مجلس الأمة يشارك في الدورة الاستثنائية للبرلمان العربي حول فلسطين    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة محمد عبد اللطيف بلقايد شيخ الزاوية البلقايدية الهبرية العريقة    هيرتا برلين يعطل انتقال إبراهيم مازا إلى عمالقة أوروبا    عوار جديد في ليون.. هذا هو خالص مراح    ندوة علمية بتلمسان.. إبراز دور اللغة الأم في تعليم الكبار    القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها يصدر في الجريدة الرسمية    بعد تعرضه لإصابة مع فريقه الترجي التونسي.. من يعوض أمين توغاي في المنتخب الوطني شهر مارس؟    ربيقة يجري عدة لقاءات مع وزراء ومسؤولين في جمهورية نيكارغوا    تقييد تنقل ودخول رعايا جزائريين إلى الأراضي الفرنسية..الجزائر سترد بتدابير مماثلة وصارمة    رئيس الجمهورية: المصانع الجديدة لتحلية مياه البحر شرف للجزائر المنتصرة    استشهاد أسير فلسطيني من غزة بسجون الاحتلال..حماس: لم نتلق أي مقترح بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة    أفرد ملفا خاصا بالجلسات الوطنية للسينما.. تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك"    وهران: الفنانة التشكيلية عادلة حمادي تعرض باكورة أعمالها    شيخ الطريقة البلقائدية الهبرية محمد عبد اللطيف بلقايد في ذمة الله    إدارة اتحاد الجزائر تشكر الحكومة الجزائرية التي سخرت كل امكانياتها لمساعدة الفريق على الدفاع عن قضيته العادلة    زعلاني يبرز الأشواط الكبيرة التي حققتها الجزائر في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان    الجزائر – وهران : إطلاق رحلة قطار ليلية جديدة خلال شهر رمضان    الحفاظ على سلالة الأغنام يستدعي جهودا علمية وخبرات ميدانية    المنيعة..مشاريع تنموية جديدة لفائدة بلديتي المنيعة وحاسي القارة    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تعزيز العمل خلال شهر رمضان الكريم    الذكرى ال 49 لتأسيس الجمهورية الصحراوية: مسار حافل بالإنجازات و الانتصارات القانونية    رئيس الجمهورية : ما تم إنجازه لتوفير المياه للجزائريين سيخلده التاريخ    عرض نتائج دراسة حول التحول الرقمي    إبراز إسهامات المجاهد الراحل الحاج لخضر    برمجة تسليم خمس مناطق نشاط مُصغّرة قبل نهاية 2025    المؤسسات الجزائرية تبرز مهاراتها    رمضان: جمعية التجار والحرفيين تدعو إلى تفادي المضاربة وتبرز وفرة المنتجات    بورصة الجزائر: ارتفاع قيمة التداول ب 5ر4 % في السداسي الثاني من 2024    الجزائر-النيجر: آفاق واعدة لمستقبل التعاون الثنائي    عرقاب يستقبل وفدا من شركة سينوبك الصينية    هل يحطم مبابي أسطورة رونالدو في الريال؟    صادي رئيساً للفاف حتّى 2029    تتويج الفائرين في الطبعة الرابعة للمسابقة الوطنية للصحافة البيئية    كيف تفوز الأسرة برمضان؟    مجمع "جيتكس" يطلق تشكيلته الجديدة لملابس الأطفال بأسعار تنافسية    شركة قطر فارما تبدي اهتمامها بالاستثمار في الجزائر    الجيش الوطني الشعبي: القضاء على إرهابي وآخر يسلم نفسه خلال أسبوع    تنظيم انتخابات أعضاء برلمان الطفل الجزائري 2025-2027    كرة القدم/ تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2026 للسيدات (الدور التصفوي الأول-إياب): الجزائر تفوز على جنوب السودان (3-0) وتبلغ الدور الثاني والأخير    الأمم المتحدة: الوضع في غزة كارثي ويستدعي استجابة إنسانية عاجلة    ابنة صلاح.. ممثّلة!    إنفانتينو يُهنّئ صادي    اجتماعية الدولة مبدأ مقدّس    فرنسا مطالبة بتحمّل مخلّفات تجاربها النووية بالجزائر    تحرير ضحيتين كانتا محتجزتين داخل منزل بعلي منجلي    سوريا ترحب بقرار الاتحاد الأوروبي    دراسة 19 تعديلا على مشروع قانون محكمة التنازع    اللجنة المشتركة لمتابعة إنجاز طريق تندوف - الزويرات    وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تنشر إمساكية رمضان    تأكيد تمسّك الجزائر بالقانون الدولي الإنساني    استقرار في أسعار اللحوم البيضاء في رمضان    حج 2025: آخر أجل لدفع التكلفة هو يوم الجمعة المقبل على الساعة الثامنة مساء    "مفدي زكريا" يستضيف فن التصميم الإيطالي    سايحي يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية المستقلة للقابلات الجزائريات للصحة العمومية    الشوق لرمضان    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم كلثوم.. ولغة الحب التي غابت
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 03 - 2013


أغانيها مازالت تشغل الباحثين
أم كلثوم.. ولغة الحب التي غابت
ما زالت أغاني أم كلثوم تشغل الباحثين في ما يتعلق بلغة الحب والمحبين، وهي تعبر عن مرحلة مهمة في تاريخ الثقافة العربية، ولكن لغتها لم تخضع للدراسة المعمقة حتى اليوم، فالأبحاث حولها قليلة ولا تعطي صورة واضحة عن شخصية شغلت العالم العربي أكثر من حكامه.
نشرت مجموعة جديدة من الدراسات أخيراً تلقي الضوء على جوانب في أغاني أم كلثوم العاطفية التي كانت التجربة الأبرز والأجمل في حياتها، من بينها دراسة أعدتها الناقدة الألمانية شتيفاني جزيل بعنوان (أم كلثوم شخصية المغنية المصرية وفتنتها)، ترجمتها الباحثة المصرية نيفين فائق بعنوان (سيدة الحب كله) ونشرتها المجلة مع رسومات للفنان المصري الأرمني شانت أفيديسيان.
تركز الدراسة على اللغة بوصفها عنصراً أساسياً من عناصر الثقافة العربية، وكيفية تعامل أم كلثوم معها وتقديرها لقيمتها، وهو ما كان بالنسبة إلى العرب أحد أبرز سمات نجاحاتها، لذلك اهتم الباحثون العرب والأجانب بدراسة العناصر اللغوية التي تضمنتها أغانيها.
تدور النسبة الكبرى من الأغاني التي قدمتها أم كلثوم خلال مشوارها الفني حتى نهايته حول موضوع العاطفة الإنسانية، ويذكر الروائي اللبناني سليم نصيب على لسان أحمد رامي قوله: (قصة حبٍ تكونت وامتدت في أنحاء البلاد من خلال كلماتي وصوتها)، ما هي قصة هذا الحب؟
تبين دراسة جزيل أن أم كلثوم اهتمت دائماً بالبحث عن نصوص جديدة لأغانيها، فقرأت كل ما عهد به إليها الشعراء، وكانت كثيراً ما تتطلب بعض التعديلات على النص الذي يعجبها لأغراض تتعلق بالمضمون الجمالي أو الأداء الغنائي أو بذوق الجمهور. ثم كانت تعطي النص للملحن الذي تراه مناسباً للنص من وجهة نظرها. من خلال الدراسة، نقرأ ما أشار إليه الباحث الفرنسي المهتم بالموسيقى الشرقية فريدريك لاغرانج إلى نشوء منظومة مفردات تتكرر في أغاني أم كلثوم العاطفية، وهي التي تشكل النسبة العليا في رصيدها الغنائي، ويقسم لاغرانج الكلمات المتكررة إلى أربع مجموعات:
- تعبيرات سلبية: تعكس المعاناة والوحدة والفقدان والقسوة.
- تعبيرات إيجابية: تعرض موضوعات الحب والحنان والقرب.
- تعبيرات تشير بطريقة غير مباشرة إلى ال (أنا) وال (أنت) مثل (قلب) و(روح).
- كلمات يمكن وصفها كأدوات لتشكيل (كليشيهات) ومن بينها (كأس) أو (شموع).
صوت أسطوري
مضمون الدراسة الألمانية في معظمه (تقميش) لدراسات أخرى، لكنها في الأحوال كافة تقدم للقارئ وجهات نظر عن لغة مطربة ما زال صوتها الأسطوري يخفي وراءه معاني الكلمات والأشعار.
ارتضت أم كلثوم في بدايتها تقديم أو غناء الطقطوقة مثل (الخلاعة والدلاعة مذهبي)، لكنها ما إن أصبحت (ستار) و(مطربة الأمة) حتى صارت تفرض الكلمة التي تريدها، تغير في كلمات القصائد بما يتناسب مع ذوقها، وكانت تحذف الأبيات المتعلقة بالخمر لدواع دينية، لكنها شذت عن ذلك مرة عندما غنت (هذه ليلتي) لجورج جرداق، وعلى هذا تحتاج (كوكب الشرق) إلى دراسات معمقة باعتبارها لغة، وكل أغنية من كلماتها لها حكايتها على ما كتب فارس يواكيم
جهاد فاضل في دراسته (أم كلثوم نغم مصر الجميل) (عن شركة رياض الريس)، تناول جوانب من سيرة حياة الفنانة الراحلة. يورد في استهلال الكتاب: (حكاية الحب كما روتها أم كلثوم)، فهي مثلت عصر الغناء للحب طوال أكثر من نصف قرن. ويتابع: (... حكاية الحب أو (سيرة الحب) من ألفها إلى يائها، من النظرة الأولى وصولاً إلى النظرة الأخيرة الفجائعية، مروراً بكل مكابدات الشوق (وعمايله) والوجد واللوعة والضنى والحسرة وصولاً إلى لحظة الفراق المرة التي تبدو كلحظة الموت... واستناداً إلى كل عناصر الحكاية التي روتها أم كلثوم عن الحب يمكن القول إن أغانيها تؤلف ما يمكن تسميته (قاموس العاشقين)... ثمة طرح غير مكتمل بقي في إطار الإشارات في كتاب فاضل، ربما يحتاج إلى مبحث اجتماعي لتتوضح جوانبه.
يعتبر فاضل أن أغنية (يا ظالمني) نموذجاً للعلاقة التي كانت قائمة في الشرق القديم، وفي المجتمعنا العربي. الرجل ظالم، ولكنه قدر، يمكن لحواء أن تصرخ بوجهه، لا لتتمرد عليه أو لتعلن العصيان، ولكن لتستعطفه وتستدر إنصافه. إنه ظالم، ولكن لا انفصال عنه، ولا مرجع آخر ترفع إليه شكواها منه. فيه الخصام ولكنه الخصم والحكم.
ويسترسل فاضل في حياة أم كلثوم قائلاً إنها بدأت تمجد الحب وهي لا تزال طفلة في طماي الزهايرة، فمؤرخو سيرتها يذكرون أن أول ما شدت به بعدما تجاوزت العاشرة نصاً شعرياً مجهول المؤلف هو التالي:
عصافير يحسبن القلوب من الحب
فمن لي بها عصفورة لقطت قلبي
فيا ليتني طير أجاور عشها
أغرد في جنب وأمرح في جنب
كنوز شعرية وفنية
أما آخر ما غنته من شعر الحب، قبل أن تودع هذه الفانية، فأغنية من نظم أحمد رامي، فيها كل دلال أغانيها ورقتها وإشاراتها اللطيفة:
ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني
وعنيه مجافيها النوم يا مسهرني
لم يحمل كتاب جهاد فاضل جديداً مغايراً ونوعياً فهو اعتمد على التقارير والسرد أكثر من البحث والنظر إلى الأمور من جوانبها كافة، بقي كتابه في إطار المقالات الصحفية المفيدة للقارئ العابر ولم يتحول مرجعاً في موضوع جدير بأن يكون مفتاحا لتفكيك أسطورة أم كلثوم.
تشغل أغاني أم كلثوم الباحثين في لغتها، يفتشون عن كل كلمة تقولها، لكن هل ما زالت هذه الكلمات تعني الجيل الجديد، وهل ما زال العاشق ينتظر اللوعة من المعشوق؟ الأرجح أن اللغة الكلثومية تشكل جزءاً من منظومة ثقافية سقطت بحكم التحولات التي طرأت على المجمتعات، وليس نقداً لصوتها الأسطوري وتاريخها العريق، فالأمر يتعدى ذلك إلى لعبة اللغة وما تعبر عنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.