة العنصرية البيضاء التي أوغلت في منتصف القرن الثامن عشر في الولاياتالمتحدة. وفي الثاني، تحرر السود من السود في حكاية عائلية عن الجور والعنف الجنسي. للعلم، يعد أبراهام لينكولن الرئيس السادس عشر للولايات المتحدةالأمريكية. حكم خلال الفترة من 1861إلى .1865 وهو شخصية عظيمة حررت العبيد، وتم اغتياله في شهر أفريل من العام الأول من عهدته الثانية. يذكر أن فيلم المخرج ''كونتان ترانتينو'' الجديد ''جانغو متحررا''، تناول بدوره قضية العبودية التي عرفتها أمريكا. وتدور أحداثه سنتين قبل الحرب الأهلية، في قالب غرائبي عجيب، على خلاف طريقة فيلم سبيلبرغ الكلاسيكية والأكاديمية التي اعتمدت أكثر على الحوار.