لا يزالون يحلمون بالعودة يوماً ما اللاجئون الفلسطينيون.. 6 عقود ونصف من الانتظار المؤلم عندما خرجوا من القرى والمدن الفلسطينية عام 1948 كانوا يعتقدون بأن المسألة لن تتجاوز (بضعة أيام)، ظانين بأن الجيوش العربية ستقوم بطرد العصابات الصهيونية إلى خارج فلسطين، إلا أن (هذه الأيام) تحوّلت إلى (عقود) متواصلة من العذاب والانتظار الطويل. وبعد خمسة وستين عاماً من تهجيرهم، تحاول العديد من الأطراف تصفية قضيتهم لإدراكهم بأنها (الركن الأساسي) في القضية الفلسطينية، حيث إن أحد المعلقين على القضية الفلسطينية قال: (لولا قضية اللاجئين، لما كانت قضية فلسطين حية بهذا القدر). محللان سياسيان يؤكدان على أنه لا يوجد حل عادل حتى هذه اللحظة لقضية اللاجئين، وأن الأمر المشرق الوحيد في كافة معطيات هذه الأزمة الصعبة أن اللاجئين لا يزالون متمسكين بحقهم في العودة برغم كل شيء. فيما يؤكد أحدهما بأن حل هذه القضية لن يتم إلا من خلال تحقيق أمرين: الأول هو تشكيل قيادة فلسطينية تتولى قيادة الشعب الفلسطيني وكافة فئاته وأفراده، أما الآخر فهو القيام بثورة فلسطينية شاملة طويلة الأمد، يتم التخطيط والإعداد لها بشكل ممتاز كي تؤتي ثمارها. "لب قضية فلسطين" (إن قضية اللاجئين هي (لب) القضية الفلسطينية، مما يعني أن حدوث أي تنازلات عن حق العودة، أو (التواطؤ) والوصول إلى تسويات لا تتضمن إنهاء معاناتهم لن ينهي الصراع الفلسطيني _ الإسرائيلي، بل على العكس تماماً: ستزيدها تأججاً واشتعالاً..)، بهذه الكلمات بدأ المختص في الشؤون الفلسطينية، طلال عوكل حديثه ل(فلسطين). ويتابع بالقول: (إن العديد من الأطراف العربية والدولية بل وحتى داخل القيادة الفلسطينية ذاتها تحاول تصفية هذه القضية من خلال طرح (أشباه حلول)، على غرار السماح للاجئين بالعودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة فقط، أو تقديم تعويضات لهم. لكن ما لا تدركه كل هذه الأطراف بأن اللاجئين على الرغم من مرور 65 عاماً لا يزالون متمسكين بحق العودة، حتى لو مر عشرة أضعاف هذه المدة، وحصلوا خلالها على عشر جنسيات مختلفة فلن يقبلوا بغير فلسطين وطناً). إن الكوارث التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون بشكل عام في الدول العربية _ كما يقول عوكل- تعكس حالة الأمة العربية من التفكك والضعف والذل والصراع المستعر بالمنطقة. ويضيف: (لقد دفع اللاجئون الفلسطينيون بالأردن الثمن عام 1970 خلال المواجهات التي جرت بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، كما دفع نظراؤهم الثمن خلال الحرب الأهلية اللبنانية واجتياح لبنان من قبل (إسرائيل)، ثم دفع الفلسطينيون بالكويت ثمناً باهظاً خلال اجتياح الجيش العراقي لها، وكذلك بالأراضي العراقية مع احتلالها عبر الغزو الأمريكي عام 2003، وأخيراً في سوريا التي قتل فيها حتى الآن 1500 لاجئ فلسطيني، فيما تشرد الباقون في مختلف بقاع الأرض طلباً للأمن والأمان). ويتمم عوكل قائلاً: (إن ما يتم القيام به من تنكيل ضد اللاجئين الفلسطينيين ليس اعتباطياً، بل هو أمر مخطط له بهدف إبقائهم بشكل مستمر تحت حالة ضغط هائل وفي ظروف عصيبة كي يقبلوا بأي حل يقدم لهم: التوطين بالدول العربية على سبيل المثال، أو ترحيلهم إلى دول بعيدة عن دول الطوق العربية كما حدث مع فلسطينيي العراق الذين تم إرسال قسم منهم إلى البرازيل. هؤلاء تتحمل القيادة الفلسطينية بشكل مباشر مسئوليتهم لأنها لم تقم بما يجب لحمياتهم كي يستمروا في صمودهم). شرطان لنيل "حق العودة" يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة: (لا يوجد حل قريب لمشكلة اللاجئين، وأن من يعتقد بأن إمكانية نيل حق العودة للاجئين من القرى والمدن التي هجروا منها ممكنة من خلال المفاوضات وعملية التسوية القائمة حالياً فهو واهم). وتابع بالقول: (لا يوجد تسويات عادلة تلوح في الأفق لحل هذه المعضلة المزمنة _ أي قضية اللاجئين الفلسطينيين- كما أن الشرعية الدولية وحدها لا تكفي كي ننال حقوقنا. ينبغي أن نقولها بشكل واضح وعلني لجميع الأطراف: لا بد من حركة مقاومة وطنية شاملة تقوم بكافة أشكال النضال من أجل دحر الاحتلال عن كافة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة). وينوه الزعاترة إلى غياب وجود قيادة فلسطينية واعية وقوية تقود الشعب الفلسطيني بكامله عبر معركة شاملة طويلة الأمد إلى الانتصار على الاحتلال، وتحقيق حلم العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين الموزعين على قارات العالم الست. ويبين أن السلطة الفلسطينية قد عجزت عن إيجاد حل لهذه القضية مع الجانب الإسرائيلي الذي تتفق جميع أطرافه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على رفض عودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة عام 1948. ويواصل الزعاترة: (من خلال ما تسرب من الوثائق السرية للمفاوضات مع السلطة الفلسطينية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت وافق على عودة 10 آلاف لاجئ فقط إلى الأراضي المحتلة عام 48، من أصل 10 ملايين لاجئ! أما رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، ووزيرة العدل الحالية، تسيبي ليفني قالت بأن ما قاله أولمرت هو رأيه الشخصي وأن عدد من سيعود من اللاجئين هو (صفر)! مما يعني حرفياً أن حل هذه القضية لن يأتِ أبداً بالتسوية). ويكمل الكاتب والمحلل السياسي بالقول: (إن الحديث عن عودة اللاجئين في ظل الظروف الراهنة مستحيل عملياً، ما لم يحدث متغيران رئيسان: وجود قيادة فلسطينية قوية قادرة على النهوض بالشعب الفلسطيني، أما الشرط الثاني فهو الإعداد لثورة شاملة بشكل منظم تماماً، تكون على مستوى كافة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، لتستمر على المدى البعيد. بغير حدوث هذين المتغيرين فإنني أستطيع الجزم بأن حق العودة لن يتحقق أبداً للاجئين الفلسطينيين..). === بالتزامن مع نكبة فلسطين سفارة صهيونية سرّية جديدة في دولة خليجية كشف مصدر مسؤول في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أنه مع الذكرى الخامسة والستين لنكبة فلسطين الوطنية والقومية الكبرى 15 ماي، والسادسة والأربعين لهزيمة جوان 1967 يكشف الإعلام الإسرائيلي أن (ممثلية دبلوماسية إسرائيلية جديدة في إحدى دول الخليج العربي فتحتها إسرائيل قبل سنة ونصف السنة بشكل سرّي وغير علني) (جريدة هآرتس 12/5/2013)، و(يتضح هذا في خطة وزارة المالية الإسرائيلية للعام 2013 2014، وفي الصفحة 213 من الوثيقة المالية الصادرة عن وزارة المالية)، وأشارت (هآرتس) أن وزارة الخارجية أعلنت (نحن لا يمكننا التطرق إلى الموضوع). وكشفت (هآرتس) أن (علاقات سرية جارية مع أكثر من دولة خليجية)، إضافة إلى العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع حكومات مصر والأردن، بينما تطالب الشعوب العربية بقطع كل أشكال العلاقات مع إسرائيل دولة الاحتلال. ما كشفه الإعلام الإسرائيلي يشير إلى تنازلات وتراجعات دول عربية عن قرارات الشرعية الدولية، وعن قرارات القمم العربية بشأن الحقوق العربية والفلسطينية. وفي سياق التنازلات والتراجعات جاء إعلان وفد جامعة الدول العربية إلى واشنطن عن (حل الدولتين بين إسرائيل وفلسطين مع تبادل الأراضي)، بدلاً من التمسك الحازم بقرار (الاعتراف الأممي بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية (العربية) المحتلة)، وفضلاً عن اعتراف القرار الأممي بالقرار 194 بحق عودة اللاجئين، واستمرار منظمة التحرير الفلسطينية عضواً في الأممالمتحدة باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. إن التنازلات والتراجعات تحت عنوان (تبادل الأراضي)، و(العلاقات السرية) تمت من وراء ظهر الشعب الفلسطيني ومؤسسات منظمة التحرير، وفي إطار (تفاهمات كيري) مع أنظمة عربية تمهيداً لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، دون الوقف الكامل للاستيطان في القدس والضفة الفلسطينية، ودون ذهاب السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير إلى عضوية مؤسسات الأممالمتحدة، وفي المقدمة: المحكمة الجنائية الدولية، محكمة العدل الدولية، اتفاقات جنيف، مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، والمؤسسات الأخرى، حتى لا تكون سياسة الاحتلال الإسرائيلي تحت سيف إجراءات وعقوبات المؤسسات الدولية. بعد قرار الاعتراف الأممي بدولة فلسطين على حدود 4 جوان 1967 وعاصمتها القدسالمحتلة، حان الوقت لوقف التنازلات والتراجعات، والالتزام العربي والفلسطيني بحدود 4 جوان 1967، وتصحيح السياسات العربية عملاً والتزاماً بقرارات ومرجعية الشرعية الدولية، حان الوقت لإنهاء الانقسام العبثي المدمر الفلسطيني والعربي، وموقف جاد موحد لتدويل الحقوق الوطنية والقومية، ودخول دولة فلسطين كل مؤسسات الأممالمتحدة. حان الوقت لتصحيح وتصويب السياسات العربية والفلسطينية بعد 65 سنة نكبة وتشريد، 46 سنة احتلال القدس والضفة وقطاع غزة، الجولان، مزارع شبعا في لبنان. حان الوقت للالتزام بإرادة شعوب الانتفاضات والثورات والحراكات الشعبية، وعندما لا يقع الالتزام والتصحيح والإصلاح تقع الثورات.