تولد لديهم الغيرة والشعور بالدونية آباء يقترفون أخطاء قاتلة في تربية أطفالهم يجهل الكثير من الآباء كيفية التعامل مع البراءة خاصة لدى الأسرة الواحدة التي تحتوي على عدد معتبر منهم، حيث يلجأ الآباء إلى تفضيل واحد على الآخر وتجدهم يشيدون بخصاله وتصرفاته ويعتبرونه المثل الأعلى في العائلة والابن البار، حتى وإن كان ذلك الطفل يتمتع بكل الصفات الحميدة، فلا يجوز أن يتم شكره باستمرار بحضور أخيه حتى لا يحتقر هذا الآخر نفسه وتتولّد لديه مشاعر الغيرة المدمّرة. وبالرغم من التطور الملحوظ الذي مس جميع ميادين الحياة ومنها ثقافة الأولياء وتعلمهم، إلا أنهم يتعمدون إلى تدليل ابن على مرأى الآخر مما يولد شعورا بالضياع عند الأخ، إلى جانب الغيرة التي تجعل من صاحبها أعمى في اتخاذ القرار حتى وإن كان أقرب الناس، لتتحول الحياة داخل المنزل الواحد إلى كابوس قد لا يتمكن من الصحوة منه إلا بعد حلول المشكلة التي تكون في أغلب الأوقات كامنة وغير ظاهرة بسبب الأولياء الذين يجهلون فنون التعامل مع الطفل وهو صغير ليكبر مريضا وعليلا، ولعل ما أصبحنا نعيشه من مآسٍ ترتكب في حق أقرب الناس داخل العائلة الواحدة لأكبر دليل على ذلك. وللتعرف على مدى انتشار هذه القضية داخل المجتمع أو محدوديتها قمنا بأخذ آراء بعض المواطنين ومنهم نجد (رندة) التي أفادتنا برأيها قائلة: (لا يزال هذا الموضوع مستمرا إلى غاية هذه الألفية رغم التطور والانفتاح الحاصل، ومنهم نجد عائلتي التي تولي أهمية كبيرة للذكر على حساب الأنثى وإعطاء الولد حق الأمر والنهي والطلب دون مراعاة لشعورنا، حيث يتدخل أخي الأصغر في أموري ويملي عليّ ما يراه مناسبا أو العكس في حضور والدي مما جعلني لا أتحمل الوضع وأدخل في فوضى كلامية تصل في بعض الأحيان إلى التشابك بالأيدي، فالبيت أصبح بركانا ثائرا في كل الأوقات بعيدا عن التزام الوالدين الذين التزموا الصمت حيال تلك التصرفات). فيما ترى (جبري خديجة) أستاذة مادة الشريعة الإسلامية، أن التفرقة بين الأبناء من الأشياء المنافية لديننا الإسلامي الذي ينادي بالعدل في التعامل ومنها كيفية التعامل مع الأولاد، كما يحث على الابتعاد عن الأساليب التربوية الخاطئة، التي يكون لها آثار وعواقب خطيرة على أبناء الرحم الواحد منها الحقد، والغيرة، والأنانية، وتولد أيضاً الكراهية بينهم، وينتج عنها أبناء غير عاديين وأكبر دليل على ذلك ما ذكر في القرآن في سورة سيدنا يوسف وغيرها من الآيات القرآنية التي جاءت بغرض المساواة ونشر الحب والتآخي، إلى جانب كون المساواة بين الأبناء أفضل الأساليب التي تحقق الصحة النفسية للأطفال وتنتج جيلا سويا لأن الطفل يبقى طفلا مهما اختلفت طموحاته وطرق تفكيره أو درجة استيعابه لأن الله خلق وفرق فجميعنا نمتلك عيوبا فالكمال لله وحده. في هذا الشأن أفادتنا (سامية) التي تبلغ من العمر 25 سنة وتدرس تخصص صحافة بكلية العلوم السياسية والإعلام برأيها في الموضوع بقولها: (ليس من الجيد أن يفرق الأبوان بين فلذات أكبادهم حتى لا تنقطع سبل التواصل فيما بينهم، وبما أنني برفقة أربع أخوات بما يعني أننا عائلة بنات، ومع حب والدنا لنا نحرص على عدم اختلاق أي مناوشات حتى لا نزعجه كما اعتدنا على مشاركة بعضنا البعض في أفراحنا وأحزاننا وأسرارنا حتى يتعلم الصغير العبرة من الكبير لدرجة نفتقد فيها غياب فرد من العائلة لسبب زيارة أو ما شابه)، أما رفيقة دربها (كريمة) فقد كان رأيها كالتالي: (بعض العائلات هداها الله لا تزال تعيش مخلفات الجاهلية بالرغم من ثقافتها الواسعة ومن تعلم أفراد الأسرة الواحدة إلا أننا نجدها تضع التفريق بين الأخت وأخيها مما يولد التنافر فيما بينهم وخلق فجوة حقيقية بين الإخوة والأخوات داخل البيت الواحد، فالولد يعتقد أنه الأفضل والبنت تشعر بعدم العدل والظلم وهذا ينعكس على تصرفاتهما سلبا). ولتجنب الوقوع في نتائج لا يحمد عقباها وحتى لا تجنى الأشواك عوض الثمار أوجب توعية الآباء والأمهات بالرغم من حقيقة أفضلية ابن وتفوقه على الآخر إلا أن العدل بين الأبناء واجب.