أساتذة "شبه الطبّي" يوقفون الإضراب.. ولكن... زيّاري يثير فتنة بين نقابات عمال الصحّة أثار وزير الصحّة والسكان وإصلاح المستشفيات ما يمكن وصفه بالفتنة بين نقابات عمال قطاع الصحّة من خلال تلبيته لمطالب البعض وغلقه لأبواب الحوار مع البعض الآخر بدعوى عدم اعتمادها رسميا. وجاء قرار أساتذة التعليم شبه الطبّي التابعين لتنسيقية مهنيي الصحّة ليكون بمثابة (بشرى خير) لكثير من المرضى، لكن معاناتهم تبدو مرشّحة للاستمرار في ظلّ إصرار نقابات أخرى على مواصلة خيار الإضراب. أساتذة التعليم شبه الطبّي التابعين لتنسيقية مهنيي الصحّة أعلنوا أمس انسحابهم من حركة الإضراب المرحلي للأطبّاء الممارسين والأطبّاء الممارسين المختصّين والأطبّاء النفسانيين للصحّة العمومية التي شرع فيها يوم الاثنين لمدّة ثلاثة أيّام، ومع ذلك لا تبشّر أمور قطاع زيّاري بالخير في ظلّ تعدّد النقابات وتمسّك أغلبها بخيارات التصعيد، وهو التصعيد الذي أضرّ كثيرا بمصلحة المرضى الذين يبقون رهائن بين الوزارة والنقابات. النّاطق الرّسمي باسم النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبّي الهاشمي مشري ذكر في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن ممثّلي نقابته اجتمعوا الأسبوع الماضي مع مسؤولي وزارة الصحّة لمناقشة المطالب المطروحة من قِبل أساتذة التعليم شبه الطبّي. وقرّرت الوزارة عقب هذا الاجتماع التكفّل بالمطالب الرئيسية لهذا السلك الطبي. وأكّد السيّد مشري أن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبّي دعيت لاجتماع ثان مع وزارة الصحّة انطلاقا من الأسبوع المقبل سيتمّ خلاله تجسيد اِلتزامات الوزارة الوصية. وتتمثّل المطالب الرئيسية للنقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبّي في تعديل قانونهم الأساسي الخاص وتخصيص منحة العدوى والتوثيق والدعم البيداغوجي، وكذا ترسيم المتعاقدين. وأشار السيّد مشري إلى أنه سيتمّ تدارك التأخّر المسجّل في الدروس المقدّمة لتلاميذ شبه الطبّي وسيتمّ الإبقاء على تواريخ امتحانات نهاية السنة. ولئن كانت استجابة وزارة لمطالب بعض عمال القطاع أمرا إيجابيا فإنها تثير في رأي المتتبّعين فتنة حقيقية حين تكون استجابة جزئية، بينما يتمّ غض النّظر عن مطالب عدد غير قليل من نقابات عمال القطاع. وتواصل نقابات قطاع الصحّة التصعيد وتصرّ على شنّ الإضراب تلو الآخر، على نحو يشكّل خطرا كبيرا على حياة المرضى الذين يعتبرون الخاسر الأكبر في ظلّ الوضع المتأزّم الذي تشهده المستشفيات، لتكون العيادات الخاصّة وجهة (الميسورين) و(القبر) وجهة الفقراء و(المساكين)، خصوصا بعد أن تحوّلت مستشفياتنا نتيجة وضعها البائس الذي زادته الإضرابات بؤسا إلى (مقابر جماعية). وتشهد العيادات الخاصّة في الأيّام الأخيرة إقبالا غير مسبوق من طرف عدد كبير من المرضى الذين لم يجدوا عنها بديلا في ظلّ حالة الشلل المتواصلة التي تعيشها المستشفيات التي باتت (مكانا لدفن الفقراء) الذين لا يملكون القدرة المالية التي تسمح لهم بالتداوي لدى الخواص. ويحمّل متتبّعون مسؤولية هذا الانسداد القاتل لكلّ من وزارة الصحّة التي لم تحسن التعامل مع الوضع وبعض النقابات التي تقدّم مصالح المنتسبين إليها على مصلحة المريض. وانتقدت جمعيات ذوي الأمراض المزمنة الوضع المتعفّن التي تعرفه مختلف المستشفيات والمراكز الصحّية العمومية نتيجة إضراب مهنيي الصحّة الذي تجدّد آليا للأسبوع الثالث على التوالي، والذي دفع فاتورته المرضى وحدهم، وهو الأمر الذي دفع بممثّلي الجمعيات إلى توجيه صرخة للمضربين لإعادة النّظر في قرارهم غير العقلاني تحمل عبارات (طالبوا بحقوقكم ولا تجعلوا المريض رهينة خلافاتكم مع الوصاية)، إنها صرخة تحذير جديدة وسط مخاوف من حصول (مجزرة حقيقية) وسط المرضى. وطلبت جمعية مرضى القلب لولاية الجزائر على لسان ممثّلها سعيدي ياسين خلال الندوة الصحفية التي نشّطها الأسبوع الماضي رفقة رئيس جمعية مرضى السكري بالعاصمة من مهنيي الصحّة إيقاف الإضراب لما له من تبعات خطيرة على صحّة ذوي الأمراض المزمنة دون استثناء، مؤكّدا أن إضراب الأطبّاء أوقف إجراء عمليات القلب المفتوح بمستشفى بواسماعيل بولاية تيبازة ل 1200 مريض يتمّ برمجتهم شهريا، والذين هم في حاجة ماسّة إليها، وهو ما قد يودي بحياتهم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مهنيي الصحّة يحاولون الضغط على الوزارة بإمساكها من اليد التي تؤلمها وهي حياة المرضى حتى يتمّ وضعها في صورة محرجة لدى الرّأي العام في حال عدم تحرّكها لتلبية مطالبهم، وهو تصرّف غير منطقي ولم نسمع في أيّ دولة من دول العالم بإضراب الأطبّاء لأن ضميرهم هو الذي يحكّم مهنتهم وليس الأمور المادية.