احتفالات يوم العلم تعيد الحياة لحي القصبة التلاميذ يطالبون برفع الغبن عن اعرق حي بالجزائر احتضن المسرح الوطني المتواجد بالقصبة السفلى، حفلا بهيجا من تنظيم بلدية القصبة، لفائدة التلاميذ بمناسبة احتفالات يوم العلم، وقد ضاقت مدرجات المسرح بالتلاميذ وعائلاتهم، الذين توافدوا بشكل مكثف، من اجل مشاركة تلاميذ المؤسسة التربوية( مالك بن نبي) حفلتهم، التي ابهروا فيها الجمهور، وحتى أعضاء المجلس الشعبي البلدية للقصبة، وعلى رأسهم، رئيس البلدية، المنتخب حديثا على رأس المجلس، والذي أكد في تصريح خص به (أخبار اليوم)، بان استمتع بإبداعات التلاميذ، وبان أولوية البلدية ستكون بمتابعة هذه الإبداعات، وتوفير ظروف تمدرس جيدة، عبر المؤسسات التربوية بمنطقة القصبة. ولقد تخلل الحفل الذي ابهر فيه التلاميذ الحضور بالنشاطات المختلفة من أداء لاوبيرات ومسرحيات ورقصات شعبية، توزيع جوائز قيمة على المتفوقين من مدرسة مالك بن نبي بالقصبة السفلى.. 600 تلميذ يلجون التاريخ من أزقة القصبة بادر اتحاد أولياء التلاميذ لشرق العاصمة خلال الأسبوع الماضي وفي نفس الإطار، أي احتفالات يوم العلم وبالتزامن أيضا مع شهر التراث، بتنظيم زيارة إلى المعلم التاريخي والمتحف المفتوح على الطبيعة، وهو حي القصبة الذي صنف ضمن التراث العالمي، وبغية ترسيخ القيم التاريخية لدى التلاميذ واطلاعهم بصفة مباشرة على الأماكن التي احتضنت بطولات الشهداء الأبرار الذين صنعوا مجد هذا الوطن، كانت هذه القافلة التي شارك فيها أزيد من 620 تلميذ، منتمين إلى مؤسسات تعليمية مختلفة منتمية إلى 17 بلدية.. وفي لمحة بصر اختفت ملامح الخوف والهلع التي كانت تسكن الأطفال، جراء تضاعف حالات الاختطاف والاعتداء في الآونة الأخيرة بشكل خطير، فلقد كانت هذه الزيارة مفتاح إرجاع البسمة والحيوية للأطفال، بحيث فارقت حكايات الاختطاف مواضيع أحاديثهم، وحلت محلها، تساؤلات عن هذا المكان الذي لم يروهم قبل الآن إلا في كتب التاريخ المدرسية.. أجواء مميزة صنعها التلاميذ الأتون من عدة بلديات بالعاصمة، بعد أن ارتفعت أصوات البراءة بين جدران وأزقة حي القصبة، مؤدية الأناشيد الوطنية الحماسية بين أزقة مطبوعة بدماء الشهداء، فلقد شارك كل من سدنس وريان، ابراهيم وهارون، ياسر وشيماء، في رحلة سياحية ممتعة بحي القصبة العتيق، حيث حضروا رمزيا بأسمائهم في قافلة نظمتها جمعية اتحاد أولياء التلاميذ لشرق العاصمة، تحت شعار( لا للعنف المدرسي- لا للاختطاف).. كيفية التحكم في أزيد من 600 تلميذ في حي ضيق كثير السلالم والأزقة كالقصبة التي أنهكت المستعمر من قبل، كان التساؤل الذي راودنا حين رافقنا قافلة التلاميذ في رحلتهم عبر متاحف حي القصبة.. إلا أننا وجدنا أن المؤطرين المقدرين ب100 شخص، بالإضافة إلى الحضور الدائم لمصالح الأمن، وعلى رأسهم محافظ الشرطة للقصبة، كان كفيلا بمراقبة التلاميذ وتنظيمهم، بحيث عمد المسؤولون الذي كانوا مرفقين بعناصر فاعلة من أفواج الكشافة الإسلامية الناشطة بالقصبة، إلى تقسيم التلاميذ إلى 8 أفواج بحيث يشرف عليهم شباب الكشافة والمؤطرون الذين هم أستاذة، بالإضافة إلى عنصر من الحماية المدنية وكذا ممثلين عن الجمعية، كما شارك إطارات من وزارة الثقافة في هذه القافلة، وقد أكد بعضهم ل(أخبار اليوم)، عن سعادتهم بالمشاركة في هذه الزيارة، كما ابدوا شكرهم لاتحاد أولياء التلاميذ لشرق العاصمة، لهذه المبادرة الأولى من نوعها في الجزائر.. وكانت البداية صعبة على التلاميذ وحتى المؤطرين المرافقين لهم، فلم يتوقعوا أن هناك حيا في الجزائر يتكون من هذا الكم الهائل من السلالم، فلا يمكنك أن تمر لأي زقاق دون أن تنزل أو تصعد السلالم، فطبيعية عمران القصبة أمر مذهل، وهذا ما جعل السياح الأجانب، لا يتوقفون عن التوافد عليها، حتى وهي تتحول إلى مجرد ركام ونفايات.. وكانت أول محطة للقافلة، البيت الذي توفي فيها علي لابوانت ورفاقه، أين لم يتوقع الأطفال يوما أن تلج أقدامهم بيت الشهداء، والذي لطالما قرؤوا عليه في كتب التاريخ المدرسية، بحيث تحول علي لابوانت إلى أسطورة ورمز للبطولة بين الجزائريين إلى غاية الآن.. وبعد أن استمع التلاميذ المنتمون إلى كل من الطور الابتدائي والمتوسط إلى شروحات رئيس المتحف، وابدوا تعجبهم من بطولة هؤلاء الشهداء، انتقلنا إلى زقاق سيدي محمد الشريف، أين يصم المسجد المسمى بنفس الاسم وهو بطل من أبطال الجهاد في الجزائر، حيث استطاع بخطبة واحدة أن يلهب حماس الجزائريين ويجعلهم يعلنون العصيان عن الاستعمار.. كما تنقلت القافلة المكونة من 8 أفواج كل فوج يحوي أزيد من 70 تلميذ، يحمل كل فوج منهم لافتة مكتوب عليها اسم طفل من ضحايا الاختطاف، فلم تغب لا سندس ولا شيماء، ولا حتى ريان وابراهيم وهارون، عن الاحتفاء ببطولات الثوار. نشيد من جبالنا يعيد الحياة للقصبة ولان القصبة كلها تاريخ وكل ركن فيها يحكي لك قصة بطولة، فان القافلة توقفت في العديد من الأماكن، التي عرفت معارك وتبادل إطلاق نار بين المجاهدين والجنود الفرنسيين، فرغم كل الركام وبقايا البيوت المتهدمة التي لا تخلو أبدا من أي زقاق بالقصبة، إلا أن الأطفال عبروا عن فرحتهم العامرة بهذه الرحلة، بل أن بعض المؤطرين أكدوا ل(أخبار اليوم)، بأنها المرة الأولى التي يزورون فيها القصبة، وهناك البعض منهم من زارها في صباه ولم يعد لها إلا الآن بعد أن تغيرت معالمها بشكل كبير، بسبب انهيار البيوت بشكل دائم والنفايات المتراكمة، وكذا لجوء بعض السكان إلى تغيير ملامح البيوت من خلال إعادة بنائها بنمط عشوائي وفوضوي.. واشد ما لفت انتباه التلاميذ وكذا المؤطرين، هو قصر خدواج العمية وكذا قصر الرياس(حصن 24)، فالأول قصة الأميرة التي عميت بفعل نظرها في المرآة، والثاني بالنظر إلى هيئته الرائعة وواجهته البحرية، بحيث اختير كمحطة نهائية للقافلة.. ولقد استنكر البعض بيع بعض دليل لقصر خداوج ب100 دينار للتلاميذ، فكان الأولى حسبهم منحهم إياه مجانا، فلم يشتري الدليل إلا القليل من التلاميذ.. فهؤلاء التلاميذ والذين رغم فرحهم واستمتاعهم بهذه الرحلة عبر التاريخ، خابت آمالهم بعض الشيء في الحالة التي آلت إليها القصبة رمز العزة والتاريخ، فعوض أن يلقوها في أحلى حلة، وجدوها متعانقة مع الركام والحجارة المتناثرة، والنفايات لها ركن تابت في أزقتها، كما أن رائحة الفقر ينبعث بشكل كبير بين الأزقة، ولا يمكن لأي شخص أن يتجاهلها، فالمصانع الصغيرة تملا الأزقة، تختص في صناعة كل شي الجلود والأحذية، وكذا النحاس بالإضافة إلى الخياطين.. كما أن الفقر يظهر بشكل كبير مع أكياس الخبز اليابس التي وجدناها على عتبات البيوت، فعلق الكثير من التلاميذ على قصة مسلسل الحريق المشهور، وبطلته( لالا عيني) وحكاية جهادها المتواصل ضد الفقر والحاجة.. لذا فان التلاميذ يوجهون بهذه المناسبة التي سمحت لهم بزيارة هذا المعلم التاريخي، والاطلاع مباشرة على مواقع المحطات التاريخية البارزة، نداء عاجل إلى السلطات العليا وعلى رأسها وزارة الثقافة، والذي حضر ممثلوها هذه الزيارة، وعاينوا عن قرب مدى التدهور الحاصل في القصبة، بحيث يطالبونهم بإعادة الاعتبار الفوري لهذا المعلم التاريخي العالمي، وفي نفس الوقت إنقاذ العائلات التي تعيش كابوسا يوميا بسبب احتمال انهيار مساكنها التي تتساقط أجزاؤها بشكل يومي.. وفي نفس الإطار يطالبون بتعميم مبادرة القافلة، إلى معظم التلاميذ العاصمة وكذا ولايات الأخرى، من خلال السماح لهم بالاطلاع على المواقع الهامة التي احتضنت مواقف حاسمة في التاريخ الجزائري..