يشكل ارتشاف قهوة (الفرارة) في السهرات الرمضانية قمة النشوة لدى عدد كبير من سكان الجلفة الذين لا تحلو لهم متعة السهر دون الاستمتاع بنكهة هذه الخلطة السحرية. وقد يبدو الأمر غريبا عند معرفة أن تركيبة (الفرارة) التي يكثر عليها الطلب في سهرات الشهر المبارك بمقاهي مدينة الجلفة لاسيما منها التقليدية لا تجمع سوى سماد القهوة والسكر المضاف، حيث يكمن سر هذه الخلطة التي تطول مدة ارتشافها في فناجين فخارية في طريقة تحضيرها التي يغلب عليها الطابع التقليدي. وفي حديث أجرته مع أحد أبناء المرحوم الحاج أحمد علاوة صاحب مقهى (لقرع) بوسط مدينة الجلفة التي تعتبر معلما من معالم المدينة أشار هذا الأخير إلى أن (الفرارة) تحضر من خلال وضع ملعقتين من سماد البن بما يقابلها من مادة السكر وكمية من الماء تغلى جميعها على نار هادئة في إناء من الزنك يسمى (الجيجوا). وتسكب في الأخير هذه القهوة المحضرة بطريقة خاصة في فناجين فخارية تقدم للزبائن الذين يفضلون ارتشافها ببطء في وقت طويل حتى ينزل سماد القهوة قاع الفناجين. وأضاف المتحدث بأن (الفرارة) تعتبر عشق الجلفاويين ومتعتهم التي يشتهونها وهم يتسامرون ويتبادلون أطراف الحديث. وعن السر في تميز كثير من مقاهي الجلفة ب (الفرارة) التي هي مسمى قديم كثير ممن أرجعه لحقبة تاريخية غابرة يعود لكون سكان الجلفة معروفين بحبهم للقهوة التي تحضرها العائلات صباحا ومساء وتسهر على تقديمها في صينية نحاسية وبفناجين مرتصة بطريقة منتظمة للضيوف، ويعتبر ذلك أول ما يكرم به من يحظى بمكانة الضيف أو الزائر عند العائلة الجلفاوية. للإشارة تقوم الأسر والعائلات التي تقطن بالمناطق الريفية بولاية الجلفة بتحضير القهوة التي تماثل (الفرارة) ولكن تختلف التسمية عندهم فتدعى القهوة (المخلطة) وهي قهوة تشتهيها النسوة التي تحضرها بشكل مكثف وتقدم مناسبتيا.