حين كان رئيس المؤتمر الوطني العام نوري بوسهمين ينصب العقيد عبد السلام جاد الله العبيدي رئيسا لأركان الجيش الليبي يوم الأربعاء الماضي، كانت مجموعة من الضباط تخطط لإطلاق رئاسة أركان موازية تشرف على تعيين الرئيس، وطلبت في أول بيان رسمي لها تجميد قرار المؤتمر الوطني تعيين جاد الله. وفيما يبدو أنها بوادر أزمة داخل مؤسسة الجيش الليبي بين رئيس الأركان جاد الله الذي تعهد في أول تصريح له عقب ترقيته إلى رتبة لواء ببناء جيش وطني قادر على حماية ليبيا، وبين الضباط الذين يقولون إنه غير قادر على بناء المؤسسة العسكرية، أكد رئيس أركان الجيش السابق سالم أقنيدي استياء الضباط لتعيين ضابط برتبة عقيد في هذا المنصب. وحسب أفنيدي فإن الضباط لديهم هيئة عسكرية تحل محل رئيس الأركان مكونة من 15 ضابطا عرضوا أفكارهم على رئيس المؤتمر الوطني العام بوسهمين واقتنع بها ووعدهم بتنفيذها، لكن الأخير لم يأخذ بها. وقال إن الرأي الفردي لن يخدم المؤسسة العسكرية في الوقت الحالي، موضحا أن الهيئة الجديدة هي التي تشرف على تكوين الجيش إلى حين قيام الدولة. وقال إن مجموعة -لم يحددها- تقود المؤتمر الوطني العام هذه الأيام، لم يستبعد أن تكون قد أثرت في قرار تعيين جاد الله، مشددا على أن المؤتمر لم يراع أقدمية الرتب العسكرية عند تعيينه، ومؤكدا أنه حذر في السابق لجنة الدفاع بالمؤتمر الوطني من التدخل في عمل الجيش، ولكن (لا حياة لمن تنادي). وتوقع أقنيدي بشكل صريح رفض أوامر رئيس الأركان الجديد، مؤكدا أن الرتب الكبيرة في الجيش لن تنفذ الأوامر العسكرية وسترفض تعليماته، لكن الناطق الرسمي باسم الرئاسة العقيد علي الشيخي طالب عبر صفحة رئاسة الأركان الرسمية على فيسبوك جميع منتسبي الجيش الليبي الالتزام بما أصدره المؤتمر الوطني العام والالتفاف والتعاون مع رئيس الأركان الجديد عبد السلام جاد الله الذي وصفه بأنه (أحد قادة الجبهات أثناء الثورة، وأحد منتسبي القوات الخاصة التي لها مكانة في نفوس الليبيين). كما دافع رئيس لجنة الدفاع بالمؤتمر الوطني العام محمد الكيلاني عن قرارهم، داعيا إلى إبراز الأدلة ضد رئيس الأركان جاد الله، مؤكدا أن الأخير نفى صلته بجماعة الإخوان المسلمين المتهم بالانتماء إليها في اجتماع خاص بمقر المؤتمر الوطني، وأن المؤتمر الوطني "لن يعتد بالأقاويل بدون أدلة". أما في رده على بيان الضباط، فقد دعاهم إلى الحوار والتشاور، مؤكدا أن اختيار رئيس الأركان جاء وفق معايير الكفاءة والنزاهة والوطنية، وأن اختياره جاء بعد فرز ملفات 40 مترشحا لهذا المنصب، مؤكدا أنه قاد العمليات العسكرية في جبهة البريقة إبان حرب التحرير الأخيرة. وأكد العضو في هيئة الأركان التي تأسست قبل بضعة أيام في بنغازي فتحي المسماري أن الضباط وحدهم هم المختصون باختيار رئيس أركان من بينهم، وأن المؤتمر الوطني العام -أعلى سلطة تشريعية- ليس من اختصاصه تعيين الرئيس. وتوقع آمر لواء حماية الجنوب عادل البوسيفي أن يسير رئيس الأركان جاد الله على نهج رئيس الأركان السابق اللواء يوسف المنقوش الذي قال إنه اتبع نهج القذافي بتهميش الجيش الليبي النظامي ودعمه للكتائب الأمنية التي كانت تعمل ضد ثورة الشعب الليبي. وردا على قرار المؤتمر الوطني قال البوسيفي إن أهل مكة أدرى بشعابها، مدافعا بشدة عن دورهم في الثورة التي أطاحت بالقذافي، وذلك في رده على اتهامهم بالهروب من جبهات القتال إلى تونس ومصر والبقاء في بيوتهم إلى حين إعلان تحرير ليبيا يوم 23 أكتوبر 2011. كما وصف البوسيفي قرار المؤتمر الوطني العام بتعيين جاد الله بأنه (باطل) ولا يعتد به، (إذ لا يود المؤتمر الوطني احترام إرادة الضباط ورغبة الشعب)، مؤكدا أن رئيس الأركان الجديد ليس له سلطان عليهم.