كنوز شهر رمضان فرحتان للصائم يقول صلى الله عليه وسلم: للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه . ينص الحديث على أن للصائم فرحتان: فرحة عاجلة وفرحة آجلة. فرحة الصائم العاجلة فهو قوله عليه الصلاة والسلام: إذا أفطر فرح بفطره والفرح هنا يشمل فرحة الطاعة وفرحة الجبلة وفرحة الطاعة هي التي يفرح بها الصائم من أجل ما يسر الله تعالى له من إتمام الصوم وفرحة الجبلة هي فرحته من إباحة ما منع منه من الأكل والشرب ومن ثم يكون الفرح عند الفطر على الضربين: 1-الفرح الحاصل عند الفطر اليومي بعد القيام بصوم ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس. 2-فرحة عيد الفطر الحاصلة عند انتهاء شهر رمضان. وهذا الفرح – بالمعنيين- يحصل طبيعيا وله من الحلاوة في القلب لا يعرفها ولا يجدها إلا صائم حقا ولكن قد يعصب تصويرها والحديث عنها وهو من أتم الفرحة المتصلة بأمر مشروع ومن فوائده في الغالب أنه كان يذهب الهم ويكسر الحزن ويبعث في النفس البهجة وينشط القلب ويجدد حيوية الجسم. وقال ابن رجب: أما فرحة الصائم عند فطره فإن النفوس مجبولة على الميل إلى ما يلائمها من مطعم ومشرب ومنكح فإذا منعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم أبيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه خصوصا عند اشتداد الحاجة إليه فإن النفوس تفرح بذلك طبعا فإن كان ذلك محبوبا لله كان محبوبا شرعا. *فرحة الفطر والصائم عند فطره كذلك فكما أن الله تعالى حرم على الصائم في نهار الصيام تناول هذه الشهوات فقد أذن له فيها في ليل الصيام بل أحب منه المبادرة إلى تناولها في أول الليل وآخره فأحب عباده إليه أعجلهم فطرا والله وملائكته يصلون على المتسحرين فالصائم ترك شهواته لله بالنهار تقربا إلى الله وطاعة له ويبادر إليها في الليل تقربا إلى الله وطاعة له فما تركها إلا بأمر ربه ولا عاد إليها إلا بأمر ربه فهو مطيع له في الحالين ولهذا نهى عن الوصال في الصيام فإذا بادر الصائم إلى الفطر تقربا إلى مولاه وأكل وشرب وحمد الله فإنه يرجى له المغفرة أو بلوغ الرضوان بذلك . وهذه الفرحة العاجلة داخلة في عاجل بشرى المؤمن ومن دلائل محبة الله تعالى للصائم وقبول عبادته. فرحة الصائم الآجلة هي الفرحة العظمى التي يجب أن تصحب الفرحة العاجلة وجديرة أن تستغرق الذهن كي تكون دافعا للصائم عند فطره نحو مزيد الجد في الطاعات والأعمال الصالحة وإلى إيثار الدعة والراحة والكسل رجاء تمام الفرحة عند لقاء ربه عز وجل. قوله عليه الصلاة والسلام: وإذا لقي ربه فرح بصومه وما أجل وأروع فرحة غامرة! وما أسمى العبادة التي توصل العبد إلى نيل جائزة اصطفاها رب العالمين لنفسه: والصوم لي وأنا أجزي به والصيام عبادة سامية وعجيبة يورث صاحبه الفرحة الكبرى وأحسن السرور وأكمل اللذة.