نعيش ليلة النصف من الشهر الفضيل التي تطل علينا من كل سنة وتحمل معها عادات وأعرافا ميزت الأسر الجزائرية منذ سنوات خلت، إذ تقدم بعض الأسر على تصويم أبنائها لأول مرة في هذه اليوم بغرض غرس الركن الهام في أذهانهم، وتحبيبه لهم وكذا تعويدهم عليه، ويرافق صوم الطفل لأول مرة مجموعة من العادات والتقاليد الممارسة منذ الماضي احتفالا بصيامه وشجاعته في إكمال يومه من الصيام، كما تقوم بعض الأسر بتحضير الأطباق التقليدية في ليلة النصف وتبتعد قليلا عن الأطباق الرمضانية المعتادة بتحضير طبق ثقيل نوعا ما في ليلة النصف على غرار الكسكس بالمرق أو الرشتة أو الشخشوخة تبعا لعادات كل أسرة، إلا أن النقطة البارزة التي تقترن بليلة النصف تتعلق بتصويم الأطفال لأول مرة لتحبيب الركن إلى فئاتهم وفق ما تحكم به فطرة الإسلام، وتعويدهم على تحمل مشقة الصوم منذ الصغر. واعتادت الأسر على اختيار سن السادسة لتصويم الطفل وتعويده على ذلك الركن الهام وتتمسك بعادات من شأنها أن تحبب الصيام للطفل بإقامة احتفال للطفل في ذلك اليوم، إذ يكون ملك البيت في تلك الليلة بسبب انتصاره في المعركة وإكمال ساعات الصيام بكل عزيمة وتفان، بحيث تذهب أغلب الأسر إلى تحضير العصائر على رأسها (الشربات) من دون أن ننسى مقبلات تلك الليلة ويجتمع أفراد الأسرة حول الطفل أو الطفلة ويبينون فرحهم بإكمالهم صوم اليوم الأول في أول تجربة لهم مع الصيام. في هذا الصدد اقتربنا من بعض السيدات للوقوف على بعض العادات المنتهجة ومدى تمسكهن بها عند صيام الطفل لأول مرة في الوقت الحاضر، قالت السيدة عقيلة إنها قامت بكل تلك العادات في أول صيام لابنتها والذي كان في السنة الماضية، إذ ألبستها جبة تقليدية مرفوقة بالحلي وراحت تضعها في كرسي، وبعد أن أذن المؤذن أول ما قدمت لها هو مشروب الشربات المخلوط بالقرفة ووضعت به خاتما ذهبيا وشربته وهي واقفة على ذلك الكرسي مثلما كانت تفعله جداتنا، ويدل ذلك العلو على وصول الطفل أو الطفلة إلى درجة رفيعة بعد تمكنهم من الصيام أما الخاتم الذهبي فهو تعبير عن ارتفاع شأن الطفل أو الطفلة الصائمة، من دون أن تنسى جمع المقربين من العائلة على رأسهم (جديها وجدتيها) لقضاء السهرة معا احتفالا بصوم ابنتها. أما الحاجة وردة فقالت إنها ترى اليوم أن العادات قد تلاشت في كثير من الأسر كونها على معرفة ببعض الأسر مر صوم أبنائها الصغار لأول مرة مرور الكرام دون النظر في المخلفات السلبية لتلك الأمور، حيث يحس الطفل أن لا قيمة له مما يبعده عن ركن الصيام خصوصا وأن عادات الأمس لها أهداف سامية على رأسها تحبيب ركن الصيام للطفل واعتياده عليه. ورأت أنه وجب العودة إلى ترسيخ تلك العادات في الوقت الحالي من أجل عدم تلاشي تلك الأعراف الحميدة التي ترمي في مجملها إلى المحافظة على ركائز ديننا الإسلامي الحنيف وقيمه الخالدة.