غزت الشوارع وبيوت الله باسم الموضة شبانٌ يدخلون المساجد بسراويل متدلية انتشرت في الآونة الأخيرة موضة الملابس بشتى الأنواع خاصة تلك القادمة من الدول الأوربية والمصممة بمعايير مخالفة تماما لمجتمعنا الجزائري المسلم باعتبارها تهين كرامة من يرتديها، ومنها نجد الانتشار الواسع لما يعرف بالسراويل دون الخصر أو السراويل المتدلية التي لقيت إقبالا واسعا من طرف المراهقين الجزائريين والشباب أيضا، فلم يعد يخلو شارع أو مؤسسة تربوية من أناس يلبسون نموذجا منها ويتجولون بها أمام المارة دون خجل أو حياء، خاصة تلك التي تظهر وكأن السروال سيقع، إلى جانب ظهور الملابس الداخلية، والعجب أن أصحابها لا يبالون بل يتجولون بكل ثقة ويتفاخرون بمواكبتهم لهذا (التطور). وفي هذا الشأن ومن خلال تجوالنا بالشارع قمنا بالتقرب من بعض المواطنين لمعرفة رأيهم في الموضوع فكان لنا ذلك مع أحد الباعة، وعند سؤالنا له عن النوعية التي يقوم ببيعها في المحل من تلك السراويل التي تجلب العار لصاحبها أجاب قائلا: (إنني أقوم بإحضار آخر الصيحات التي تباع في الأسواق الخارجية وهذا النوع من الملابس يعتبر من موضة الألفية الأخيرة، وبما أن هذا النوع من الماركات لقي إقبالا كبيرا من قبل الشباب المراهقين فقد خصصت سلعة أكبر لتحقيق الربح، أما عن نوعية اللباس إن كان مكشوفا أم لا فهذا ليس من شأني لأن المشتري يدرك حقيقة ما يريده خاصة إذا كان الوالدان لا يأبهون فلما أتدخل فيما لا يعنيني فهمِّي الوحيد هو تجارتي لا أكثر). في نفس السياق أفادنا (سمير) الذي يبلغ من العمر 40 سنة بقوله: (أشمئز عند رؤيتي لمثل هذه المظاهر فكيف يعقل لشاب سيكون مسؤولا على إعداد أسرة أن ينزل إلى هذا المستوى ويظهر ملابسه الداخلية دون خجل ولاحياء؟ لقد قمت في أحد الأيام بالقرب من محطة المسافرين بتوجيه النصيحة لأحدهم بتسوية ملابسه وتعديلها إلا أنه اكتفى بأن سألني مستنكراً: ما شأنك أنت؟، ليضيف (لو علموا حقيقة ومصدر هذا النوع من الملابس لما تجرأوا على اقتنائها، باعتبارها موضة خرجت من السجون الأمريكية على يد الشواذ جنسيا، حيث كانت الشفرة التي يتواصلون بها مع زملائهم مثليي الجنس دون أن يثيروا انتباه الحراس قبل أن يتبناها الأمريكيون السود وتنتشر بين رواد موسيقى (الهيب هوب) لتصل إلى بلدان العالم الثالث الذين يشعرون بالفخر وهم يلبسونها). فيما تأسف آخرون من الإقبال غير المعقول للشباب على كل السلع التي تأتي من الخارج أو تلك التي يروج لها عبر الفضائيات دون وعي منهم بمدى أهمية المظهر الخارجي الذي يعبر في غالبية الأوقات على شخصية صاحبه، ومنها نجد مقولة (قل لي ماذا ترتدي أقل لك من أنت) لمجموعة خبراء علم الاجتماع الذين أعطوا قيمة كبيرة للباس الخارجي لتحديد الشخصية والاتجاه، لكن هل فعلا هذه الملابس تعكس حقيقة جوهر صاحبها أم العكس؟. ولأصحاب هذه الموضة من الشباب الذين استطعنا التواصل معهم رأيهم الخاص، فهم يعتبرونها تعبر عن الحرية الشخصية ولا تعني أحدا غيرهم،ويرفضون اتهامهم بخدش الحياء العام وهو ما ذهب إليه أحد التلاميذ بالثانوية قائلا: (نحن لا نؤذي أحدا في اتباعنا للموضة حتى وإن كانت تبدو غريبة للبعض، ثم أنا رجل ولا عيب إن ظهرت أجزاء من جسدي فلكل جيل موضته الخاصة به فإن كان أباؤنا وأجدادنا مهووسين بموضة السبعينات فلمَ يلوموننا اليوم على موضة الألفية؟). لكن الأمر الذي استلزم الوقوف عنده وعدم السكوت عنه هو إقبال الشباب على لبس هذا النوع من الملابس بالمساجد حسب ما أفاد به محفوظ بقوله: (تفاجأت من مظهر شباب اليوم يتسابقون للركوع والسجود وهم يكشفون عن ملابسهم الداخلية)، وهو الأمر الذي يستلزم توعية ومراقبة أكبر حتى لا تندثر قيم الحياء من جيل المستقبل.