تنتشر لدى بعض العائلات الجزائرية أفكار لا تزال تستحوذ على تفكير الأولياء، إذ يعتبر الأبناء نعمة من الخالق، ففي الوقت الذي يسعى فيه الوالدان إلى تسخير كل قدراتهم وإمكانياتهم من أجل توفير مطالبهم وانشغالاتهم، نجد البعض الآخر من الوالدين يختارون ويميزون بين ما يختاره الله لهم من خلال تفضيلهم ابناً على آخر ماديا ومعنويا، الأمر الذي أدى إلى طرح عدة تساؤلات حول الآثار السلبية الناجمة عن هذه الأفعال وما تتركه من انعكاس سلبي لدى الأطفال. هي أسئلة كثيرة ومتنوعة طرحناها على العديد من العائلات وأطفالهم الذين يعتبرون الضحية الأولى لما يصدر من طرف أوليائهم حيالهم والتي تكون في الكثير من الأحيان سببا خلق عقد نفسية لديهم مما يؤدي بهم إلى افتعال حركات عدوانية أو انتهاج سلوكيات منافية لشخصيتهم، وفي هذا الشأن نجد الكثير من الأخصائيين في علم النفس يحذرون من تداول هذه الأفكار والتمييز بين الأبناء داخل الأسرة الواحدة، وللتعرف أكثر على خطورة هذه الظاهرة التي انتشرت وبكثرة في مجتمعنا الجزائري الذي يعرف بتفضيل الذكر على الأنثى في جميع الأشياء، إذ توفر له كل رغباته ومطالبه اللامتناهية حيث يذهب الكثير من الأولياء إلى تدليل الابن فوق الحد المطلوب مما يؤدي إلى إفساد طباعه مستقبلا وفيما يخص هذا الموضوع أكدت السيدة (فضيلة. م) وهي طبيبة نفسانية بإحدى العيادات، على ضرورة العدل بين الأطفال في جميع مناحي الحياة والمساواة في الإصغاء والاستماع لأن الإحساس بالتمييز قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض نفسية عديدة ينتج عنها فشل الطفل عن تحقيق أهدافه المستقبلية وإشباع حاجاته الجسمية والنفسية والاجتماعية بشكل سوي، وضعف معنوياته وشعوره بالفشل والإحباط ووقوعه تحت وطأة التوتر والصراع النفسي في الكثير من الحالات عند الأطفال الذين تم التمييز بينهم منذ الصغر، فإن مشاعر الضيق والحقد قد ترافقهم عند بلوغهم وقد تنعكس على معلوماتهم مع أطفالهم في المستقبل، وفي نفس النقطة قد يعاني الطفل المحبوب من نظرة إخوانه العدائية والكره الممارس ضده على مستوى السلوك اليومي. لذا يبقى التمييز سواء بشكل متعمد أو غير متعمد يسبب الكثير من الآثار السلبية على الصغار تمتد معهم حتى الكبر مما يعني صنع جيل مريض يعاني من فقدان الحنان والرعاية التي يحظى بها غيره من الأطفال من نفس جيله، حيث وصل الأمر ببعض الإخوة إلى تمني حدوث السوء لذلك الأخ المقرب حتى يحتل مكانه لدى والديه، حيث يروي لنا أحد الشباب حكايته مع التمييز العنصري الذي يفرضه الآباء على الأبناء من خلال قوله: (أنجب والداي في الفترة الأولى 5 بنات ثم جاء دورنا نحن الذكور، لكن الأمر المؤسف الذي عانينا منه طوال حياتنا أن أخي الأكبر الذي تم إنجابه بعد البنات لم تهتز مكانته فهو المفضل علينا جميعا ويحظى بحب زائد عند والديّ اللذين لم يستطيعا أن يخفيا الأمر بالرغم من محاولاتهما المتكررة التي باءت بالفشل في كل مرة يقدمان على ذلك). وفي هذا السياق قالت السيدة (صورية): (أنتمي إلى عائلة تفضل الذكر على الأنثى، وبما أنني رزقت بسبعة بنات إلى غاية أن رزقني الله بطفل، حيث قمت أنا شخصيا بتسخير جميع الإمكانيات لضمان راحته، كما أنه يتمتع بمكانة خاصة لدي باعتباره الابن الوحيد إلا أن هذا لا يعني أنني لا أحب بناتي)، أما السيدة (كريمة) فرأيها كان في الاتجاه المعاكس تقول: (أرى في الوقت الحالي أن الفتاة أفضل بكثير من الذكر لأنها أكثر نفعا وحنانا على والديها من أخيها وعلى العموم فإن قضية التمييز بين الأبناء ليست بالجيدة مهما كان نوعية الجنس ولا تتماشى مع ديننا الحنيف).