لطالما وضعها الجميع في وجه المدفع عند كلّ كبوة والكلّ يبدع في تجرحيها ناسين ومتناسين أنها تلعب على عدّة جبهات ومبارياتها لا تلعب على التسعين دقيقة، بل تلعب على شهور وسنوات وقد تمتدّ إلى عقود إضافية. فهي تلعب ضد الفساد المالي والإداري الذي يعتبر الغريم التقليدي لبطولتنا الوطنية، والذي تفوّق عليها في كلّ المناسبات وأثقل كاهلها بالنقاط السوداء التي تدوّن في سجِّل النتائج نهاية كلّ موسم. ورغم محاولة بطولتنا المغلوب على أمرها إصلاح ما يمكن إصلاحه بدراسة نقاط ضعفها واتّخاذ القرارات اللاّزمة في بداية كلّ موسم جديد إلاّ أنها أثناء المباريات تجد نفسها في مصيدة التسلّل التي ينصبها لاعبو الفساد من رؤساء نوادي وحكّام وسماسرة ولاعبين وحتى إعلاميين، والتي تكفل لها العودة إلى نقطة البداية.. كم هي مسكينة بطولتنا الوطنية. أمّا الخصم الثاني للمجني عليها عهو الانفلات، والمعني بالانفلات وبالدرجة الأولى هم اللاّعبون الذين كان لهم بصمة في سجِّل بطولتنا الأسود، ولمّا نقول لاعب لا نقصد كأداء أو مستوى قبل أو أثناء المباريات وإنما نقصد به كعقلية احترافية، حيث أن هذه الصفة أصبحنا نفتقدها في جلّ لاعبي بطولتا إلاّ من رحم ربّي. فتألّق لاعب في موسم معيّن ومساهمته في تحقيق إنجاز لفريقه وحصوله على مستحقّاته بالإضافة إلى حوافز معتبرة هو السبب الأبرز في إفساد عقلية اللاّعب، خاصّة إذا ما أصبح ضمن اهتمامات بعض الأندية الأخرى، زيادة على ذلك دخول أحد عناصر الفساد السالفة الذكر ألا وهو الفساد الإعلامي الذي يساهم بشكل كبير في إفساد عقلية اللاّعب من خلال ما يسمّى (بنفخ اللاّعب إعلاميا). فمقالة ثناء للاّعب كفيلة بتغييره، فبدلا من أن يحسّ اللاّعب بأنه مجبر على العمل أكثر من أجل تحسين مستواه والحفاظ عليه على الأقل يرى نفسه أنه وصل إلى القمّة ويضع لنفسه أولويات أخرى لا تخدمه كلاعب ولا تخدم فريقه فيقلّ الانضباط وتكثر مطالبه، والذي بدوره يضرب الاستقرار داخل المجموعة. كم هي مسكينة بطولتنا الوطنية. وبالحديث عن الند الثالث للمغضوب عليها فهو الشتات، ففي كلّ مرّة تنجب بطولتنا فريقا جيّدا نوعا ما يثلج صدورنا، لكن سرعان ما يضمحلّ هذا الفريق بسبب تشتّت اللاّعبين بين أندية محلّية أو أندية عربية لا تفوقنا مستوى، ونرى أن العناصر السالفة الذكر أحد أهمّ الأسباب في انهيار الفرق. ففي بداية كلّ موسم نرى بعض الفرق تعمل بجدّ في تكوين توليفة تحقّق نتائج إيجابية فيكون لها ذلك، لكن في نهاية الموسم نجد هذه الفرق بمثابة أسواق مفتوحة لبيع اللاّعبين بالرغم من أن خزائنها تكون منتعشة ولا تحتاج إلى سيولة، أي أن معظم أنديتنا تعتمد على عملية البناء قصيرة المدى الذي لا يخدم سمعة بطولتنا في المنافسات الخارجية.. كم هي مسكينة بطولتنا الوطنية. فإلى متى ستصمد بطولتنا؟ وهل من طبيب يضمّد جراحها ويكسر شوكة كلّ أوجه الفساد والمفسدين على حدّ سواء التي تستنزفها شيئا؟ فكم من فرق أحدثت المعجزة وتداركت الموقف في الوقت البدل الضائع.. كم هي مسكينة بطولتنا الوطنية.