تعتبر عادة تصويم الطفل لأول مرة عرفا ملزما لدى اغلب العائلات الجزائرية وذلك من اجل تعويد الطفل على القيام بركن مهم من أركان الإسلام ألا وهو الصيام، بحيث يعكف الأولياء على تعليم الصوم للأبناء وتعويدهم عليه منذ الصغر لكي يكبروا وتترسخ في أذهانهم تلك العادة الحميدة التي بني عليها الإسلام، وعادة ما يبدأ تصويم الطفل في سن السادسة أو السابعة لكي يعتاد على الصوم قبل البلوغ سواء بالنسبة للطفل أو الطفلة ويسهل عليهم الصوم بعد بلوغهم. نسيمة خباجة لكننا لا ننكر أن بعض الأسر أهملت ذلك الجانب مما يؤدي إلى انحراف سلوك الطفل بعد كبره وقد يصل الأمر إلى حد إهمال ركن الصيام وانتهاك حرمة الشهر الفضيل. ولعل أن إطلالة شهر الصيام في موسم الحر في السنوات الأخيرة ستجعل المهمة ثقيلة على بعض الأولياء لاسيما وان الصيام في أوج الحر يستعصى حتى على الكبار لما فيه من مشقة وتعب فما بالنا الصغار، ووجدت الكثير من العائلات صعوبة في تكريس تلك العادة الحميدة وتخوفت كذلك الكثير من الأمهات على خطو تلك الخطوة في أوج موسم الصيف خاصة بعد تلك الحادثة التي حدثت في هذه السنة في ولاية الوادي حيث توفي طفل صغير في أوائل شهر الصيام بعد أن أقدم على الصيام لأول مرة، ولم يتحمل العطش وكان قد اخبر أمه بالأمر إلا أنها طالبته بغسل وجهه وتبليل فمه قليلا دون ابتلاع الماء لتعلمه الصبر، إلا انه استمر على حالة العطش التي أودت بحياته قبل الإفطار فشاء القدر أن يقابل ربه وهو صائم. الأمر الذي أدى إلى تخوف الكثير من العائلات من خطو تلك الخطوة في هذه السنة وأباحت لأطفالها الصغار الإفطار كل يوم بالنظر إلى الحرارة الشديدة وتخوفها من عواقب تصويمهم. وفي هذا الصدد تقول السيدة مليكة أنها تتخوف كثيرا من تصويم ابنتها التي تبلغ من السن تسع سنوات خاصة وان الوقت حان لتعويدها على الصيام إلا أنها وجدت صعوبة مع اقتران شهر الصيام بموسم الحر وعلى الرغم من أن ابنتها لها إرادة قوية في الصيام فهي تتخوف من عواقب تصويمها لاسيما وإنها ضعيفة البنية. أما السيدة زاهية فقالت أنها قامت بتصويم ابنها البالغ من العمر سبع سنوات في اليوم الثاني من رمضان وما إن حان منتصف النهار حتى ظهر على ملامحه الشحوب والاصفرار فما كان عليها إلا إجباره على عدم إكمال اليوم على الرغم من امتناعه، خوفا من المخاطرة بصحته. ومن الأمهات من رحن إلى حل وسط بتصويم الأطفال لنصف يوم في المرة الأولى ثم ليوم كامل في المرة الثانية، ووجدنها أنها حيلة مجدية أبعدت عن أبنائهن المخاطر، ذلك ما أوصت به الطبيبة العامة "ع نبيلة" التي استقبلتنا بعيادتها وقالت أن تصويم الطفل في مناخ حار ودرجة حراراة عالية ليس بالشيء السهل، خاصة وان الأطفال الصغار ليست لهم القدرة على تحمل العطش ويوصى مرارا بتقديم الماء لهم بصفة مستمرة في موسم الصيف لإبعاد أجسامهم عن الجفاف وتفادي العواقب الخطيرة لذلك، فوجب على الأولياء عدم المغامرة بحياة الطفل ولا نطمح بذلك إلى إلغاء العادة الحميدة التي تعوّد الأطفال على الصيام بعد كبرهم، وإنما على الأولياء التحكم في الأمور ورقابة الطفل رقابة مستمرة وهو صائم وأمره فورا بالإفطار إن هو تعب أو عطش، فرمضان مدته ثلاثون يوماً، والفرصة للأولياء في كامل تلك المدة لتعويد أطفالهم على الصيام ووجب عليهم اختيار أيام معتدلة الحرارة وإبقائهم بالمنازل صائمين لوقايتهم من لفحات الشمس المحرقة التي تزيد من إحساسهم بالعطش وعدم قدرتهم على تحمله.