تساوت المتبرجات والمتحجبات في سوق الموضة، في ظل ما يعرض من ملابس عصرية، فلم تعد الموضة حكرا على بنات حواء السافرات، بل انتقلت العدوى إلى المحجبات وأصبح لهن نصيب في ارتداء الملابس العصرية، خاصة أن معظمهن يقتنين ملابس تساير الذوق الغربي، غير آبهات بمنظر ينافي القيم الإسلامية، كما يضعهم في نفس المنوال مع نظيراتهن من المتبرجات مع انتشار السراويل الضيقة “كالفيزو”، و«الجينز” لم تقاوم المرأة الرغبة في لبسها لتتوافق إطلالتها مع متطلبات الموضة بالرغم من أن إرتداءها يبرز مفاتنها ويجذب إليها أنظار الجنس الخشن، لتقع في قفص المعاكسات ولم يقتصر الأمر على تلك الملابس فقط بل أصبحت الموضة تتطلب من بعض المحجبات إظهار جزء من أجسامهن بطرق غربية أو إرتداء “التيشرت” القصير مع سراويل الجينز بأسلوب أوروبي، فعوض أن يكون زيها شرعيا فإن الموضة تحوله لرداء عصري غريب ينافي القيم الإسلامية، هذا ما دفعنا إلى التوقف عند أسباب إتباع صاحبات الأيادي الناعمة لطرق غربية في إرتداء ملابسهن، فكان لنا أول لقاء مع احدى المحجبات بعد أن لاحظنا أن ملابسها الضيقة لاتختلف عن المتبرجة، حيث كان مبررها خلال حديثها أن ما يهمها هو مواكبة الموضة الجديدة حتى وإن كانت تخالف التعاليم الإسلامية. كاسيات عاريات إظهار جزء من الطين بلة هو مشاهدة محجبات يضعن غطاء الرأس لكنهن يرتدين ملابس غربية تتناقض مع إلتزامهن، فمع ظهور بعض السراويل المعروفة بالعامية “تاي باز” أصبحت المرأة تظهر في الشوارع بمظهر غربي يخالف عادات المجتمع العربي المحافظ، هذا ما دفعنا للتحدث مع بعض الفتيات المتجولات في شارع حسيبة، فكان تبرير أغلب من تحدثنا إليهن أنهن لايستطعن البقاء تحت ضغط عادات أولياء أمورهن أو نمط لباسهن القديم، وأنهن يشعرن أن إرتدائهن لتلك الملابس يضعهن في مرتبة الرقي والتألق العصري، كما تفاجأنا عند ملاحظتنا لأحد الفتيات المتبرجات أن قصة شعرها القصيرة الشبيهة بالقصة الرجالية وخصلاتها الممزوجة بالبنفسجي والأحمر الفاقع قد جذبت الإنتباه لها من قبل بعض الشباب المتواجدين في المكان، خاصة مع بروز أجزاء من جسمها من سروال الجينز الممزق، فقررنا التحدث إليها حيث أكدت لنا أنها تقلد احدى المغنيات الأوروبيات، وأنها تحاول أن تكون شبيهتها من خلال البحث عن ملابس ترتديها تلك المغنية وإن كانت باهضة الثمن. توجهنا إلى أحد المحلات الخاصة ببيع السراويل الضيقة، وما تفاجأنا له أن أغلب زبائنه هن من المحجبات اللواتي لم تنل إعجابهن السراويل الفضفاضة المتواجدة بالمكان، بل فضلن اختيار سراويل “الفيزو” أو”الجينز”، حيث أرجعت إحداهن سبب إختيارها له إلى رغبتها في تقليد احدى ممثلات المسلسلات التركية، كما أضافت أنها تعتبر إحدى البطلات قدوة لها في إختيار ملابسها، وعن رأي ولي أمورها في خروجها من المنزل بتلك الهيئة، فتقول ذات المتحدثة بخصوص هذا الأمر أنها حرية شخصية وهم لايعيرون أهمية لمراقبة ما ترتديه من ملابس. الأولياء والموضة تختلف مسألة سيطرة الأولياء على أبنائهم بتباين أساليب التربية خاصة أن أغلب أبناء هذا الجيل لا يستطيعون تحمل فرض أولياء أمورهم لنمط خاص بهم يفرض عليهم إختيار ملابسهم، حسب رغبتهم. في المقابل فإن سيطرة الغزو الثقافي الغربي على عقول الشباب أفقدت سيطرة البعض على أبنائهم، ليبقى السؤال المطروح هل نمط التربية يلعب دورا في محافظة أبناء هذا الجيل على أسلوب اختيار ملابسهم؟، ولنجد إجابة لهذا السؤال تحدثنا مع أولياء أمور من فئات محافظة وأخرى متحضرة، وقد تباينت وجهة نظرهم، حيث أكدت لنا احدى الأمهات أنها بالرغم من حفاظها على عاداتها من خلال ارتدائها لملابس محتشمة فلم تستطع السيطرة على إبنتها، وحسب قولها فإنها تقلد كل ما تجده من موضة بالأنترنت كما تضيف أن إبنتها لاتتقبل نصائحها بل تتمرد عليها وتخيرها بين تخليها عن الموضة الغربية أوتوقفها عن الدراسة مما أفقدها السيطرة عليها، في حين أرجع بعض من تحدثنا إليهم من الأولياء اللوم إلى العادات الفرنسية التي مازالت راسخة لدى أسر متحضرة تجد في إتباعها للأساليب الغربية نوعا من العصرنة، حيث أكد لنا أحد الأولياء خلال حديثه معنا أن أبناء جيرانه يقلدون أساليب غربية في طريقة إختيار ملابسهم، كما يضيف أنه قد علم من تلك الأسرة أنهم يعتبرون تقليد أبنائهم للعادات الغربية نوع من التحضر. وجهة نظر أخرى لأسرة محافظة قررت التحدث إلينا وقد أخبرنا الأب عمار، عن نمط تربيته المحافظ لإبنته مضيفا أن هذا الأمر لعب دورا مهما في ابتعاد ابنته عن اتباع الموضة الغربية، خاصة أنها تعودت منذ الصغر على أسلوب تربية مبني على التمسك بعادات عربية وهو ما دفعها الى الإلتزام بالإحتشام عند إرتدائها لملابسها. رؤوس بشعر عجيب لم يعد اختيار الشباب للملابس يتطابق مع الموضة فحسب، بل إمتد هوسهم الى إرتداء سراويل وقمصان تتشابه مع ما ترتديه النساء أو إطالة الشعر وارتداء إكسسوارات وكذا حلق الشعر برسم لوحات غريبة عليه أو رفعه “بالجال” إلى الأعلى، وبالرغم من خروج بعض الشباب من صالونات الحلاقة بمظاهر تدعو للاستغراب إلا أنهم يتمسكون بها ويعتبرونها موضة عصرية تميزهم عن غيرهم، وقد كانت قصة أحد الشباب المشابهة لحيوان التمساح غريبة بالنسبة لنا فقررنا التحدث إليه فكان تعليقه عن قصته منصبا على رغبته في تقليد أحد أبطال المصارعة الأوروبية، وقد أضاف أن قصته الغريبة لاتشعره بالحرج بل تميزه عن أصدقائه، أما بخصوص شراء الشباب للملابس الغريبة فحدث ولا حرج مع إنتشار ملابس مستوردة غريبة عن مجتمعنا العربي بالمحلات التجارية، هذا ما دفعنا لزيارة أحد المحلات المتواجدة بالعاصمة، وقد تنوعت الأزياء الشبابية بألوانها الفاقعة وسراويلها الضيقة الممزقة أوقمصانها التي تحمل رسومات غريبة، حيث تحدثنا مع البائع المتواجد بالمحل وقد أرجع سبب بيعه لتلك الملابس الغريبة أنها عصرية وتتماشى مع الموضة، كما أضاف أن استيرادها من الخارج يجلب الربح له مع زيادة الطلب عليها من قبل الفئة الشبابية. وبالرغم من أن ارتداء تلك الملابس يدعو الى تخلي الشاب عن رجولته أو ظهوره بإطلالة غريبة، فإن تلك الفئة لا تستطيع الإستغناء عن أخر صيحات الموضة، خاصة أننا لاحظنا تواجد عدد كبير منهم داخل المحل فتقربنا من أحد الشباب المتواجدين بنفس المحل وقد فضل اختيار بعض السراويل الضيقة الممزقة وقمصان بها شتائم مخلة بالحياء بكتابات غربية، وقد أرجع سبب شراء تلك الملابس الغريبة إلى رغبته في التماشي مع الموضة. في حين أصبح إرتداء بعض الشباب لتلك الملابس لم يتوقف عند هذا الأمر بل وصل إلى حد تخلي تلك الفئة عن الحياء بإبراز ملابسهم الداخلية مقلدين رواد الهيب هوب، ولم تعد تلك المظاهر تتجلى لدى الجنس الخشن بل ظهرت عند الجنس اللطيف حيث أرجع جل من تحدثنا إليهن من الفتيات أنهن يحاولن فرض وجودهن وخروجهن عن المألوف بإطلالة أوروبية عند إرتدائهن لملابس الهيب هوب. ربط علاقة عاطفية ناجحة يعتبر متتبعو صيحات الموضة من الفئة الشبابية سواء الجنس اللطيف أو الخشن، أن وضع أقراط ذهبية على مستوى البطن أو مناطق عارية والخروج بملابس غريبة تتماشى مع الموضة نوع من التطور والخروج عن نطاق العادة، أوسيلة سريعة إعتبرها جل من تحدثنا إليهم من الشباب طريقة ناجحة لجذب أنظار الطرف الأخر، والظفر بعلاقة عاطفية خاصة أننا لاحظنا أن بعض الفتيات يرافقن شبابا يظهرون بإطلالة وقصات غريبة، حيث أكدت لنا احدى الفتيات أنهن يجدن في خروجهن مع أصدقائهن بهذا “اللوك” مواكبة للموضة، كما تضيف أن إعجابها به قد زاد بعدما وضع أقراطا ذهبية في أذنه وأنفه. في المقابل أصبح ارتداء ملابس السباحة الفاضحة ووضع الوشم ببعض الشواطئ، موضة جديدة للفتيات تجذب من خلالها انتباه الجنس الخشن لكنها لا تراعي حرمة العائلات الملتزمة المتواجدة في المكان، ولعل ما استغربنا له بشاطئ زرالدة ارتداء بنات حواء ل«مايو قطعتين” بطرق غربية تتشابه مع الملابس الداخلية النسائية، لكننا تفاجأنا بعدما تحدثنا إلى احدى الفتيات المرتديات لمايو فاضح وهي تضع وشما وأقراطا ذهبية بمناطق عارية من جسمها أنها لا تجد حرجا في إرتدائها ما دامت تتماشى مع صيحات الموضة، في حين علقت أخرى أن خروجها بتلك الطلة تجعلها شبيهة بنجمات السينما الأوروبية.. بالرغم من هوس الشباب من كلا الجنسين وإنفاقهم لأموال طائلة لشراء ملابس غريبة عن المجتمع العربي فإنهم لايستطيعون الخروج من دوامة مواكبة الموضة التي خربت عقولهم. إتباع الموضة يفرض على الشباب التخلي عن هويتهم العربية يبحث الشباب والمراهقون عن وسيلة لإثبات وجودهم عند وصولهم لسن معين للتخلص من قيود نمط خاص فرضه عليهم أولياؤهم دامت طيلة فترة تربيتهم، فلا يجدون أي مخرج سوى إتباع نمط خاص بهم يعطيهم حرية شخصية فيجد أغلبهم من إتباع الموضة أسلوبا للإعتماد على أنفسهم، وهم يبحثون عن وسائل أخرى للإقتداء بها في إختيار ملابس تواكب العصر بسبب مللهم من مسألة اختيار أوليائهم لما يناسبهم من أزياء، هذا ما أكدته لنا مختصة علم النفس الإجتماعي نبيلة صابونجي، كما تضيف أن الفئة الشبابية بوجه عام والمراهقين يبحثون عن التفرد والبروز وجلب الإنتباه من خلال الاهتمام بالمظهر الخارجي فيجدون من اتخاذهم لهذا النمط شكلا من أشكال التعبير والتواصل يعكس شخصيتهم الفردية، فيعتبرون التماشي وراء صيحات الموضة من بين أولوياتهم، كما كشفت المتحدثة ذاتها أن الأولياء يفقدون السيطرة على تصرفات أبنائهم فيصعب عليهم إقناعهم أو تقديم نصائح في مسألة اختيارهم الخاطئ للملابس، فيعتبرونها تعديا على حريتهم نظرا لعدم اكتمال النضج الفكري فيكونون أكثر عرضة للتأثيرات الخارجية الخاصة بما تعرضه وسائل الإعلام والقنوات الخاصة والأنترنت ومجلات الموضة، ويعتبرونها قدوة لهم كما يصابون بحالة من الهوس فيبذرون أموالهم في شراء كل مايجدونه من ملابس حتى وإن كان إرتداؤها يخرجهم عن عادات وأعراف مجتمعهم، كما أضافت أن تلك الفئة تختار التقليد الأعمى لأبطال الأفلام والمسلسلات الغربية فيعتبرون أن إرتداء ملابسهم أوتقليد تسريحاتهم سيجعلهم نسخة عنهم، وفي نهاية حديثها أشارت الدكتورة الى ضرورة تعود الطفل على نمط تربوي مبني على التمسك بهويته العربية وعاداته، من خلال مراقبة والديه له وإقناعه بخطورة تقليد العادات الغربية التي تبعده عن القيم والأخلاق. يعتبر تقليد المسلم للعادات الغربية بصفة عامة محرما في الدين الإسلامي، نظرا للمخاطر الناجمة عن التقليد الأعمى للغرب في تشبه الرجال بالنساء أو إظهار الفتاة لمفاتنها وكشف عورتها من خلال الموضة المبنية على الملابس الضيقة والعارية، مما يجعلها عرضة لأنظار الرجال مما يجعلها محل للشبهات وهذا ما يعرضها للتحرش أو المعاكسات، هذا ما حدثنا عنه الدكتور عبد الله بن عالية، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الخروبة، حيث أكد أن ابتعاد الشخص عن تعاليم الدين الحنيف وغياب الوازع الديني أحد أسباب إنحلال القيم والأخلاق في مجتمعنا، وعن تقليد الشباب للقصات الغربية فيقول المتحدث ذاته أن الله سبحانه وتعالى لعن التقزع وتقليد الغرب في قصاتهم الغريبة أوملابسهم، وأشار الدكتور أن أغلب الشباب يستمدون الامور السلبية من الغرب لا الإيجابية، كما يضيف أن اتباع الموضة الغربية محرم في الإسلام وفيه تبذير للأموال.