القارئ رياض الجزائري ل"أخبار اليوم": "قارئ القرآن مهمش في بلادنا" "الرجوع للكتاب والسنة سبيل التصدي لكل الفتن" "والدتي دعت لي أن أكون كالشيخ عبد الباسط" الإعلام الجزائري، غالبا، لا يهمه إلا الغناء والرقص والفضائح هذه أخطاء بعض المؤذنين أشكر مدير قناة النهار على اهتمامه بتلاوتي قال آيت حمو رياض المعروف بالقارئ رياض الجزائري إن الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم هو سبيل التصدي لكل الفتن المتلاطمة، مبديا أسفه لعدم تثمين الإعلام الجزائري للقراء وتلاوتهم، مشيرا إلى أن هذا الإعلام إلا ما رحم ربي لا يهمه إلا الغناء والرقص والفضائح، ومؤكدا أن قراء القرآن مهمشون في الجزائر وأن فرق الإنشاد الديني (محقورة).. ووجّه رياض الجزائري في هذا الحوار الخاص رسالة شكر لمدير قناة النهار الفضائية الذي فتح له الأبواب واحتفى بتلاواته، علما أن القناة المذكورة أعلنت أنها ستقوم ببث تلاوات عطرة للشيخ رياض طيلة شهر رمضان الكريم. أجرى الحوار: الشيخ بن خليفة * بداية، كيف تقدم نفسك للقراء؟ - أخوكم في الله آيت حمو رياض المعروف بالقارئ رياض الجزائري من مواليد 02 - 11 - 1972 بالجزائر العاصمة، موظف بمديرية الأشغال العمومية لولاية الجزائر. * يعرفك الجزائريون بتلاوتك المميزة على موقع اليوتوب الإلكتروني وبعض القنوات. هل أنت راض عن انتشارك (إعلاميا)؟ - الحمد لله على نعمه.. المقربون إلي يعرفونني جيدا.. ويعرفون أني لا أبحث عن الشهرة، لكن عموما فيما يخص الإعلام فهو ناقص من حيث التعريف بالقراء الجزائريين، إلا بعض الجرائد.. وفيما يخص العبد الفقير إلى ربه، فإني أشكر مدير قناة النهار التلفزيونية الذي اتصل بي فور وصولي من الهند وطلب مني إعطاءه التسجيلات الخاصة برحلتي إلى الهند وقد بثت على الفور، وهي تبث إلى الآن ولله الحمد والمنة، كما أن هناك الفايسبوك الذي هو الآن مرجع لكل من يريد أن يفيد العالم بما أنعم الله عليه من معلومات بأنواعها.. * بمن تأثرت من القارئين العرب والمسلمين؟ - تأثرت في صغري بالشيوخ عبد الباسط ومحمد صديق المنشاوي ومصطفى إسماعيل وأبو العينين شعيشع ومحمد رفعت والحصري وطه الفشني وسيد النقشبندي وكامل يوسف البهتيمي وغيرهم من الرعيل الأول، منهم من قضى نحبه ومنهم لا يزال حيا.. * لماذا لم يحقق المقرئون الجزائريون الانتشار الذي حققه مقرئو بلدان أخرى رغم جودة تلاوتهم بشهادة كبار المقرئين؟ -لم يحقق القراء الجزائريون الانتشار الذي حققه الآخرون لنقص الدعم المادي والمعنوي لأننا في الجزائر كما يقولون (مغنية الحي لا تطرب)، والأمثلة كثيرة على ذلك.. نذكر على سبيل المثال أحيانا يأتون بقراء أجانب يعطوهم آلاف الدولارات وصاحب البلد يعطوه دنانير، هل هذا عدل.. لأن الآخر أجنبي.. وأحيانا يكون من نفس المستوى وأحيانا والله يكون أقل مستوى من القراء الجزائريين المعروفين عالميا، حتى فيما يخص فرق الإنشاد الديني (محقورة).. وقد قال بن الجزري: (أفضل ما يتلى وما يقال وخير ما ينفق فيه مال قراءة القرآن عند الناس).. كذا روى أئمة القياس، وقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن خير ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله). * ألا ترى أن الإعلام الجزائري، مكتوبا ومرئيا ومسموعا، يظلم قارئ القرآن كثيرا، من خلال تفضيله إبراز مشاهير الغناء والكرة و(طمسه) لذكر الذاكرين من حفظة كتاب رب العالمين؟ - الإعلام الجزائري، إلا من رحم ربي، لا يهمه إلا الغناء والرقص واتباع عورات الناس وفضحهم والأشياء التي ليس لها نفع لا في الدنيا ولا في الآخرة.. وسيلقون ربهم ويُسألون عن كل صغيرة وكبيرة، فحسبنا الله ونعم الوكيل.. قال تعالى: (وقفوهم إنهم مسؤولون) سورة الصافات. * رغم (الظلم الإعلامي)، فقد سطع نجمك في السنوات الأخيرة، رفقة أخيك (ياسين الجزائري) في سماء القارئين. إلى من ترد الفضل في ذلك بعد الله سبحانه طبعا؟ -هذا من فضل ربي علي، وبعدها تشجيع شيخي لي الشيخ منير زايدي والمقربون مني ودعاء والدتي لي رحمها الله قائلة: (اذهب يا ولدي جعلك الله كالشيخ عبد الباسط أينما تذهب). * ما رأيك في المسابقات القرآنية التلفزيونية.. وبماذا تنصح الناجحين فيها؟ -المسابقات القرآنية التلفزيونية التي تقام في الجزائر لا بأس بها، لكن للأسف المستوى ضعيف مقارنة مع جارتنا المغرب، ولا أتكلم عن المسابقات الدولية الأخرى.. فيما يخص في الحفظ فالمستوى جيد، أما الأداء والتجويد فهو ضعيف في الآونة الأخيرة. * قالت بعض المصادر إن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وجهت تعليمات صارمة إلى أئمة المساجد، تدعوهم إلى الالتزام بختم القرآن الكريم في صلاة التراويح قبل انقضاء شهر رمضان المبارك، وتشدد على ضرورة التلاوة وفق رواية ورش. كمتخصص، كيف تنظر إلى هذه التعليمات، وهل ترى أن الحرص على (تلاوة ورش) مبرر؟ - فيما يخص بتعليمات وزارة الشؤون الدينية فالله أعلم والملاحظ أن فيه الكثير من الأئمة الذين يصلون بالناس التراويح صحيح حفاظ لكن لا يحسنون قراءة ورش إطلاقا.. وفيما يخص إصدار وزارة الشؤون الدينية تعليمات بختم القرآن فلم أسمع به، أما رأيي كقارئ للقرآن أو كمستمع مأموم فمن الأفضل أن يختم الإمام القرآن كله لأن هناك من الناس من لا يقرأ القرآن العام كله أو يقرأ ماتيسر منه فهذه فرصة ليسمع القرآن كله، وما الضرر في أن يصبر في الصلاة فهناك من يسهر الليل كله ولا يتعب، فما بالك إن صبر في الصلاة ليأخذ الأجر.. * يحاول بعض القارئين الجمع بين التلاوة القرآنية والإنشاد. هل ترى أن التوفيق بين الأمرين سهل، ثم الا تفكر في التوجه نحو الإنشاد؟ - شيء جميل أن يوفق القارئ بين القراءة الصحيحة والإنشاد الديني لأن هذا يزيد من خبرة القارئ أو المنشد، أما فيما يخصني فالحمد لله تدربت على يد كبار القراء المصريين الذين يجمعون بين القراءة والإنشاد الديني من خلال الاستماع والحمد لله، مع أني لم أدرس المقامات.. * تحول الأذان في السنوات الأخيرة إلى ما يشبه (الفن)، حيث (يتفنن) المؤذنون في (التغني به)، ويتنافسون على تغيير أساليبه. ما تقييمك لواقع الأذان في الجزائر؟ وهل أنت مع (تزويقه وتنميقه)؟ عندما جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرض عليه الأذان الذي سمعه في المنام.. ماذا قال له الرسول الكريم، لم يأذن له بالأذان بل قال له ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا أي أجمل وأحن وأرق، وهذا يدل على أنه لا بد من الصوت الجميل لأداء هذا النداء العظيم بأحكامه، فترى البعض يسارعون في التغني به وهذا جميل ما لم يتجاوز المدود المطلوبة وتفخيم لفظ الجلالة وإدغام الحروف وإخفائها وإظهارها حسب المطلوب إلى آخره، لكن للأسف تجد الكثير من المؤذنين لا يحسنون الآذان فيخطئون فيه، تارة تجد الواحد يقول (الله أكبار)، وهذا خطأ فادح، وآخر (حيا على الصلاة)، إلى غير ذلك.. لا بد من انتقاء الصوت الجهوري الذي إذا سمعته يجذبك إلى الصلاة وأنا مع الصوت الجميل الذي يحبر الآذان تحبيرا، والله الموفق. * أعلن وزير الشؤون الدينية بأنه سيتم انطلاقا من سنة 2014 توفير من يعلم مقامات الآذان على مستوى المعاهد الوطنية للتكوين المتخصص للأسلاك الخاصة بإدارة الشؤون الدينية والأوقاف. ما رأيك في هذه الخطوة؟ وهل تتوفر الجزائر على أساتذة متخصصين يمكنهم تعليم مقامات الآذان؟ -الخطوة المذكورة خطوة مباركة، فلا بد من تكوين المؤذنين أصحاب الأصوات الندية للقيام بهذه المهمة العظيمة وذات الأجر العظيم والحمد لله، وفيه بعض الإخوة المتخصصين في هذا المجال وهذا ليس من الأمر العصيب. * كنت مؤخرا في الهند، ويبدو أن زيارتك لبلد ينظر إليه كثير من الجزائريين على أنه بلد "المجوس وعبدة البقر" قد حققت نجاحا طيبا. ما تلخيصك لنتائج هذه الزيارة؟ وكيف هو حال الإسلام والمسلمين هناك؟ -أحمد الله تعالى أن وفقني للذهاب إلى هذا البلد المملوء بالمسلمين المتشوقين والمحبين للاستماع إلى القرآن، فقد اتصل بي أحد الإخوة وهو هندي الجنسية ويعمل بقطر وقد طلب منه بعض رؤساء الجمعيات الدينية أن يحضر ويختار بعض القراء فكان يبحث في اليوتوب فكنا 10 قراء وكنت الوحيد من الجزائر من بين المدعوين، وقد زرنا 12 محافظة وأقمنا أمسيات قرآنية، وكان الحضور رهيبا.. كانت أول أمسية بمكان اسمه بنكلور حضره حوالي 16 ألف مسلم كما قيل لنا، وكنا كلما نزلنا بمنطقة إلا ونستقبل بالورود.. أذكر أول أمسية قبل الأمسية الرسمية ببنكلور كانت في مدرسة قرآنية نزلنا من السيارة فتعالت أصوات التكبير وكذلك يهتفون (قارئ القرآن سبيل الرشاد) وهتافات أخرى، وأنا أحتفظ بهذه الفيديوهات التي لا أنساها ما حييت، وقد طُلب منا إحضار الأعلام، فكان العلم الجزائري يرفرف في سماء الهند مع الأعلام الأخرى.. كما طُلب منا الأذان فأذنت الأذان العاصمي أثناء المحفل وكان يطلب مني ومن صديقي الكردستاني الدكتور كوجر الأذان أحيانا والحمد لله.. المسلمون هناك متشوقون ومتعطشون للاستماع إلى القرآن الكريم فكانت الأمسيات تقام ابتداء من الساعة 10 أو 11 ليلا إلى غاية 2 والنصف أو 3 صباحا وتلاواتي التي سجلت بالهند كلها تبث حاليا على قناة النهار جزاهم الله خيرا.. ولله الحمد والمنة. لقد كانت بداية هذا العام فاتحة خير، إذ أنني شاركت في كردستان كمحكم دولي في مسابقة قرآنية للرجال والنساء في شهر مارس، ثم ذهبت إلى إيطاليا وفرنسا لإحياء أمسيات قرآنية مع الشيخ حسين وعليلي وأحمد شاوش، ثم بعدها إلى المغرب منذ حوالي شهر للمشاركة في الملتقى الدولي السابع للسماع القرآني، كما وجهت لي دعوة بعدها إلى تركيا لإحياء أمسيتين قرآنيتين بأنقرة وإسطنبول، والحمد لله على نعمه التي لا تحصى. * وزير الشؤون الدينية قال إن جميع القارئين الذين يؤمون الناس في التراويح ينبغي أن يكونوا من حفظة كتاب الله، (مانعا) الاستعانة بالمصحف خلال التراويح. كيف تنظرون إلى قرار؟ وماذا عن سكان بعض القرى والمناطق النائية التي قد لا تتوفر على حفظة القرآن؟ - قراءة القرآن بالمصحف فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من منع ومنهم من أجاز، وقد ذكر بن رجب الحنبلي في كتاب فضل قيام الليل أنه كان بين كبار القراء من يقرؤون بالمصحف، وسئل الإمام مالك رحمة الله عليه في المدونة الكبرى هل يجوز لمن يؤم الناس في القيام أن يقرأ بالمصحف قال رحمه الله: لا أرى في ذلك بأسا، وكذلك أخرج الإمام مالك أن ذكوان مولى أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها كان يؤمها في رمضان ويقرأ من المصحف، فقال العلماء ولا بأس بذلك، وهذا موجود في كتب السنة والحمد لله، وكثير من العلماء سمعناهم من داخل البلد وخارجه سئلوا عن هذا الموضوع، فأجابوا أنه ليس في ذلك بأس وقد سئل مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عن الصلاة بالمصحف في قيام الليل، فقال لا حرج في ذلك، كما ذهب إليه الشافعية بشرط ألا يقوم بحركات تبطل الصلاة. وقال النووي في المجموع: ولو قلب أوراق المصحف أحيانا في صلاته لا تبطل.. من هنا قرر العلماء أن القراءة في الصلاة بالمصحف جائزة. وسئل الزُهري عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف فقال كان خيارنا يقرؤون بالمصحف. هذا ما سألت أهل العلم عنه والله تعالى أعلى وأعلم. * تعيش الأمة الإسلامية على وقع فتن متلاطمة كقطع الليل. كحافظ لكتاب الله الكريم وقارئ مجيد له، كيف تنظر إلى هذه الفتن؟ وكيف يستطيع المسلم أن يواجهها ويتعامل معها التعامل الصائب؟ - الفتن التي نعيشها الآن في مجتمعنا والمجتمعات الإسلامية الأخرى سببها ابتعادنا عن منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحل هو الرجوع إلى الكتاب والسنة، والله أعلم. * رأينا مسلمين يخرجون للاحتفال بفوز مغن في برنامج للهو. متى برأيك نرى المسلمين يخرجون احتفالا بتفوق قارئ قرآن؟ - قارئ القرآن في بلادنا مهمش كليا.. وحسبنا أننا إن شاء الله تعالى ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام. * ما هي كلمتك في ختام هذا اللقاء؟ كلمتي في الأخير هي اقرأوا القرآن فإنه يأت شفيعا لأصحابه، ودعكم من (القيل والقال) فإنه لا يفيدكم شيئا أمام الله، وأقول أن من تكلم في القراء أو أساء إليهم أو أكل حقهم فحسبهم الله يرد لهم حقوقهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..