يستعد شهر رمضان الكريم لطي أيامه والرحيل حيث يعيش الجزائريون أيامه الأخيرة، بين مستفيد منه ومستثمر، وآخر ضيعه في الملذات والأكل والشهوات، ومن الظواهر العديدة التي تميز الشهر الفضيل في البيت العلاقات بين الحماة والكنة، وقد حاولنا استطلاع الأمر في هذا الشهر الفضيل لنرصد يومياتهم في هذا الشهر المبارك، لاسيما مع شيوع أدبيات غير مشرفة في أعرافنا وتقاليدنا من قبيل بعض الأمثال والحكم الشعبية، والتي يكفي في التدليل عليها مقولة (إذا اتفقت الحماة والكنة يدخل إبليس للجنة). في هذا الشأن ارتأينا الاقتراب من بعض العائلات الجزائرية لمشاركتهم في يومياتهم، خاصة منها ما يتعلق بطريقة التعامل والتصرفات اليومية مع الكنة والحماة نظرا لكثرة الشجارات والخصومات التي تحصل بينهما لأسباب عديدة تختلف من أسرة إلى أخرى، ولعل أبرزها الغيرة التي تنبع من الزوجة أو الأم اتجاه الطرف الآخر وهو الزوج الذي يكون حلقة الصراع ومداره، فيجد نفسه في موقف لا يحسد عليه يتأرجح على عصا طرفاها الإحسان والطاعة. للتعرف على ذلك قمنا بأخذ آراء بعض النساء الجزائريات حيث اختلفت طريقة معاناتهن أو راحة بالهن من زوجة لأخرى ومن حماة لأخرى، فالسيدة (زهية) التي تبلغ من العمر 27 سنة متزوجة منذ حوالي سنة وأم لطفلة روت لنا ما أسمتها بالمأساة مع حماتها المتسلطة حسب قولها حيث تقول: (أستيقظ باكرا على صوتها المزعج لأبدأ بالتنظيف والغسيل وإعداد الطعام وكل ما يلزم من واجبات منزلية سواء صغيرة كانت أم كبيرة كلها تقع على عاتقي، ويا ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى تحريض زوجي علي بمجرد دخوله للمنزل وتخبره أنني أسيئ معاملتها ولا أطيعها بل صارت تقنعه على أنني لا أقدم لها الطعام وأشياء أخرى لازلت صابرة عليها). لتضيف سيدة أخرى (حياة) التي تبلغ من العمر 34 سنة مطلقة حديثا بسبب مشاكل بالبيت مع حماتها، حيث تقول في حديثها: (لقد انتظرت من شهر رمضان الذي نحن في بداياته الكثير من الأمور والتغييرات ومنها أن تهتدي حماتي إلى طريق الحق وأن تبتعد عن المشاكل ولكن لا شيء من هذا حصل، ففي الأسبوع الأول من رمضان قام زوجي بضربي تحت ضغط الصيام وكلام أمه المسموم، حيث ساءت علاقتي به، لأترك البيت متوجهة إلى بيت والدي إلى أن تتضح مكانتي في البيت الذي يكون لحماتي، حيث لا تفوت دقيقة دون أن تذكرني أن المنزل ملك لها ولبناتها المتزوجات وكأنني قطعة زائدة متناسية أنني زوجة ابنها وهي من أقدمت على خطبتي له). ولكن قد تكون الحماة ملاكا وطالبة للعافية في الوقت الذي تدخل فيه الكنة إلى البيت من بابه الواسع، وتحاول تغيير بعض عادات البيت ومحاولتها لفرض سيطرتها وحبها للتملك مثلما حدث مع السيدة (حورية) التي تبلغ من العمر 61 سنة التي التقيناها بسوق الخضر والفواكه بالأبيار لاقتناء ما يلزم لمائدة رمضان، حيث تقول: (لم أضع يوما في الحسبان أن زوجة ابني التي فرحت لخطبتها وتزويجها من ابني الوحيد أن تملأ البيت حقدا وكراهية وتفرقة بين أفراد الأسرة الواحدة، حيث أصبحت تحرضه علي، فصار لا يسمع كلامي ويتهمني أنني أكره زوجته وأؤذيها). من جهته أبدى (علي) رأيه في الموضوع فيما يخص هذه النقطة بالذات، حيث يقول: (خلافات الحماة والكنة توجد منذ الأزل البعيد ولكنني عرفت نوعا من السلام والأمن خلال الأيام الأولى من رمضان)، ليضيف لحديثه (يا ليت رمضان يبقى).